أيــام الأيــام..من أجل عمل سياسي أكثر شفافية في عدن

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
ليس هناك ما يخالف الطبيعة البشرية في شيء أن يكون التحرك الجماهيري في مربعات الممكن سياسياً ووفق اتفاق الناس دستورياً وقانونياً يصب في صميم تجذير البنى الفوقية للدولة.. والديمقراطية سقف ارتضاه الجميع في هذا الوطن، رغم عوامل الحت التي تمارس كرياح السموم في صحاري العرب فلا تبقي من الحقوق والحريات سوى قلامة صغيرة كقلامة الظفر تلك التي ذكرها عبدالله بن المعتز في إحدى أشهر قصائده:

ولاح ضوءُ هلالٍ كاد يفضحنا *** مثل القلامة قد قُدّت من الظفر

فمن هذه المدينة.. عدن قد شعّ نور الحداثة والمدنية بفضل نضالات الطلائع من رواد النهضة التي شهدتها المدينة عشية الحرب العالمية الثانية، ومارس الناس حقوقاً اكتسبوها بوعي الإدراك لما هو متاح في ظل الإدارة البريطانية، وحققوا أكثر مما أرادته لهم تلك الإدارة بفضل نضالاتهم الحثيثة، فكان السبق لعدن أن تتشكل فيها الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، ناهيك عن صحافتها الزاهرة، وتطورت مستويات الأداء السياسي والثقافي للناس لتصبح عدن قبلة الجميع سياسيين وطلاب علم أو عمل من كل أرجاء الوطن.

هذا هو ميراث المدينة موصول بعطاءات أبنائها في كل المراحل حتى اليوم، وقد كان تقرير مغلوط قدم إلى مؤتمر الحكم المحلي الأخير في صنعاء أن يتسبب بما هو أسوأ من فضيحة، بوصم عدن بعدم أهليتها لممارسة الحكم المحلي، وهي التي عرفت الانتخابات البلدية الحرة والنزيهة منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وتأسست بلديتها في العام 1888م. وإذا كان الأخوة المسئولون قد فندوا ذلك الخطأ واعتذروا عنه، فإن موقف الأخوين يزن سلطان ناجي ونضال باحويرث الشجاع من قوام المجلس المحلي بعدن في التصدي ومراجعة الحقائق كما هي واضحة في تاريخ عدن العريق، يحسب هذا الموقف لهما.

ويبدو من التدقيق في بعض الممارسات التي تقدم عليها الأجهزة الأمنية بين تارة وأخرى تجاه فعاليات نقابية وسياسية تنظمها في عدن جهات شرعية بموجب القانون والدستور، أحزاب أو هيئات معترف بها، أن هناك توجساً ما وخوفاً غير مبرر يصادر بوعي أو بدونه ما يكفله الدستور للمواطنين مثل الاعتصام الذي دعت إليه نقابة المهن التعليمية وجرى تجييش الأجهزة الأمنية لأفراد يفوقون المعتصمين عدداً، وآخره - ونتمنى أن يكون آخراً - فض اجتماع لأحزاب اللقاء المشترك في عدن بأزيز الرصاص وخراطيم المياه والاعتقال، بينما نرى تظاهرات مشابهة تتم في أماكن أخرى دون أن نرى هذا التضييق المتعمد في مدينة اعتادت على العمل السياسي المنظم ويمثل سكانها طليعة المتعلمين والمتنورين في اليمن.

إنه لمن الأجدر أن يترك للناس حرية العمل والتحرك السياسي الذي كفله دستور الجمهورية اليمنية للجميع، للتنفيس عن إراداتهم التي اختاروها بقناعاتهم، فمثل هذا التضييق لا يخدم تطور الممارسة الديمقراطية ولا يخدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى