مؤسسة أصيلة همها تعذيب المواطن

> سلوى صنعاني:

>
سلوى صنعاني
سلوى صنعاني
أصيلة هي ووفية المؤسسة العامة للكهرباء لأنها ذكرتنا بماضينا وأصالتنا. عادت بنا أربعين عاماً إلى الخلف .. ذلك الماضي الجميل الخللي من الآه وتراكم الديون، حين كنا نتجمع في المنزل حول الفانوس.

قبل أن يدنو الظلام ويكسو الحارة نعود جميعاً نساء وأطفالاً وربما يتأخر الرجال، بمجرد أن يؤذن لصلاة المغرب .. يدق جرس العودة إلى المنزل في داخلنا، توقيت يفرضه حلول الظلام.

ونتجمع جملتنا حول الفانوس (المنار) الذي مبكراً تحضره النسوة أو الفتيات الشابات بتجريعه حقنة من الجاز وتنظيف اسطوانته الزجاجية بحرص حتى يشع النور خلاله صافياً لا يترك أي أوساخ عليه مما يعكس أشباحاً وأعمدة تظلل الرؤية.

العشاء يحضر على ضوئه وترهن أي حركة في المنزل باصطحابه معنا. لذلك نظل مستلبين إليه .. وإلى جانب الفانوس كانت (البمبة) أي اللمبة المحلية المصنعة من علبة من الصفيح لها فم يطل من خلاله لسان مصنوع من قماش غليظ لا أدري مما هو مصنوع وبطنها مملوء بالجاز حيث نشعل الفتيل المطل من شدقي فمها لتضيء وتوضع عادة في الحمام وأخرى في المطبخ لأنها تنفت مع الضوء دخاناً يترك أثراً على المكان الموضوعة فيه، لذلك تبعد عن محيط الأسرة حيث تكتفي بالفانوس.

ونتناول العشاء وتفرش ربات البيوت وتعد الفرش للأسرة التي لا تغفو صغارها الا على حدوثة الجدة المخيفة والجميلة معاً ويخفض مع بدئها ضوء الفانوس.

تلك الجزئية من طفولتنا عادت بنا إليها المؤسسة العامة للكهرباء حفظ الله القائمين عليها، التي أيقظتها فينا وجعلتنا نتخبط في ظلمات تعطل كل حركة الحياة.

فلم نجد أمام هذه الانقطاعات الخطيرة بداً سوى العودة إلى ماضينا وأصالتنا باقتناء ثلاثة فوانيس، لأننا في البداية اعتقدنا أنه انقطاع عارض فاضطررنا لإشعال الشموع نزولاً عند رغبة عبدالحليم حافظ رحمه الله «اضووا الشموع» وكل ليلة يا حبايبنا قرطاس شموع ومن الجيب وكأننا في محراب كنيسة أو نحتفل بعيد ميلاد.

ومع مرور الوقت أيقنا بتكرار الانقطاعات وأنها ليست مداعبة عابرة بل مؤكدة ومع هذه الانقطاعات تعطل كثير من الأجهزة وعن ذلك حدث ولا حرج. ولا حياء لدى هذه المؤسسة التي تأتينا بفواتير يشيب لها الولدان. وبكل وقاحة يأتي عاملها كما عكفي الإمام ويفصل عنك التيار الكهربائي إن لم تسارع في التسديد دون أي نقاش وكأنك جندي في مؤسسة عسكرية وتدفع جزية فوق المبلغ قدرها 500 ريال كعقوبة وعدنا في الأخير ونحن قد اجتزنا بوابة الألفية الثالثة وأصحبنا بلداً ديمقراطياً لشعبه ممثلون في البرلمان والمجالس المحلية تستطيع أن تحاسب وزارة الكهرباء للخسائر التي يتكبدها المواطن ومضى عليها أكثر من شهر والمؤسسة مشغولة بالصيانة. ولكن ماذا عسانا نقول اذا كان النواب الكرام لديهم البديل ويستمدون الإضاءة والتكييف من المولدات الكهربائية فكيف سيشعرون بشدة الحر وتضييقه على الصغار والكبار والأصحاء والمرضى. ولكني أعود لأشكر هذه المؤسسة التي أعادتنا إلى الأصالة وأخرجت الفانوس من بيت التراث إلى منازلنا الحضرية!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى