> الأخذ بنظام الحكم المحلي في إدارة شؤون المحافظات يمثل خطوة حضارية ذات أبعاد سياسية واجتماعية، وعندما يجرى تطبيق الحكم المحلي على أسس علمية سليمة واقعية فإنه يقودنا إلى تحقيق إنجازات هائلة إلى جانب المساهمة في خلق كوادر سياسية وتنفيذية تصلح بالتصعيد لتولي المناصب القيادية على مستوى الدولة مستقبلاً.. وحتى يستطيع الحكم المحلي أن يقوم بدوره في المجتمع الديمقراطي فإنه لا يجب أن تحدد له سلطاته ومسؤولياته.. وعلى هذا الأساس وضماناً للتنسيق وعدم التضارب في السياسات فإن المسؤولين عن أجهزة الحكم المحلي في المحافظات يجب أن يعلموا أنهم ليسوا حكومات مستقلة تتناقض سياساتهم ومواقفهم مع استراتيجية الدولة.

المحافظون هم حكام المحافظات والمديريات والنواحي، وإلى نشاطهم وهمتهم وتفانيهم في العمل يرجع الفضل في تنمية المحافظات والمديريات التي يتحملون مسؤوليتها، والمحافظون يتمتع كل منهم بدرجة وظيفية تعادل درجة الوزير بل يمتاز عن الوزير في كونه الحاكم المطلق على مساحة معينة من أرض الوطن، ولا شك أن بعضهم أكثر حظاً من بعض فمن المحافظات ما هي مرتبة وغنية ومنها ما هي مبعثرة وفقيرة، ولا نختلف إذا قلنا إن من أبرز جوانب القصور في بعض قيادات الحكم المحلي عداؤهم للتخطيط المركزي الذي يقوم بإعداده أشخاص ذوو خبرة طويلة ومعرفة ومران طويل.. إنهم لا يكتفون بوضع العقبات والمشاكل أمام أي مشروع تخطيطي بل يلجأون في غيبة الدولة إلى التخطيط البدائي الذي يقوم به أشخاص غير متمرسين داخل المحافظة، بل إن بعض المحافظين يتولون هذه المهمة بأنفسهم رغم أن علمهم وتخصصهم محدود ولا علاقة له بهذا العمل على الإطلاق لا من قريب ولا من بعيد.

للأسف أن بعض المحافظين الذين يتعاقبون على إدارة حكم المحافظة لا يحققون الأهداف التي من أجلها جاءوا لتحمل مسؤولية المحافظة.. إذ أن البعض منهم لم يسع إلى تحقيق الأهداف من خلال أسلوب العمل الإداري الذي يرتكز على عوامل كثيرة منها التعاون الوثيق بين الأجهزة التنفيذية بالمحافظة وذلك من خلال تنفيذ عدة لقاءات دورية لمناقشة المشكلات والتعرف على الحلول المقترحة، وأيضاً لا بد من إدارة ميدانية لا تدار من المكاتب بل تتطلب الالتحام بالمواطنين والتعرف على مشاكلهم والعمل على سرعة حلها، وذلك من خلال القيام بزيارات ميدانية معلنة وأخرى مفاجئة لكافة المراكز والوحدات المحلية المختلفة والقرى، كما ولا بد أن تتمتع الإدارة بالكفاءة والنزاهة والانضباط الوظيفي والتطبيق الصارم لمبدأ الثواب والعقاب حتى يمكننا الأخذ بنظام الحكم المحلي بحق وحقيق.