قصة قصيرة بعنوان (ثلاث سبعات)

> «الأيام» عبدالعزيز عباس:

> كان الجو مشحوناً بدخان السجائر والشيشة المنتصبة وسط الغرفة وبالأحاديث المختلفة والمتداخلة والأصوات الصاخبة والضحكات المنفعلة.. الكل يمضغ القات ويدخن ويتحدث.

سأل أحدهم زميلاً بجانبه:

-هل تذكر سجائر الثلاث خمسات؟!

رد الثاني وهو يلقم فمه بالأعشاب الخضراء مستغرباً:

- ثلاث خمسات!! لماذا؟!!

سأله مؤكداً:

- هل تذكرها؟!

- نعم، ماذا بها؟!

سأله مبتسماً وبخبث:

- ألا يذكرك ذلك بشيء يحدث الآن؟!

تجهم الثاني مضيقاً بين عينيه وبشيء من الحدة:

- ماذا تقصد؟!

اتسعت ابتسامة الأول قائلاً:

- السبعتان و....

صرخ الثاني محتداً وقد رفع قبضة يده إلى وجه الرجل مهدداً مقاطعاً:

- اسمع يا هذا.. أنا لا أسمح لك ولا لأي كان أن يتفوه بمثل هذه الإساءة.. فالأولى بك أن تتمنى أن يعم بخيره الجميع.

كان الآخرون قد أخذوا ينصتون باهتمام للرجلين وقد كفوا عن المحادثات الجانبية..

قال الأول مهدئاً ومؤكداً وكان قد فوجئ بهذا الموقف:

- صدقني أيها الزميل، لم أقصد الإساءة لك ولا لأحد، ولا بنيتي ذلك.. نعم، إنني أتمنى الخير للجميع وليس العكس..

سأل رجل بجانبه ببراءة.

- وماذا قصدت بالثلاث خمسات؟!

صرخ الثاني بحدة مجيباً:

- قصد بها الإساءة ليس إلا..

قال رابع مبتسماً مخاطباً الثاني:

- وهل تلك إساءة إيها العزيز؟!

احتد الجدل فيما بينهم وارتفعت الأصوات.. رجل خامس تدخل صارخاً مهدداً الأول:

- كفوا عن هذا الجدل العقيم أيها الزملاء.. اسمع يا هذا عليك أن تحترم مشاعر الآخرين، لا أن تسيء إليهم.. فليس هناك مجال للغلط، هل فهمت؟

قال الأول بصوت مرتعش ولكن بصدق:

- صدقوني يا جماعة الخير.. لماذا تفهمون الموضوع على هذا النحو.. أقسم لكم أنني ما قصدت الإساءة.. ولكن خطر لي تشابه الأرقام فحسب..

احتد الجدل مرة أخرى بين الجميع وقد انقسموا بين مبرر ومعارض.

ارتفعت الأصوات وعلا الصراخ حتى امتدت الأيدي وكاد أن يحدث الاشتباك بين الجانبين.. دخل رجل في تلك اللحظة صارخاً:

- أيها الزملاء.. لقد انقطع الذيل..

تجمدت الحركة وهدأ كل شيء وخيم الصمت على المكان، نظرة حيرى ووجوم هي الوحيدة، في عيون ، تدور في محاجر الجميع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى