ناظرون

> علي عمر الهيج:

> يا إلهي ما أكثر المشاريع التي نُصبت لها أحجار أساس من وطني السعيد .. ويا إلهي كم هي مهولة تلك المليارات التي رسمت على جدران الوطن بغية البناء والعمران والتنمية والديمقراطية والتحديث وإعمار دولة النظام والمؤسسات.

لكن ياللهول، ففي زاوية الوطن ما أكثر الجياع المفترشين على امتداد وديان وسهول وجبال وقرى هذا الوطن الثائر .. مواطنون يكابدون المعيشة بشق الأنفس، يعملون بجد واجتهاد، يلهثون في المصانع والحقول والمؤسسات أملاً في معيشة كريمة يتزاحمون كالجراد على أبواب ونوافذ مكاتب التأمينات والمعاشات ومراكز البريد لحصد حفنة ضئيلة من الريالات تتفتت سريعاً في أول مواجهة مع أبسط ضائقة من حوائج الحياة. كم هم عظيمون هؤلاء البسطاء الطيبون الذين تسلحوا بالأمل والصبر الطويل على مدى سنوات عجاف.

مؤسف ورب العرش أن لا يكافئ هؤلاء المجاهدون بلفتة كريمة عابرة تقيهم بعضاً من شرور الجوع والمرض وتهبهم الأمان والحرارة بشتى صنوفها.

يا إلهي كم هو مهول وفظيع ذلك الاهتمام بالرصيف والحجر والممرات والطرقات .. يزخرفونها ويطلونها ويلبسونها الالبسة .. يقيسون لها مع إشراقة كل صباح مقاسات جميلة وأنيقة .. يفرشون بجانبها العطورات والرياحين والورود، يرصعون التراب .. يحمونه من عوامل التعرية والحرارة بالرخام الأحمر والأخضر المطرز.

يا إلهي كم هو مؤلم أن يظل ذلك الإنسان في ذيل برامج الرعاية والبناء والاهتمام .. مواطنون عراة أذهلتهم بمرارة تلك الفوضى السياسية الصاخبة التي ملأت الأرض وعوداً وبشائر ذبلت وسقطت سقوط الخائبين .. اليوم هناك أناس جياع تشربت وجوههم بالحزن والقنوط من هول العواصف السياسية التي جرفت وتجرف معها كل آمال الرحمة والطموحات والبشائر.

ما أكثر النظم واللوائح والقوانين التي شرعت أملاً في نشر الخير للإنسان .. وما أكثر الصفحات والبنود والفقرات التي صيغت في اللغة والتجويد والتفسير والنحو وعلوم الحساب والجبر والهندسة لدرجة أن فقهاء وعلماء النهضة لن يفلحوا في عمقها وتنظيراتها أي شيء مطلقاً.

لماذا فشلت هذه القوانين؟ وهل تعذر عليهم ترسيخ العدالة والانصاف؟

إن الرحمة فوق العدل يا أحبتي .. هل تفقهون هذا ؟.. اللهم أغثنا بالخير والرعاية يا أرحم الراحمين .. اللهم آمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى