مع الأيــام..و(للوطن) ربٌّ يحميه

> علي الكثيري:

>
علي الكثيري
علي الكثيري
كان مشهداً صادماً ومخيباً للآمال، ذاك الذي سجل احتشاداً نادراً لأمناء عموم الأحزاب السياسية في بلادنا للتوقيع على (ورقة اتفاق المبادئ) المبرمة بين الحزب الحاكم وأحزاب (اللقاء المشترك). ومكمن الصدمة والخيبة هو أن ذلك الاحتشاد لم يكن هدفه الوقوف أمام القضايا المصيرية للوطن وأبنائه، وإبرام (اتفاق مبادئ) لتنفيذ مصفوفة إصلاحات جدية شاملة تعبر بالبلاد من مهاوي أزمتها الشاملة، بل كان هدفه إعلان (صفقة) تقاسم جديدة تحقق لأطرافها مصالح حزبية وشخصية ضيقة، وذلك بعد أن تدافعت تلك الأطراف بشكل محموم لجعل قضية (الانتخابات) وآلياتها وضوابطها، قضية محورية في وطن ممحوق بمحارق التجويع والإفساد والاحتقان والتشظي والترويع.

أما الصورة المضحكة المبكية اللافتة في ذلك المشهد، فهي صورة قيادات عدد كبير من (الأحزاب) تسابقت إلى (طابور) التوقيع على ذلك الاتفاق، وهي في الأصل لم تشارك في صياغته، ولا تعلم عن مضامينه شيئاً، ولا يحمل في طياته ذكراً لها، الأمر الذي أكد حقيقة أنها (أحزاب) مستنسخة تأتمر بأوامر صانعيها ورهن إرادتهم، وتلك صورة بائسة تفضح - مع الأسف الشديد - بؤس المشهد السياسي وهزالته، و(ديكورية) التجربة الديمقراطية المعلنة وهشاشتها، إذ إن اختزال المعارضة السياسية في خمسة أو ستة أحزاب مرضي عنها سلطوياً، ومن ثم حصر الحوار- أي حوار يتصل بقضايا وطنية - بين تلك التنظيمات، يعد ممارسة إقصائية إلغائية دالة على زيف الشعارات الديمقراطية المرفوعة، أما أن يجري حشد الأطراف الحزبية المستثناة والدفع بها لتوقيع اتفاق متمخض عن حوار تم إبعادها وإقصاؤها عنه، فذاك أمر لا يشي إلا بأعلى درجات الاستخفاف بكل عناوين الديمقراطية والتعددية السياسية المدرة لمساعدات المانحين، لذلك فإن الموقف الذي اتخذه حزب الرابطة (رأي) والمتمثل في رفض أمينة العام المؤقت الشيخ علي بن علي السدح، التوقيع على اتفاق لم يكن حزبه طرفاً في إبرامه، كان موقفاً مسؤولاً وشجاعاً لا يصدر إلا عن مدرسة سياسية متفردة.

مؤلم وصادم أن يتم الرمي بالقضايا الجوهرية المفصلية للبلاد عرض الحائط، لتتقزم في صورة إشكالية الآليات الانتخابية وأسس تقاسمها حزبياً .. موجع وباذخ بالفجيعة أن يجري اللهث خلف مصالح حزبية وعوائد شخصية ومنافع أنانية في وطن تداهمه فواجع الانهيار الكارثي، وتوشك على الإطاحة به في مجاهل لا تبقي ولا تذر .. فهل من صحوة للعقل وللحكمة؟ نأمل ذلك ونسأل الله العون والسداد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى