واقعنا وشهادات الغير

> محمد عبدالله الموس:

>
محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس
عقدت في بلادنا خلال الأسبوع الماضي ندوة عن (الديمقراطية والإصلاح السياسي وحرية التعبير) بمشاركة شخصيات عربية ودولية، وهي تشكل إضافة أخرى إلى الأعداد الكبيرة من الندوات والورش التي عقدت خلال السنوات الماضية من دون أن نلمس لها نتائج إيجابية تنعكس في صورة ما.

لا يقلل أحدنا من أهمية الندوات والورش سواء على مستوى الوطن - وإن كانت هذه معدومة بسبب رفضنا الداخلي لمبدأ التنوع، كأهم مبادئ الديمقراطية- أو مع الآخرين، فهي من النوافذ المهمة التي تتلاقى من خلالها الثقافات والحضارات وحتى الخبرات بما يؤدي إلى الاستفادة من تجارب الآخرين ويقلل أخطاء وزمن الانتقال من مرحلة إلى أخرى من دون الحاجة إلى المرور بالطول نفسه للفترة الزمنية التي قطعها الآخرون أو الوقوع في الأخطاء نفسها التي عصفت بهم قبل الوصول إلى أوضاعهم الأفضل التي تراهم عليها اليوم، على أن لا نحصر الأمر في الحرص على رضا رجال الفكر والثقافة عن واقعنا - الذي يعنينا بالدرجة الأولى - في هذا الشأن أو ذاك بغض النظر عن مدى نجاحنا أو فشلنا في إصلاح هذا الواقع.

لا ننكر على الحزب الحاكم حقه في تقديم نفسه للآخرين بصورة يحصل خلالها على شهادات (حسن سيرة وسلوك) لكن أن يكن هذا هدفاً وحيداً يسعى إليه وتصبح شهادات الخارج أهم لديه من رضا وقبول الداخل، فربما هذا هو سبب عدم الاستفادة من مخرجات الورش والندوات، فالحاكم - أي حاكم - في ظل الديمقراطية يحصل على مشروعية حكمه من مجموع الناس ويفترض به أن يستهدف رضا هذا المجموع، أما حين يتم التعامل مع الداخل بصورة أقل شاناً من الحرص على رضا الخارج، فإن هذا يفقد الديمقراطية شرطاً مهماً من شروطها وأدواتها وهو الناخب المتحرر من وسائل الترغيب والترهيب وتزييف الوعي، وقد يسري علينا المبدأ القائل: (المهم رضا الخارج أما الداخل فأنا كفيل به).

لا يوجد مجتمع على وجه البسيطة - مهما بلغ صغره - خال من التنوع، فمجتمع اللون الواحد والصوت الواحد والتفكير الواحد ليس له وجود، ومن طبائع الأشياء أن يجد هذا التنوع طريقه إلى النور ليعبر عن ذاته في إطار من القواسم المشتركة، وحين تسمح المجتمعات لتنوعها هذا بالتعبير عن ذاته بالوسائل المشروعة فإن هدفها من ذلك هو منع هذا النوع أو ذاك من التعبير عن نفسه بصورة تهدد أمن المجتمع وسكينته.

الإطار العام والقواسم المشتركة التي تنظم طرق التعبير وحدوده وآليات الأخذ به ومناقشته، لا يملك فرضها لون واحد أو تفكير واحد، فهي أمر يعني كل أطياف المجتمع، وتتم صياغتها بحوار عام ومسؤولية مشتركة من قبل هذه الأطياف، الأمر الذي يؤدي إلى احترامها والالتزام بها والدفاع عنها طوعاً وهذا ما نحتاجه في بلادنا مهما بلغت الندوات والورش وحلقات تبادل الخبرات وحتى شهادات الخارج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى