عفواً .. أيها الساسة ماذا تبقى لنا من الهامش الديمقراطي ؟

> أكرم أحمد عبدالله باشكيل:

> لست متفاجئاً بما أراه وأسمعه وأقرأه اليوم في وطننا، ذلك لأنه جزء من النظام العربي الهزيل الجاثم على صدور هذه الأمة، فلا غرابة إذن أن يُرى كذلك فالحديث عن الديمقراطية وملحقاتها يعد من وجهة نظرهم مكرمة يمنحونها وفق مقاساتهم وحسب أمزجة أذواقهم لا كما تقتضيه مصلحة البلاد والعباد، وعليه فإن ما نراه اليوم سائداً وفق هذا المنظور هو مشهد من أحد فصول مسرحيته الهزيلة نصاً وإخراجاً فلم يعد العصر بكل تقنياته الحديثة وبتطوره المعرفي يقبل أو يسمح لمثل هذه العقول المنتجة لهذه الغوغائية المقيتة أن تقود أو أن تتبوأ مقاعد رسم سياسات البشر، ذلك لأن هذا العصر عصر السبق المعرفي في كل مجالات الحياة لا عصر الفهلوة والدجل السياسي الفاضح.

إن الحديث عن الديمقراطية في هذا الواقع المزري بكلتا منظومتيه (السلطة والمعارضة) يبعث على التشاؤم وفقدان الأمل في التغيير، إذ أن القارئ لكل الاعتمالات الجارية في بلادنا اليوم لا يخرج بمؤشر إيجابي، فالسلطة قد صادرت حق المواطن الانتخابي قبل أن يرى الصندوق، وإلا ماذا يعني هذا الحشد الكبير في ظاهرة المبايعة الكبرى باستغلال بشع لكل شيء: البشر والحجر والمدر؟ إننا نرقب لفظ آخر أنفاس الديمقراطية وهي توأد بغض النظر اتفقنا أو اختلفنا على صفات وقدرات وإنجازات القيادة، كما أن المعارضة وللأسف الشديد هي الأخرى قد ساهمت إلى حد كبير في مشاركة السلطة في هذا الفعل الذي به قد تقلصت آمال أولئك الذين هم أشد تفاؤلاً بتنقية شوائب السجل الديمقراطي للوطن، إذ اختزلت المعارضة قضايا الوطن برمته في سجل ولجنة انتخابية، وما عداها من شروط ولاءات وردت في مذكرة التفاهم الموقعة بينها وبين السلطة هي تحصيل حاصل قد خرقتها السلطة قبل أن يجف حبرها بما نراه اليوم في وسائل الإعلام الرسمية.

لا أدري ماذا بقي لهذا الشعب المغلوب على أمره والواقع بين فكي كماشة المعارضة والسلطة اللتين تتحدثان باسمه ليل نهار وهو يئن تحت وطأة الظلم المسيس وعذابات المعيشة التي أوصلته إلى حد الذل والمهانة، وفي سبيل لقمته تنازل كرها لا طواعية أن يكون ضمن جوقة المطبلين، لكن هناك فئة منهم آثروا موت الأشجار على مقايضة أصواتهم بلقمة عيشهم، كما أشفق على قادة الرأي والفكر والأدب والنخب الثقافية التي كانت الأمة تعلق عليها آمال كبيرة في فعل التغيير.

وهي تنساق إلى هذه المهازل وتحس منها أنها مرغمة على ذلك ولكني لا أعذرها، كما أحيي من لا يزال صامداً أمام هذا الطوفان الجارف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى