مياه أبين .. مواطنون يجأرون بالشكوى لكثرة انقطاعاتها ومدير يستجوب محاوره

> «الأيام» منصور بلعيدي:

>
جانب من المعاناة
جانب من المعاناة
في محافظة أبين التي تقع على الشريط الساحلي الى الشرق من محافظة عدن بـ 50 كيلو مترا تقريبا والتي تمتلك حوضا مائيا كبيرا (كما يقول المختصون)، تزايدات شكاوى المواطنين من كثرة انقطاعات المياه فيها، وارتفاع قيمة الاستهلاك بمتوالية هندسية وتراكم الديون المستحقة على المستهلكين بحق وبغيره، وعشوائية احتساب قيمة المياه المستهلكة، وروتين ممل في ادارة تتلذذ بتعذيب المراجعين - كما أفادوا- وأخطاء يرتكبها عمال المؤسسة المحلية للمياه (قارئو العدادات) كل هذه وغيرها ترهق كاهل المواطن الذي اصبح بين مطرقة عشوائية الاحتساب وسندان الروتين الثقيل في ادارة لا تقدر متاعب مشتركيها.. لكن بالمقابل فإن الإدارة تشكو من ارتفاع نسبة الربط العشوائي وضعف تجاوب المستهلكين رغم ما تبذله من جهود في اصلاح ما خربه الدهر واستقرار تموينات المياه، ولكن ارضاء الناس غاية لا تدرك كما تقول الادارة.

وفي ظل هذا التناقض الذي يشبه الاتجاه المعاكس كان لنا هذا اللقاء مع مدير عام فرع مؤسسة المياه بأبين المهندس ناصر أحمد اليافعي .. فإلى حصيلة هذا الحوار:

< يشكو المواطنون من كثرة انقطاعات المياه في هذه المحافظة التي تعد من أغنى محافظات الوطن بالمياه الجوفية الى درجة انها تمون محافظات أخرى بالمياه ما هي الاسباب؟

- في البدء نشكر لصحيفتكم اهتمامها بهذا الجانب الحيوي الهام في حياة الناس .. وعن حقيقة ما يثار حول المياه في أبين نقول ان هناك جملة من الاسباب - وإن كانت الزوبعة أكبر من الحقيقة - ومنها ضعف المياه بسبب انخفاض المنسوب الجوفي بنسبة كبيرة حيث كانت البئر الواحدة فيما ما مضى على عمق 40 مترا فاصبحت الآن بعمق 80 مترا وما زلنا لا نحصل على الانتاجية الكافية، وهذا البعد يتطلب تغيير المضخات بأخرى ذات انتاجية عالية ولكنها باهظة الثمن.

وأسباب اخرى سنأتي على ذكرها لكن اقول انه بشكل عام امدادات المياه يمكن تصنيفها بالمستقرة في الحدود الآمنة، أي انها لا تصل الى مستوى الأزمة والمواطنون قد لا يدركون حجم الصعوبات وتواضع الامكانيات المتوفرة، فأبين تعاني الجفاف منذ سنوات مما أثر سلبا على منسوب المياه بالاضافة الى تدني كفاءة الشبكات الناقلة وقدمها كون معظمها قد انتهى عمرها الافتراضي وكذلك نوعيتها الرديئة، وهذا يتطلب سرعة استبدالها، ونحن سائرون في ذلك وفق المناخ بالاضافة الى انقطاعات التيار الكهربائي وآثاره السلبية على المياه وكذا التوصيلات العشوائية غير القانونية التي تتزايد ولا أحد يساعدنا في الحد منها، وعدم وفاء نسبة كبيرة من المستهلكين بسداد مستحقات المؤسسة هذه وغيرها عوامل معيقة لنشاط المؤسسة والناس لا يدركون معاناتنا من أجلهم.

خصوصية غريبة
ويستطرد قائلا: نحن في إدارة المياه نواجه صعوبات كبيرة ومنها مثلا: ازدياد وتيرة الربط العشوائي الذي يشترك فيه الخاص والعام في خصوصية غريبة تنفرد بها أبين، فبعض المواطنين يقومون بالربط العشوائي للمياه، وآخرون لا يدفعون مستحقات المؤسسة، والحال نفسه في بعض المرافق الحكومية ، فمنها من يربط عشوائياً، ومنها من لا يدفع مخصصات المياه.. والاستعانة بالأمن في هذا المجال لا تجدي نفعاً إن لم يكن هو الآخر جزءاً من المشكلة.

أما انقطاعات الكهرباء المتكررة فهي الأبرز في مشاكل المؤسسة كونها تتسبب في قطع المياه عن المواطنين من جهة وتتكبد المؤسسة بسببها خسائر كبيرة، لان ترددات التيار الكهربائي تؤدي إلى تخريب مضخات المياه.. والمواطن لا يعي مشكلات وصول المياه إليه.

صيف ساخن
< في ظل موسم الصيف شديد الحرارة في أبين وازدياد حاجة الناس من المياه، وانقطاعات الكهرباء، كيف تعالجون هذه المعوقات؟

- لأن الصيف ساخن فمشلاكتنا ايضا ساخنة وهذا يتطلب منا كمؤسسة زيادة الضخ لسد حاجة الناس المتزايدة في الصيف، لكننا نواجه تحديات منها أن الشبكة قديمة ولا تتحمل زيادة الضخ والابقاء على الحالة السابقة يترتب عليه ضعف تموينات المياه وتزايد شكاوى المواطنين بالإضافة الى مشكلة الكهرباء ومشكلة التوسع العمراني الذي زاد بعد الوحدة بصورة غير متوقعة وخاصة في مدينتي زنجبار وجعار مما يضاعف من اعباء المؤسسة في ظل إمكانات متواضعة وتركة ثقيلة ورثتها المؤسسة من الماضي.

كثر شاكوك...
< شكاوى المواطنين لا تقتصر على الانقطاعات المتكررة للمياه بل ومن عشوائية الاحتساب لقيمة المياه والروتين الاداري المرهق .. ما تعليقكم على ذلك؟

- لماذا لا تسألهم عن مستحقات المؤسسة التي لا يدفعونها؟

ومع ذلك فلا توجد في أبين ازمة مياه اطلاقاً صحيح أن هناك انقطاعات تحصل لأسباب ذكرتها آنفا، لكنها لا ترقى الى مستوى ازمة، ولكن الناس يبالغون.

هل تعلم ان نسبة المسددين لا تتجاوز 25% فقط وأن الجزء الاكبر من هذه النسبة يأتي من الاستقطاعات المركزية على الموظفين بواقع 2000 ريال شهريا لكل مشترك.

استجواب!!
ويستطرد باسلوب استجوابي قائلا يا أخي انت مواطن من أبين وأسألك هل في بيتك ماء؟ اجبني بصراحة. فأجبته بالايجاب مع التوضيح بأن الانقطاعات واردة، فيقاطعني بحدة قائلا: نحن لا ننكر الانقطاعات لأسباب منطقية ذكرتها لك في البداية، ولكن المياه موجودة رغم انخفاضها في فصل الصيف، لكننا لا ينبغي أن نتجاوب مع الاصوات غير المسؤولة في تضخيم مشكلات المياه، ولا توجد عشوائية في الاحتساب، أما الروتين فيمكن وجوده في أي ادارة لكننا لا نسمح بعرقلة المراجعين، وأتمنى أن يبلغوني بالموظف المعرقل لأتخذ بشأنه الإجراءات القانونية، وأحب التوضيح بأمر مهم هو أن أبين هي الافضل على مستوى الوطن من حيث استقرار المياه، ولكن ارضاء الناس غاية لا تدرك.

معادلة بلا حل!
< نحن أمام معادلة بلا حل: مواطنون يشكون من نقص حاد في تموينات المياه، ومؤسسة تنفي ذلك النقص وتطرح افضلية المحافظة على غيرها في استقرار المياه ..أين الخلل؟ بل أين الحقيقة؟

- سأوضح لك الارقام حتى تكون والقارئ على بينة من الأمر فإنتاجنا من المياه يصل الى 4500 متر مكعب في اليوم بمعدل 80 مترا مكعبا للفرد الواحد في الشهر، بمعنى ان حجم المياه التي نضخها مكعب للفرد الواحد في الشهر بمعنى ان حجم المياه التي نضخها تزيد على حاجة المستهلكين أو اقل تكفي للاحتياج بنسبة زيادة بسيطة .. لكن هناك مياه ضائعة، وشبكة متهالكة، وانقطاعات كهربائية متكررة ، وتخلف عن سداد مستحقات المؤسسة .. وكل هذه وغيرها عوامل مؤثرة سلبا على نشاط المؤسسة، والمياه الضائعة جزء منها يفقد في الشبكة الناقلة بسبب التسربات وعامل التهوية، يضاف اليها التركيبات غير القانونية التي تتم عادة في المساء.

ومن اجل ذلك قمنا بتوزيع المياه على الاحياء السكنية بالتناوب حتى نضمن لهم عدالة التوزيع وهذا الأ مر يزعج المواطنين لأنهم تعودوا على الضخ على مدار الساعة، وهذا الامر لم يعد بالإمكان في ظل جملة من العوائق والمستجدات التي يستحيل معها استمرار عملية الضخ على مدار الساعة كما كان عليه في الماضي.

< ما هي هذه العوائق؟

- باختصار شديد هي التوسع العمراني الهائل، وتهالك الشبكة لقدمها، وانقطاعات الكهرباء وارتفاع المديونية وعدم تحريكها، وزيادة النفقات وغيرها، وهذه الحقائق يجب أن يعرفها الناس في ابين لكي يقدروا حجم معاناتنا.

< وما الحل من وجهة نظراكم؟

- الحل يكمن في توفر الامكانات اولا، وتعاون الجميع سلطة محلية ومواطنين وشخصيات اجتماعية وخصوصاً عقال الحارات وأجهزة الأمن لإيقاف العبث والتوصيلات غير القانونية والإبلاغ عنها بضبطها، وبالتالي ضبط استهلاك المياه لأن المستهلك للمياه بطريقة غير شرعية يبذر فيها كونه لا يدفع قيمتها، وبالتالي يحرم الآخرين من وصول المياه اليهم بصورة كافية.

ونحن سنقوم بمعالجات آنية وأخرى استراتيجية بهدف استقرار تموينات المياه ومنها مثلاً برمجة توزيع المياه، والعمل على تقليص الربط العشوائي من خلال المتابعة المستمرة وتكاتف الجميع لضبط المخالفين .. اما المعالجات الاستراتيجية فتكمن في استبدال خط الانابيب العام جعار - زنجبار بطول 18 كيلومتراً، وتوفير مولدات كهربائية خاصة لتشغيل الآبار عند انقطاع الكهرباء ، والسعي لاستعادة المديونية وتغيير الشبكة الداخلية نظراً لقدمها وتهالكها وإضافة آبار جديدة لزيادة الضخ وفق الطلب.

بشرى .. ورجاء!!
< وفي ختام هذا اللقاء سألناه هل من نهاية لمعاناة الناس من شحة المياه؟

- نحن قادمون على مشروع ضخم ممول من الاصدقاء الألمان، وسيحل مشاكل المياه عند تنفيذه الذي سيبدأ إن شاء الله من العام القادم 2007م، وسيتم حفر آبار اضافية وتغيير الشبكة كاملة وبناء خزانات جديدة لزيادة قوة الضخ، وبالجملة سيؤدي تنفيذ المشروع الى النهوض بأوضاع المياه والصرف الصحي على مستوى المحافظة، وهذه بشرى نزفها للاخوة المواطنين، لكننا نتمنى أن يساعدونا لنساعدهم من خلال تجاوبهم الإيجابي بتسديد ما عليهم من مستحقات المؤسسة، لأن الألمان يشترطون سداد 80% من المديونية على الأقل حتى يضمنوا الاستفادة من المشروع وعدم إهدار إمكاناته، والكرة الآن في ملعب المواطن المستهلك فهل سيقف معنا ومع نفسه أصلا لإنجاح هذا المشروع الهام والمفيد للمحافظة؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى