الفلك يدور

> محمد صلاح الدين:

> وصية كمال أتاتورك .. كشفت صحيفة «يني شفق» التركية المعروفة النقاب عن أن كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة كان قد أودع لدى البرلمان التركي في 27 يوليو 1937 أي قبل سبعة وستين عاما وصية خاصة بفلسطين والأراضي المقدسة وطبقا لنص الوثيقة الذي نشرته الجريدة التركية المذكورة قبل أيام فإن تركيا (يجب أن تمنع اليهود والمسيحيين من السيطرة على الأراضي المقدسة وألا تسمح بأن تكون هذه الأراضي ساحة للألعاب الامبرالية الاوروبية، وتعهد مصطفى كمال أتاتورك في وصيته بأن تلبي تركيا حماية الأراضي المقدسة، مشيرا إلى أن الأتراك مستعدون للتضحية بدمائهم من أجل الدفاع عن كافة الأراضي المقدسة الإسلامية، ولا يمكن السماح لأي طرف من الأطراف سواء اليهود أو المسيحيين بأن يمس أراضي فلسطين كما أنه لا يمكن للأتراك أن يتحملوا سيطرة الأجانب على الأراضي المقدسة).

***

إن من الطبيعي أن يتساءل المرء لماذا ظلت هذه الوثيقة قابعة في أرشيف وثائق البرلماني التركي طوال 67 عاما، ولماذا تم الكشف عنها الآن وليس قبل ذلك؟ وكلها تساؤلات لا تخفى إجابتها على أي متابع للشأن التركي.

فقد اختارت الأجيال المتعاقبة من جنرالات الجيش التركي والذين يعتبرون أنفسهم ورثة كمال أتاتورك وتولوا حكم تركيا منذ وفاته وحتى اليوم، اختاروا وبتشجيع وضغوط أمريكية الدخول في تحالف استراتيجي مع العدو الصهيوني خاصة على المستوى العسكري وفتحوا أبواب وخزائن القوات المسلحة التركية لمختلف الصناعات الحربية الإسرائيلية وكان في ذك إرضاء لمشاعرهم العلمانية المعادية للعرب والمسلمين وكل هذه ظروف تستوجب نسيان وصية كمال أتاتورك ولا تهيئ أجواء مناسبة تشجع على نشرها.

***

اليوم ومنذ الغزو الأمريكي الصهيوني للعراق اكتشف الأتراك أن النشاطات الإسرائيلية القديمة في المنطقة الكردية والتي طالما غضوا الطرف عنها إنما تستهدف تشجيع ومساعدة الأكراد على تأسيس دولة كردية مستقلة متحالفة مع إسرائيل وتشكل أكبر خطر يهدد الأمن الوطني والقومي لكل من تركيا وسوريا والعراق وإيران، كذلك اكتشف الأتراك عبر سنين من التجارب المريرة أن الصناعات الحربية الإسرائيلية قد تعاملت مع القوات المسلحة التركية بالغش والخداع وأن تنفيذها للعقود كان يفتقر إلى الأمانة ولا يدعو للثقة ، وكلها أمور أصبح الإعلام التركي يتحدث عنها بصراحة مما يعبر عن خيبة الأمل والشعور بالمرارة لدى الجنرالات الأتراك، ومما هيأ الأجواء لتسريب نص الوثيقة ونشرها على الملأ ليقرأها الجميع.

وكان من سوء حظ الإسرائيليين أن شهدت هذه السنوات الأخيرة صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم، وتوصلهم بنجاح إلى عقد اجتماعي مع كافة القوى السياسية في الساحة التركية وخاصة الجنرالات، وليس سرا أن رجب أردوغان وجماعته لا يمكن أن يحملوا للإسرائيليين أي قدر من التعاطف الذي كانوا يحظون به في أوساط الطبقة السياسية المنقرضة من خلال فسادها وتهالكها على الحكم خاصة حين تهدد السياسات الإسرائيلية الإجرامية في فلسطين وفي العراق والمصالح العليا والأمن القومي للأتراك كما أوضح ذلك بجلاء كل من عبدالله قول ورجب أردوغان.

***

هل في ذلك عبر لأصدقاء اسرائيل ودعاة السلام معها في العالم العربي؟! لقد ارتكب العرب جمعيا- في تقديري- خطيئة كبرى يوم أداروا ظهورهم للرئيس أنور السادات يرحمه الله ، ناهيك بالشتائم البذيئة التي انهالت على الرجل خاصة من السيد ياسر عرفات، وكان استشرافه للمستقبل أعمق، ولو وقف العرب إلى جانب السادات يومذاك خاصة سوريا والأردن ومنظمة التحرير واستردوا الأراضي المحتلة عام 1967م لما أضاعوا ثلاثين عاما كاملة ولما اضطروا يوما بعد يوم إلى تقديم أشنع التنازلات التاريخية للعدو، وأخشى أن ينتظر العرب ثلاثين عاما أخرى قبل أن يحصل الفلسطينيون خاصة على بعض ما عرضه عليهم الرئيس السادات، وكان مناحم بيجن مستعدا في أجواء حرب 1973 للتوقيع عليها.

فاكس: 6530693-02

[email protected]

عن الزميلة «المدينة» السعودية في 12/1/2005

«الأيام» تعيد نشر المقالة بمناسبة اجتماع علماء المسلمين في أوروبا في مدينة اسطنبول.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى