أحلام (حالمين ) والمحافظ (الدرة)!

> د. عبده يحيى الدباني:

>
د. عبده يحيى الدباني
د. عبده يحيى الدباني
ما أصعب أن يسل المرء قلمه ويشرع في الكتابة عن (مسقط رأسه) حيث تتوارد الخواطر وتثور الذكريات وتصطرع الأفكار وتندلع العواطف، فيرتعد القلم حتى يقف ويجهض مشروع الكتابة، كما تجهض أبرز مشاريعنا المعتمدة في حالمين!!

ومع هذا فها أنا أحاول أن أحول الإجهاض إلى مخاض مراهناً على قلمي وعلى المحافظ الجديد سواء في مشروع الكتابة أو في مشاريع (حالمين) المعطلة - على أهميتها - وفي أولها مشروع (عقبة خلق) الحيوي الاستراتيجي الذي لم تكن تكاليفه باهظة .

ولم يتجاوز طوله أكثر من ثلاثين كيلو متر لكنه ظل معلقاً ومعطلاً طيلة السنوات الماضية بعد أن اعتمد رسمياً من قبل الوزارة المختصة مما ولد الإحباط واليأس في نفوس الكثير من سكان (حالمين) الذين يعد تحقيق المشروع بالنسبة لهم طفرة نوعية في حياتهم فهو سيربطهم ربطاً سهلاً حضارياً بالمدينة مكاناً وبالعصر الحديث زماناً، وسيربط الآخرين زواراً أو سياحاً أو تجاراً بهذه القرى الجبلية ذات التضاريس العجيبة الشاهقة والمدرجات الجبلية البديعة والشلالات الساخنة الصحية في منطقة (شرعة).

سلاماً عليك .. (حالمين) .. مسقط الرأس، ومرتع الصبا، وساحة الشباب، من ابن يحس بالتقصير نحوك، ليس لديه ما يقدم لك سوى هذه الكلمات الحميمة المحمومة، علها تجد لها موقعاً حسناً في قلوب المسؤولين المختصين، فكثيراً ما حثني سكان هذه المنطقة العزيزة أن أكتب عنها وعن معاناتهم.

ولماذا لا أفعل وهي منطقتي (الأم) وسكانها أهلي، والأقربون أولى بالمعروف؟ بيد أن الحديث عنها مؤرق وذو شجون وتداعيات كما أشرت سلفاً.

قد يرى البعض أن كتابتي عن (حالمين) تعد نوعاً من المناطقية والعصبية، وإلا لماذا لا أكتب عن مديريات ردفان الأربع (فكلها في الهم شرق) والمعاناة واحدة هنا أو هناك؟

فلا والله ما هو بالتعصب ولا بالمناطقية السلبية الممقوتة ولكن لأنني على علم كبير بما تعانيه منطقة (حالمين) بوجه خاص من ضعف مزمن في المشاريع التنموية، وإنني كلما تذكرت مشروع (عقبة خلق) المتعثر أحسست بغصة في الحلق، وحاصرني الهم وعصف بي اليأس، مع أنني اليوم من سكان مدينة (عدن) المحروسة بإذن الله، ولكنه القلق والتعاطف والمشاركة الوجدانية في المعاناة:

فلا نزلت علي ولا بأرضي

سحائب ليس تنتظم البلادا

وقبل هذا وبعد فإن زياراتنا لقرانا - بشكل طبيعي ودائم - متوقفة تماماً على تنفيذ هذا المشروع أما وضعية اليوم فلا تسمح بالزيارة إلا في حالات طارئة .. قيصرية أو بعد سنوات عجاف، فما بالكم بالسكان هناك وهم يهبطون كل يوم ويتسلقون طرقاً صعبة .. خطرة .. قاتلة، لتربطهم بالمدينة وكثيراً ما تربطهم بالمقابر وتربط سياراتهم ببطون الجبال وقد تحولت إلى أشلاء متناثرة.

فضلاً عما يعانون من جفاف شديد وانعدام الكهرباء وغياب الخدمات الصحية إلا فيما ندر وغير ذلك من المعاناة.

سلاماً عليك يا أماه .. السماح .. السماح فلا ترديني خائباً فلم أكن عاقاً ولا شقياً ولا جاحداً، كلا وما أنا بالقاطع أو بالناسي، ولكنها دورة الزمن قد ذهبت بنا بعيداً ولكنك في القلب على الدوام، وموعدنا بإذن الله غداًَ هناك فوق الجبال في ظل حياة جديدة!! ومن العجيب أن (حالمين) وهي اليوم مديرية لا تشكل دائرة انتخابية واحدة على جدارتها بذلك فهي موزعة بين ثلاث دوائر انتخابية ولعلها أربع فكل جزء من السكان يتبع دائرة ولا ندري ما هي الحكمة من وراء هذا التقسيم غير المعقول وغير العادل الذي يثبط الناس عن المشاركة في الانتخابات مع حبنا وتقديرنا للمديريات المجاورة.

ولكن المنهج الجغرافي في تقسيم الدوائر مسألة مهمة فهو يخدم الجميع مثله مثل التقسيم الإداري.

وهكذا يبقى الأمل معقوداً على محافظ لحج الجديد (الدرة) الذي يحظى بسمعة طيبة لعله (سيأتي بما لم تستطعه الأوائل) وينصف (حالمين).

ويلم شملها بعد شتات وبالذات مشروعها المتعثر (عقبة خلق) وينصف سائر المناطق في (ردفان) فقد كانت ساحات الكفاح ضد المستعمر وقد أعطت كثيراً وما تزال ولم تأخذ إلا قليلاً.

فسلاماً .. سلاماً .. جبل البدوي ووادي دبسان، والملاح، وحبيل مصداق، وحبيل الريدة وسيلة حليّة، وجبل القضاة، وحبيل الجبر والعسكرية، وكنضارة، وجبل بطة، وغيرها من مواقع الكفاح في ردفان وحالمين!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى