الدفاع عن هوية عدن .. تعريف من هو العدني

> «الأيام» نجمي عبدالمجيد:

> مرحلة من تاريخ عدن الاجتماعي، ظلت بعيدة عن الدخول في دائرة الحوار السياسي، وأصبحت مسألة الكتابة عنها حالة تدخل في مستويات الرفض المطلق لأنها تعيد إلى الذاكرة قضية الانتماء إلى عدن ومن هو العدني؟

عندما أسست الجمعية العدنية بتاريخ 23 يونيو 1949م كانت تهدف إلى وضع صورة لمكانة العدني وحقه في تقرير مصيره، والبداية تعود إلى عام 1940م عندما كانت صحيفة «فتاة الجزيرة» تنشر عدة مقالات للأستاذ محمد علي لقمان، طالب فيها بتحسين وضع العدني والعمل على تقدم هذه المدينة ورفع مستويات أهلها من كل الجوانب، حتى أصدر كتاب (عدن تطلب الحكم الذاتي) في عام 1953م.

وكانت الجمعية العدنية بتاريخ 7 مايو من عام 1950م قد بعثت برسالة إلى السكرتير العام للحكومة تطالب فيها بحق التوظيف لابناء عدن في الوظائف الحكومية، وكان الزحف للجاليات الأجنبية على عدن قد هدد الهوية العربية لها، فجاءت تلك الكتابات والحوارات من منطلق حفظ الهوية وتحديد الانتماء.

وهذه المعلومات التي نقدمها عن التعريف بمن هو العدني، هي رؤية لمرحلة من زمن عدن الاجتماعي والسياسي وقراءة لعملية الدفاع عن الانسان الذي عاش في هذه المدينة، حتى أصبحت صفة من ملامح العدني.

المجلس التشريعي يوافق على تعريف مؤقت للعدني

هذه وثيقة رقم (1188) صادرة عن دائرة العلاقات العامة والنشر بعدن بتاريخ 29 ديسمبر عام 1959م وتقدم عدة معلومات عن قضية التعريف بمن هو العدني، ونظراً للاهمية التاريخية نقدم النص الكامل لها: «وافق المجلس التشريعي بعدن يوم أمس بأغلبية (17) صوتا ضد خمسة أصوات على تعريف مؤقت لكلمة العدني الى أن يصل الى اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن وهذا التعريف المؤقت هو تعريف الاغلبية الذي جاء في تقرير لجنة التعدين الذي نشر في مطلع هذا العام.

وقد تكلم كثير من الاعضاء خلال النقاش الذي كان طويلاً وفي النهاية عبر المستر كا.دبليو سيموندس، عن امتنانه العظيم لجميع الاعضاء الذين ساهموا في النقاش.

وقال انه كان من الضروري الاستماع الى وجهات النظر هذه وأن قيمة هذا الاجتماع هو التسجيل التحريري للاقتراحات المختلفة التي قدمت. وكان السكرتير العام على اتفاق تام مع المتكلمين غير الرسميين الذين شددوا على طلب حل سريع لمشكلة التعريف الرسمي.

وقد طلب السكرتير العام الذي قدم الاقتراح أمام المجلس، طلب تعبيراً كاملاً للرأي العام عن التعريف وقال إنه يأمل بأن الصحف العدنية سوف تساعد في البداية في إجراء مناقشات جديدة في هذا الشأن واستطرد قائلاً إنه يرجو من أي إنسان لديه أي وجهة نظر بهذا الصدد أن لا يتردد في إرسالها إلى الحكومة.

وكان النص الكامل لخطاب السكرتير العام كما يلي: حضرة الرئيس اقترح كما يلي:

تقرر بأنه حتى يتم التعرف بمزيد من الرأي العام عن تعريف كلمة العدني على مدير الخدمات العامة ولجنة دراسات ما وراء البحار والأعضاء المختصين أن يسترشدوا كخطوة مؤقتة، بتعريف الاغلبية الذي جاء في الفقرة الثامنة في صفحة (291) من تقرير لجنة التعدين لعام 1959م.

وسيتذكر المجلس أن تعريف العدني الذي أوصت به مذكرة الأغلبية والذي جاء في صفحة (288) من تقرير لجنة التعدين هو كما يلي: أن العدني هو الشخص الذي:

أ- ولد في مستعمرة عدن أو في محمية عدن أو ابن لأب ولد في مستعمرة عدن أو في محمية عدن.

ب- سكن في مستعمرة عدن لمدة عشر سنوات من فترة 12 سنة الماضية على شرط أن تعتبر اية فترات قضيت خارج عدن لمهمة دراسية او تدريبية وكانها قد قضيت في مستعمرة عدن.

ج- بلغ المستوى المطلوب في اللغة العربية.

ويجب ان يقرأ تعريف الاغلبية هذا مع الاقتراحات التي قدمتها الاغلبية في صفحات (292-293) من التقرير بموجب المبادئ التي يجب ان تطبق بالنسبة لمؤهلات اللغة العربية كما أوصت بوجه خاص (المستوى المطلوب) يجب أن يتعلق بنوع الوظيفة.

وقد اشار المستر شيلدز، السكرتير العام بالنيابة حينذاك في الوقت الذي قدم فيه اقتراحه حول التعدين في هذا المجلس في اليوم السادس من يوليو 1959م، وذلك عندما اشار إلى أن تحديد كلمة عدني كانت ضرورة لازمة لتطبيق الكثير من توصيات لجنة التعدين، اشار الى انه ليست بمهمة سهلة تقرير مثل هذا التحديد وأن الحكومة شعرت، نظراً للتوصيات الثلاث المختلفة لاعضاء اللجنة التي قدمت الى ان هناك وقتا قصيرا بين نشر التقرير وبين شهر يوليو الذي يجتمع خلاله المجلس للحصول على رد فعل عام وتقديره، وأن للحكومة ان تقدم مقترحاتها الى هذا المجلس فيما يتعلق بالتعريف الذي يجب ان يتبع. وقد اشار المستر شيدز، أيضاً الى انه بينما يعتبر التعريف هاماً لتطبيق الكثير من التوصيات الواردة في التقرير إلا انه بسبب ذلك الموقف الخطير جداً فيما يختص بالتعليم كما كشف عنه في التقرير فإن الحكومة قد تقدمت الى هذا المجلس بسرعة بمقترحات تمكنها من البدء بمرحلة التعليم في التعدين بأسرع لحظة ممكنة ومقدماً لتعريف لفظة العدني.

وسيذكر المجلس أنه في النقاش الذي تلا ذلك في السادس والثامن من يوليو في موضوع النقاش (الذي كان يتعلق بتطبيق عدد من التوصيات الرئيسية حول التعليم في تقرير لجنة التعدين) ألحوا على تأجيل ذلك إلى أن يمكن الحصول على النص العربي من التقرير، وأعرب أحد الاعضاء عن وجهة نظره إلى أنه عندما يتيسر الحصول على النص العربي من التقرير ويكون المجلس في موقف لمناقشة التقرير ككل، فإن أول شيء سيتحتم على المجلس الاهتمام به هو تعريف العدني، وعلى كل فإن الاعتبارات التي ذكرتها الآن - وهي الموقف الهام المتعلق بالتعليم والحاجة الى علاج سريع لمعالجة ذلك - قد فاز في ذلك اليوم وعليه فإن التعديل للاقتراح بتأجيل المناقشة الى ان يصدر النص العربي من التقرير قد هزم بـ 16 صوتاً ضد خمسة اصوات.

وعندما استؤنفت المناقشة حول الاقتراح الاساسي أدلت وجهات نظر عديدة فيما يتعلق بالنص العربي من التقرير والحاجة الى تأجيل العمل بالتقرير حتى يمكن الحصول على النص العربي. وعندما وضع تقرير لجنة التدريب بعد ذلك للمناقشة في الثامن من يوليو ألح بعض الاعضاء مرة أخرى لتعريف العدني، ومناقشته اولاً قبل مناقشة التوصيات كما وردت من اللجنة. وفيما يختص بالاقتراح الأساسي حول مراحل التعليم في تقرير التعدين فقد وافق عليه بـ 18 صوتاً ضد ثلاثة اصوات وأما الاقتراح بخصوص تقرير لجنة التدريب فقد وافق عليه بـ 20 صوتاً ضد صوت واحد.

وسيذكر المجلس ايضاً انه في ذلك البيان الذي ألقيته على المجلس التشريعي في 6 أكتوبر 1959م حول تطبيق التوصيات الواردة في تقرير لجنة التعدين، قلت إنه من وجهة نظر الحكومة فإن الامر الوحيد الذي لا زال باقياً لمناقشته هو تعريف العدني، وإنه كما قدر لها من جلسات سابقة فقد شعر الاعضاء بأن هذا الموضوع المتصلب يجب ان يتوسع في مناقشته حتى يناقش بصورة عامة وتسهيل ذلك بواسطة نشر الترجمة العربية من التقرير، وقد عبرت ايضاً عن الأمل الى انه ربما كان من الممكن بواسطة نشر النص العربي، وأن يكون هذا المجلس في موقف يمكنه من مناقشة وتقرير الأمر قبل نهاية عام 1959م ومن سوء الحظ ولأسباب ستكون واضحة فإن املي هذا لن يتحقق.

والآن يا سيدي فإن النص العربي من التقرير قد تم نشره في اليوم الخامس من نوفمبر 1959م بعد جهد كبير ومصروفات باهضة وربما اهتم المجلس بمعرفة الارقام التالية لتوزيع وبيع النص العربي والنص الانجليزي:

النص الأصلي: عدد النسخ التي عملت (220)، النص العربي (300)، النص الاصلي: عدد النسخ التي أعطيت مجاناً لاعضاء المجلس التشريعي (17)، النص العربي (17)، النص الاصلي: عدد النسخ التي أعطيت للدوائر (108)، النص العربي: (83)، النص الاصلي: عدد النسخ التي بيعت على افراد الجمهور (90)، النص العربي (10).

دعوني اكرر لكم الرقمين الأخيرين وهما (90) نسخة من النص الاصلي و(10) نسخ فقط من النص العربي قد بيعت والرقم الاخير لا يظهر مطلقاً ان الجمهور علق نفس درجة الاهمية الى اصدار نص عربي من التقرير كما اقترحت في المناقشة التي دارت في السادس والثامن من يوليو.

وليكن ذلك كيفما كان، وهناك اعتبار مهم وهو أكان قبل أو بعد ظهور الترجمة العربية لم يعبر علانية في الواقع عن وجهات نظر ايجابية حول تعريف من هو العدني وإني اعتقد أني على صواب عندما اقول انه في خلال النقاش الذي جرى في السادس والثامن من يوليو (لم اكن حاضراً ولكني قرأت التقرير الرسمي بإمعان) لم تقدم اقتراحات ايجابية أو بناءة بخصوص التعريف، وكذلك الصحافة فإني لم أرَ فيها سوى اشارات سطحية الى التعريف ولم يظهر اي اقتراح او تعليق مُجدٍ بالرغم من نشر الترجمة العربية للتقرير.

وعلى حساب وقت المجلس فاني أود أن أناقش الآن لماذا يعتبر التعريف ضروريا. ولكني أعتقد ان من المرغوب فيه أن تسجل هذا. والاسباب التي تدعو الى وجوب التعريف قد جاءت واضحة في صفحات (288) وما يليها من تقرير لجنة التعدين.

وغرض التعدين الوحيد هو تعريف نوع الاشخاص الذين يجب ان يتحصلوا على الافضلية في مستعمرة عدن في الوقت الراهن في مجال التوظيف، والتعريف ليست له اية صلة بالحقوق السياسية او المواطنة وإن كان من المعترف به ان تطبيق اي تعريف قد يلعب دوراً ما في التأثير على قرارات المستقبل على من سيعتبر عدنياً لأغراض اخرى. وسوف يلاحظ ان تقرير الاغلبية يلقي أيضاً بان تعريف الاغلبية الذي اقترحته يجب ان لا ينطبق على الخدمة العامة فحسب بل على جميع توظيف الموظفين في جميع انحاء المستعمرة ايضاً على أن يكون عالقاً في الاذهان سياسة الحكومة المتفق عليها بأن التعدين يجب ان يسير على اسس متناسقة في نطاق الخدمة الحكومية وخارجها، واقتراحي الحالي لا يتعدى حدود ذلك وإني اقترح فقط في هذه المرحلة بأن تعريف الاغلبية يجب ان يستعمل كتعريف مؤقت من قبل مدير الخدمة العامة أو لجنة دراسات ما وراء البحار لاغراض تعدين الخدمة الحكومية، وقضية تطبيق التعريف بصورة واسعة هي مسالة يجب ان توضع موضع الاعتبار في موعد آخر. لقد وضع كمشنر الخدمة العامة وموظفوه وبدأوا بعمل مهمتهم الضخمة الحيوية، ومن الضروري ان تعطي لكمشنر الخدمات العامة بعض التعاريف ليعمل بموجبها وبدون تعريف فلا يستطيع الكمشنر القيام بأي تخطيط للتعدين وسيقف تنسيق العملية بأجمعها.

وإني اقترح لينظر المجلس فيه أنه في حالة عدم وجود أي تعريف آخر فإن التعريف المعقول الذي يجب ان يعمل بموجبه، على الاقل في الوقت الحاضر، هو تعريف الاغلبية الذي اوصت به لجنة التعدين. ولهذا فإن اقتراعي ينشد فقط استعمال تعريف الاغلبية لوقت مؤقت حتى يتوصل الى تعريف نهائي ثابت، وبأي حال من الاحوال فإني لا اطلب الاقتراح باتباع تعريف الاغلبية كتعريف نهائي، ولنفس ذلك السبب فأنا ممتنع من اقتراح بعض الاعتبارات البسيطة التي بموجبها ربما يتحسن تعريف الاغلبية. وما نريده الآن في حالة قبول اقتراعي، هو وجهات نظر ثابتة ايجابية التي يجب ان يقوم على اساسها التعريف ولا يخفى القول بأن تعريف الاغلبية تعريف مشوب من هذا أو من ذاك القبيل. وكل من ينتقد تعريف الاغلبية يجب كنتيجة لهذا إما ان يكون على استعداد لأن يقترح تعديلات معينة لتعريف الاغلبية او ان يقدم آراءه المعينة لتعريف جديد.

وعليه يجب ان أسأل، اين يمكن الحصول على اقتراحات وآراء ايجابية بناءة خالية من النقد الهدام؟ واقترح بأن نحصل على الاقتراحات البناءة، من هذا المجلس اليوم. من المناقشات المتناولة في الصحف التي تصدر في المستعمرة. من مناقشات نواب المجلس التشريعي وافراد الجمهور الذين يمثلونه.

من المذكرات المفتوحة دائماً امام اي فرد او جمعية لتقديمها للحكومة ومن التجارب التي تكسب من الاستعمال الصحيح لتعريف الاغلبية.

وبالنسبة للمصدر الاول الذي اقترحته، وهو هذا المجلس نفسه، فإني آمل بكل اخلاص أن كل عضو لديه اقتراح ايجابي مفيد فيما يتعلق بالتعدين عليه ان يقف اليوم ويدلي برأيه حتى يتسنى لنا ان نعرف رأيه وحتى يسجل هذا الرأي لاعتبارات المستقبل.

وبالمثل فإني اقترح بإخلاص بأن على اعضاء هذا المجلس ان ينتهزوا الفرصة التي تفسح لهم للتعبير عن وجهات نظر الجمهور اثناء هذه المناقشة.

واني آمل من رجال الصحافة الحاضرين بيننا اليوم سوف يقبلون اقتراحي وهو أن يقدموا الفرصة القيمة للجمهور كي يناقش ويراجع هذه القضية على صفحات جرائدهم.

كما آمل ايضاً من أي انسان لديه آراء يحب التعبير عنها أن لا يتردد في كتابتها وتقديمها الى الحكومة وفي النهاية، فإني مخول من قبلكم يا سيدي الرئيس، ان أحيط هذا المجلس علماً بأن من ضمن كفاياتكم الأخرى انكم بالطبع ملمون تماماً بالمعلومات القيمة حول التعدين الذي ولا ريب سوف يبرز من الاستعمال الصحيح لتعريف الاغلبية من قبل كمشنر الخدمة العامة ولجنة دراسات ما وراء البحار.

وإني افهم يا سيدي أنه من العمل الذي قامت به سابقاً لجنة دراسات ما وراء البحار ومن الحالات التي تناولتها حتى الآن، برزت معلومات هامة ومناسبة وإني واثق بان تطبيق اقتراحي سيمكن لجنة دراسات ما وراء البحار وكمشنر الخدمة العامة من تقديم المزيد من المواد المفيدة التي سوف تساهم مساهمة قيمة نحو ايجاد تعريف نهائي.

وعلى أن اعيد القول بكل وضوح بأن اقتراحي لا ينوي اكراهكم على قبول تعريف الاغلبية ولكني انشد فقط تقديم ترتيب مؤقت سيمكن كمشنر الخدمة العامة ولجنة الدراسات لما وراء البحار من الشروع في تخطيطهم لمشروع التعدين وإني متأكد أني اتكلم بالنيابة عنكم جميعاً عندما اقول ان اهتمامنا الرئيسي هو تاكيد أن مهمة التعدين تتقدم بسرعة وباضطراد وأنه بدون ايجاد التعريف ستصبح هذه المهمة مستحيلة.

وفي النهاية يا سيدي إني آمل أن كل واحد يسند اقتراحي سوف يعبر بحرية عن وجهات نظره الخاصة حول التعريف حتى نتوصل الى شيء للمرحلة القادمة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى