في شبوة.. من يجرؤ على الكلام!

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
أمام منزل ومعرض السيارات الخاص بالتاجر محمد صالح الهمامي، تربض سيارة تابعة لقوات الأمن بمحافظة شبوة، مهمتها إلقاء القبض عليه فور وصوله إلى منزله أو مقر عمله، ومن مهامها أيضاً (منع) أي زبون محتمل دخوله المعرض، وكانت هذه القوة الأمنية قد أنجزت بنجاح منقطع النظير القبض على شقيق التاجر المطارد ويدعى (محسن صالح)، وقادته إلى السجن، قبل أن يخبرهم أحد العقلاء الذي فتح الله على بصيرته وعقله، أن المقبوض عليه - شقيق الهمامي - يبدو طفلاً لا يتجاوز عمره الـ (8) سنوات تقريباً، ولحظتها فقط تيقن الأشاوس أن أسيرهم (المقبوض عليه) على ذمة النزاع، هو فعلاً طفل صغير .. فلربما أنهم ساعة القبض عليه لم يتفحصوا هيئته، ولم يتيقنوا من عمره، فقرروا في لحظة الحقيقة المعيبة، أن يخجلوا من أنفسهم ومن سلوكهم، وأن يطلقوا سراح الطفل (الرهينة) لينضم إلى أقرانه الصغار حيثما كانوا دون أن يعلم شيئاً من كل ما حدث وصار!

محمد صالح الهمامي كان قد اشترى قطعة أرض في (عتق)، ثم قامت جهات رسمية بسحبها منه وضمها للمساحة الواقعة داخل سور مبنى المحافظة دون أن يحصل على التعويض المناسب، ودون أن ينصفه القضاء الغائب أساساً عن مهامه الرئيسة، ولم تستطع حتى السلطة المحلية أن تنصفه وتنفذ ما توصلت إليه اللجنة الخاصة بمعالجة قضيته، بل إنها تجاوزت دورها المفترض انحيازه لصالح المواطن، وانساقت وراء طابور الجبروت وساهمت في تعزيزه بحجزها محاضر الاتفاق عن نور العدالة، وفي حالة كهذه .. يستوجب على الهمامي أن (يخضع) وأن (يذعن) للباطل، وأن يقبل ما يفرزه ويقرره الأمر الواقع، مهما بدا ظالماً ومهما ظهر متجبراً وقاهراً لإرادة الإنسان وسالباً لحقوقه ومعتدياً على كرامته .. ولأن الهمامي رفض أن يخضع لقانون القوة، فقد تم تجييش وحشد كل عناصر القوة ضده من أجل أن يقبل وأن يذعن بما لا يقبله أي إنسان متمسك بالحق، حتى في حدوده الدنيا!!

مفارقات الأمر الواقع كانت في صف الهمامي على غير المتوقع، وكأنما أرادت أن تبرز الظلم الواقع عليه وتجسده حتى أمام من ظلموه، وذلك حينما دشنت مقطعاً مثيراً من فيلم يمكن تسميته بـ ( صراع الجبابرة) في منطقة قريبة لا تبعد كثيراً عن (بقعته المصادرة) وكانت قوات (الدفاع الجوي) الشريك الرسمي في أي خلاف أرضي وليس جوياً، بطلة الصراع مع عتاولة المحافظة من المسؤولين الرسميين، وكانت قمة الإثارة وقمة المفارقة أن هذه القوة (الرسمية) رفضت وبقوة وجبروت السلاح الانصياع لأوامر محافظ المحافظ الذي أمر بهدم البناء العشوائي الذي يفصل ما بين سور ملعب نادي التضامن وما كان يعرف سابقاً بمقر( لواء باصهيب)، وتمكنت هذه القوة الباسلة وتحت قوة السلاح وعنجهيته، أن تعيد بناء ما تم هدمه من دون أن يتمكن أحد من قوات الأمن، الذين استقووا على الهمامي وتجبروا على طفلنا المسكين، من ردعهم أو إيقافهم عن مخالفتهم البينة وتحديهم السافر لتعليمات وتوجيهات أعلى سلطة تنفيذية في المحافظة.

وازدادت الصورة قتامة ووصل المشهد ذروته الساخرة، حينما توجهت إلى مقر النزاع الجديد لجنة محلية مشكلة من ثلاثة مسؤولين في المحافظة وهم الإخوة: أحمد علي باحاج، نائب المحافظ وعبدالخالق حنش، مدير أمن شبوة ومحمد مبارك، ممثل عن مكتب أراضي وعقارات الدولة، ليس لصد قوات الدفاع الجوي وإفهامهم خطأ ما يقومون به من عمل، وإنما لمجرد رفع تقرير وتوصيات عن الحالة الراهنة، ولكنها لم تتمكن حتى من القيام بمهامها، وفضلت أن تعود إلى مكاتبها تحت وطأة جلجلة الأسلحة و(تخشيرها) في فعل يثبت حتى لمسؤولي الدولة أنفسهم أن لغة السلاح هي اللغة السائدة في المحافظة.

وأمام كل هذا الوضع المقلوب وغير الطبيعي تراجعت اللجنة .. وانسحبت من مسرح الحدث إلى مكاتبها (التنفيذية)!! وبقيت (أطقم) الدفاع الجوي تحرس (البقعة) الخاصة بمتنفذي الدفاع الجوي، في حين بقيت قوات الأمن تحرس معرض (الهمامي) ومنزله وحتى بقعته، وبات عنوان كتاب الكاتب الأمريكي بول فيندلي (من يجرؤ على الكلام) أقرب ما يكون إلى وصف الحال المعيب في محافظة شبوة.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى