تمخض (المشترك) .. فولد فأراً!

> احمد عمر بن فريد:

>
احمد عمر بن فريد
احمد عمر بن فريد
كانت شخصية وطنية كبيرة قد أوجزت لي في رسالة قصيرة قبل أشهر قليلة مضت، أن ما تقوم به أحزاب اللقاء المشترك ليس سوى (فقاقيع وألعاب بهلوانية) وأنها في لحظة الحقيقة الحاسمة (ستنيخ) ركابها بجانب القصر الكبير، وستقبل بما قد يجعل منه مفاجأة حتى لخصومها في السلطة، وحذرني من زيادة التفاؤل والإفراط فيه وفقاً لتوقعاته الشخصية وتجاربه الكبيرة، وكنا نقول حينها إن مثل هذا التراجع لا يمكن أن يحدث، بالنظر لقيمته السلبية الباهظة على (المشترك) وقياداته، ووفقاً للحسابات السياسية الصرفة، إذ سيخسر (المشترك) في لحظة واحدة كل ما بناه وما زرعه من عوامل ثقة بينه وبين المواطن العادي .. وقلنا إنه لو حدث مثل هذا التراجع سيمثل ضربة موجعة لهذا التجمع الوليد من جهة، وعامل استقواء أكبر للحزب الحاكم من جهة أخرى، وهو الذي سينتهز الفرصة بما يظهر ويبرز (المشترك) وكأنه ليس سوى تجمع يبحث عن مصالحه الذاتية لا عن مصالح الوطن والمواطن .

ولأننا في اليمن التي لا تخضع أحداثها السياسية لقوانين المنطق والحسابات السليمة فقد كانت الانتكاسة كبيرة ومدوية، ومثل توقيع قيادات (المشترك) على اتفاقية المبادئ، إقراراً ذاتياً بالهزيمة والعجز والقبول بالبقاء في الصندوق الصغير بإرادة ذاتية مستغربة!

اللقاء المشترك قبل من جديد (فتات) قسمة هزيلة، وتنازل عن جميع القضايا الكبيرة التي ملأ الدنيا ضجيجاً من أجلها وحولها، وقبل حتى المشاركة في تعديل الدستور من أجل أن يضفي الشرعية على حصته الزهيدة المتمثلة في قبوله إضافة عضوين من جانبه إلى قوام اللجنة العليا للانتخابات ليكونوا شهود زور على ما سيحدث مستقبلاً أمام أنظارهم جميعاً من تلاعب بالمال العام وتزوير لإرادة الناخبين.. تنازل اللقاء المشترك ونسف كل محتويات ورقته الرائعة التي تقدم بها قبل أسابيع قليلة، حول ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وقبل التوقيع على اتفاقية مبادئ لا تتجاوز صفحة واحدة فقط ومؤلفة من (12) باباً صغيراً ومختصراً!!

وقع (المشترك) اتفاقية صغيرة في حجمها وفي مضمونها .. ورقة تزرع الإحباط واليأس بعباراتها المطاطية التي تبدأ بكلمات من قبيل: (لا يجوز أن ) .. و(يحظر) .. و( يمنع) استخدام المال العام، أو الإعلام الرسمي أو الوظيفة العامة!!.. وكأنما هذه الكلمات البسيطة سوف تقوم بإصلاح كل ما أفسده الدهر، أو كأنما هي ستمثل (آلية فعالة) وضمانة حقيقية، لتنفيذ ما تم الاتفاق على تنفيذه!!.. حقاً إنني أستغرب وأستعجب كيف يمكن لقيادات المشترك الخبيرة والمجربة، أن تقبل التوقيع على اتفاقية مبادئ بهذه السطحية وبهذا التبسيط!! وكيف يمكنها أن تختزل كل معاناة الوطن الكبيرة بمثل هذه (الاتفاقية) الصغيرة.

نعم علينا أن نقر وأن نعترف.. أننا قد راهنا بكثير من السذاجة على إمكانية أن تنتقل مراكز القوى التقليدية في بلادنا، من حالة النظر للوطن من منظار (العزبة الخاصة) إلى حالة متقدمة تعطي لكل أبنائه الحق الدستوري في التأثير والتأثر .. ولكن أحلامنا سقطت مدوية في لحظات وجيزة!! وربما أن هذا السقوط كان قد استشعر حرارته خطوط الهاتف غير المنقطعة ما بين مراكز القوى ذاتها، التي فاخرت وتفاخرت به عبر لقاءات صحفية جاءت على شكل فلاشات صغيرة مقززة للنفس، قبل أن نستشعر نحن الباحثين عن الوطن خيبة الأمل الكبيرة على حين غرة.

نعم .. علينا أن نواجه الحقيقة المرة، وقد تبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وتبين لنا أن الوطن الكبير سيبقى بحساباتهم الصغيرة مجرد غنيمة كبيرة، وستبقى قواعد العمل الديمقراطي مجرد ألعاب ساذجة يمكنها أن تحرر مقدرات الوطن (الكبيرة) من أيديهم (الصغيرة) ويمكنها أن تفك عقاله من جشعهم الكبير الذي لا حدود له.

وحسناً فعل حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) حينما خرج من بين المجتمعين رافع الرأس، رافضاً مثل هذه الاتفاقيات الهزيلة ومثل هذا التسطيح البين لقضايا الوطن الكبيرة، وحسناً سيفعل تيار إصلاح مسار الوحدة حينما سيرفض مثل هذا الاتفاق.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى