وطن يُدار بالصفقات

> محمد عبدالله الموس:

>
محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس
في حصيلة متواضعة تم دفن كل طروحات (بأن لا صفقات في شأن الإصلاح العام والشامل) بتوقيع اتفاق سمي باتفاق ضمان إجراء انتخابات نزيهة بين عدد من أطراف العملية السياسية في البلاد تم بموجبه (تقاسم) أعداد الواقفين حول صناديق الاقتراع- ربما لضمان تساوى فرص الاستئثار - وحمل وعوداً بحيادية أجهزة الدولة والإعلام الرسمي والمال العام والمؤسسات العسكرية والأمنية وتعريض القائمين عليها للمساءلة في حالة المخالفة بآلية فضفاضة تلعب اللجنة العليا للانتخابات (المشكوك في حياديتها حسب رأي أطراف في الاتفاق) الدور الأساس.

وكالعادة تم التعامل مع مسالة الإصلاح الشامل بالتسويف المعهود من قبل السلطة، جارتها فيه أحزاب اللقاء المشترك، متجاهلين مشاريع الإصلاح العام والشامل التي رأتها عدد من الأحزاب وقدمت مقترحات المعالجة كحزب (رأي) و(الناصري) وحتى أحزاب اللقاء المشترك والوعود الإصلاحية التي قطعها المؤتمر العام السابع للمؤتمر الشعبي العام على نفسه، والحاجة الوطنية الملحة لهذه الإصلاحات التي أصبحت أكبر من كونها شأناً محلياً صرفاً.

المعالجات الواردة في هذه الاتفاقات ضرورية إجرائياً للانتخابات، أي انتخابات، لذلك فإنها لا تشكل اختراقاً إصلاحياً يعول عليه فهي أقل حتى من كونها ثمناً معقولاً للضغوط المتبادلة التي سبقت لقاء الأطراف، ناهيك عن كونها أقل من تطلعات الناس إلى بدء الإصلاح المنشود، أما بحساب بناء دولة المؤسسات وتحقيق الإصلاحات اللازمة لذلك فإنها لا تمثل شيئاً يذكر، فهي تهدف إلى إجراء الانتخابات بالآليات القائمة وستفرز هذه الانتخابات إعادة إنتاج الوضع القائم بوجوهه وسياساته التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه من سوء الإدارة وتفشى الفساد باعتراف الجميع بمن فيهم رئيس الدولة، هذا ناهيك عن الشك في إمكانية الالتزام بنصوص هذا الاتفاق بسبب غياب الآليات المشتركة اللازمة لضمان تنفيذه.

تراجع سيادة القانون لحساب مراكز النفوذ، وغياب تساوي الفرص، وسيطرة عقلية الاستئثار بكل شيء من الوظيفة حتى التجارة، وغياب الاستثمار وانتشار البطالة، والتكسب كيفما اتفق حتى على حساب أرواح الناس والمصالح العامة، والعجز عن الاستفادة من منح وقروض المانحين، وغياب الرقابة على ما يقدم للناس من سلع وخدمات، وتدني الأجور مقارنة بالحاجات الأساسية لمن بقي لديه عمل، كل هذا وكثير غيره، هي مظاهر لخلل عام نعيشه في طول البلاد وعرضها.

وما ننادي به كقوى سياسية هو إصلاحات شاملة (مسببة لا عفوية) تمكن بلادنا من اللحاق بركب العصر وتجاوز عثراتها المزمنة بإرادة وطنية جمعية ليتمكن الوطن بها من حماية مصالحه وتبادل المصالح مع الآخرين، وحماية وحدة الوطن بسياج المواطنة المتساوية، تلكم هي آمال وتطلعات الناس.

فالأوطان تدار وتبنى بالمشاريع الكبيرة التي ترى كل شبر في الوطن مسؤوليتها وكل فرد فيه شريكاً في شؤونه، ولم نر أو نسمع أن الأوطان (تبنى بالتقاسم المشوه أو تدار بالصفقات البائسة).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى