كرة القدم.. لعبة رائعة تتحول إلى أعمال درامية فاشلة

> «الأيام الرياضي» خاص:

> عندما بدأ منتجو فيلم "هدف! الحلم بدأ يتحقق" العمل فيه لابد أنهم كانوا واثقين تماما من تحقيق الفيلم نجاحا مدويا في كافة أنحاء العالم..وهذا الفيلم هو الجزء الاول من الثلاثية التي تتناول حياة سانتياجو مونيز المهاجر المكسيكي إلى الولايات المتحدة والذي يكتشف موهبته كشاف فريق نيوكاسل الانجليزي لكرة القدم وهو يلعب في الشوارع المتربة بشرق مدينة لوس أنجليس الامريكية.

وينتقل سانتياجو إلى شمالي انجلترا الشديدة البرودة وبعكس جميع التوقعات ينجح في حجز مكانه بالتشكيل الاساسي لنيو كاسل ويقود الفريق الانجليزي إلى علياء المجد الكروي.

ويجري العمل حاليا في الجزء الثاني من الثلاثية "الهدف الثاني : الحلم يتحقق" وهو يروي تفاصيل انتقال سانتياجو إلى نادي ريال مدريد الاسباني العملاق بينما يتناول الجزء الاخير من الثلاثية تألق اللاعب ذاته في بطولة كأس العالم. ويدعم الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" الافلام الثلاثة التي تصل ميزانية إنتاجها إلى 100 مليون دولار. ويظهر في الفيلم عدد من نجوم ريال مدريد الحاليين مثل الانجليزي ديفيد بيكهام والاسباني راؤول والفرنسي زين الدين زيدان.

ولكن من سوء الحظ أن الفيلم الاول لم يحقق من النجاح أكثر مما حققه ريال مدريد نفسه خلال السنوات الاخيرة حيث يحتل الفريق المركز 42 من حيث الايرادات العالمية للافلام هذا العام حيث إن إيراداته لم تتجاوز 5ر9 مليون دولار حتى الان.ولكن تاريخ أفلام كرة القدم يؤكد أن حتى هذا الرقم الضئيل من الايرادات يعتبر إنجازا لا بأس به بالنسبة لمنتجي الفيلم.

فبرغم أن ملايين الجماهير تتجمع حول شاشات التليفزيون في نهاية الاسبوع لمتابعة المباريات الحقيقية فالقليل جدا منهم من يكلف نفسه عناء التوجه إلى دار عرض سينمائي لمشاهدة فيلم يتناول هذه اللعبة. ومع ذلك هناك بعد الحالات الاستثنائية مثل النجاح الذي حققته مؤخرا الدراما التليفزيونية الانجليزية الهندية "ارفعها مثل بيكهام" أو بعض الاعمال الكوميدية الاخرى مثل "جريجوريز جيرل (فتاة جريجوري ) وشاولين سوكر(كرة سوكر)"..وفي ألمانيا حقق فيلم "معجزة بيرن" الذي أنتج عام 2003 من إخراج سوينكه فورتمان ويتناول مفاجأة فوز منتخب ألمانيا الغربية بكأس العالم لكرة القدم عام 1954 في سويسرا نجاحا كبيرا على مستوى النقاد والجماهير وحصد العديد من الجوائز.ولكن الغالبية العظمى من أفلام كرة القدم تصيب المشجع بالاستياء كما لو كان قد شاهد فريقه يهزم في مباراة دربي محلي.والقليل جدا من جماهير كرة القدم هم من قد يجلسون أمام الفيلم الكوميدي التافه "كيكينج آند سكريمنج" (الركل والصراخ) الذي أنتج العام الماضي. أو حتى قد يتذكرون بعض المحاولات البائسة الاخرى مثل "عندما يأتي السبت" أو "بطل الامس".وحتى المخرج المبدع جون هيوستن لم يفلح سحره مع فيلم "الهروب إلى النصر" عام 1981 الذي يتحدث عن فريق من أسرى الحلفاء يمثلهم مايكل كين وسلفستر ستالوني إلى جانب نجوم الكرة الحقيقيين بيليه وبوبي مور وغيرهما يقرر إهدار فرصة للهروب من معسكر الاسرى فقط لهزيمة النازيين في مباراة كرة قدم. أما المنتج البريطاني جون باتسيك صاحب فيلم "مرة في العمر" فيؤكد أنه لا يوجد حتى الان من نجح في معرفة سر إنتاج ناجح لفيلم عن كرة القدم.ويتناول هذا الفيلم قصة نادي نيويورك كوزموس الامريكي المثيرة - هذا الفريق الذي لعب له العديد من النجوم الكبار مثل بيليه وفرانز بيكنباور وكارلوس ألبرتا وظهر على الساحة في السبعينات من القرن الماضي في محاولة فاشلة لاثارة حماس الامريكيين لكرة القدم.وقال باتسيك محاولا تفسير فشل الاعمال الفنية التي تتناول كرة القدم"توجد مشكلة كبيرة في إعادة تقديم أحداث كروية تتسم بالمصداقية التي إذا خسرتها فستفقد ثقة جماهيرك".

ويواجه منتجو الافلام الكروية مشكلة أخرى وهي أن سيناريوهات هذه الافلام لا ترقى أبدا في حسها الدرامي للمباريات العالمية الحقيقية عندما يسجل فريق مغمور مثلا هدف الفوز في اللحظة الاخيرة من المباراة. كما أنهم لا يستطيعون إثارة المشاعر القبلية وحس الانتماء الذي يثيره اللاعبون الحقيقيون في نفوس الجماهير. ويرى باتسيك أن الافلام الوثائقية تناسب كرة القدم أكثر من الاعمال الدرامية بكثير. وإلى جانب الفيلم الذي أنتجه عن فريق كوزموس أنتج باتسيك فيلم "أفضل مباراة في عمرهم" الذي يقدم أعضاء فريق المنتخب الكوري الشمالي الذي نجح في الفوز على إيطاليا في بطولة كاس العالم .1966 وعلق باتسيك على هذا الفيلم قائلا " نجح هذا الفيلم لانه يتناول شخصيات عظيمة وقصة رائعة". ولكن للاسف فإن منتجي الفيلم الامريكي الذي يحمل اسم فيلم باتسيك نفسه لم يأخذوا بنصيحة المنتج البريطاني.ففيلم "أفضل مباراة أمريكية في عمرهم" يتناول قصة مماثلة تماما ولكن عن المنتخب الامريكي الذي تغلب على نظيره الانجليزي في بطولة كأس العالم 1950 عندما كان المنتخب الانجليزي أقوى فريق في العالم.

السينما تعرض شغف العالم بكرة القدم تقفز المرأة الايرانية قفزات منسجمة بعد أن لونت وجوهها بألوان علم بلادها. وترتدي الهنديات الامازونيات قمصان مثل التي يرتديها النجم البرازيلي رونالدو
وتعشق نساء الطوارق في الصحراء تشجيع المنتخب الالماني وتبذل النساء البدويات في منغوليا كل جهد ممكن من أجل أن تتمكن من متابعة مباراة في كرة القدم عبر شاشات التلفزيون. ومع اقتراب نهائيات كأس العالم عرض مهرجان برلين الدولي للسينما فيلمين مؤخرا يظهران مدى الشغف بلعبة كرة القدم ويكشفان عن مدى تأثير هذه الرياضة في مختلف أرجاء الدنيا. ويظهر فيلم "أوفسايد" أي "تسلل" الذي أخرجه الايراني جعفر باناهي الوجه الحقيقى لثقافة إيرانية غير معروفة للغرب. ففي هذا الفيلم الكوميدي يتابع المخرج مجموعة من النساء يسعين إلى دخول الاستاد ليشاهدن مباراة منتخب بلادهن أمام البحرين في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم التي تقام حاليا في ألمانيا.وتمنع المرأة من دخول الملاعب في إيران لكن الامر لم يمنع تلك المجموعة من أن تتحمس وتشجع وتحب كرة القدم حتى النخاع شأنها في ذلك شأن رجال بلدها. ولانه من غير المسموح لهن بدخول الملاعب تنكرن في ملابس للرجال وتوجهن إلى الملعب. لكن عناصر الشرطة المكلفة بحماية الملعب اكتشفت الحيلة وحجزتهن في مكان قريب من الاستاد حيث أمضين الدقائق التسعين المخصصة للمباراة.وحاولت هذه المجموعة من النساء بكل ما في وسعها أن تتعرف على ما يحدث على أرض الملعب التي تقع بجوار الغرفة المحتجزات فيها لكن الرجال منعوهن من القيام بذلك على الرغم من عدم اقتناعهن كلية بما يفعلون. ويبدأ الحوار بين الرجال والنساء حول تجريم المرأة في إيران لاسباب سخيفة وهو موضوع تطرق له باهي في فيلمه "الدائرة" الذي فاز بجائزة من قبل. وأوضح باهي: "لقد قمنا بعمل هذا الفيلم لنجذب الانتباه إلى حقيقة أن مبادئ حقوق الانسان الخاصة بالبعض لا تحترم وأنهم لا يمكن أن يعيشوا حياة طبيعية".

وأضاف :"لكن نبرة روح الدعابة التي عرضت بها القضية الاساسية في الفيلم وتأهل إيران بالفعل إلى نهائيات كأس العالم حولا الفيلم إلى مهرجان كبير تأكد من خلاله أن كرة القدم تساهم في تخفيف الاعباء التي يعاني منها المواطن الايراني في حياته اليومية من أجل البقاء".

أما المخرج الاسباني جيراردو أوليفريز فقد اختار في فيلمه "النهائي العظيم" والذي قدم بطريقة كوميدية أيضا ثلاثة أماكن منعزلة عن العالم حيث يجند البشر كل جهودهم وابتكاراتهم من أجل مشاهدة المباراة النهائية لكأس العالم التي أقيمت في مدينة يوكوهاما اليابانية بين البرازيل وألمانيا. وخطرت الفكرة على بال أوليفريز قبل أربع سنوات عندما التقي بعائلة منغولية هائمة على وجهها في إحدى الهضبات بينما كان أحد أفرادها يحمل جهازا تلفزيونيا صغيرا بين ساقيه. وكانت العائلة متوجهة نحو إحدى القواعد العسكرية القديمة حيث يمكن استخدام الاسلاك الموجودة هناك كهوائي لاستقبال الصورة التلفزيونية.

وأوضح المخرج الاندلسي: "رأيت أن ما يحدث هو أفضل مثال على العولمة وإذا ما كان هذا يحدث في منغوليا فهو يحدث أيضا في أماكن أخرى".وإلى جانب جبال آلتاي في منغوليا بدأ أوليفريز في تقصي الحقائق حول هؤلاء الذين يعيشون في غابات الامازون في البرازيل والطوارق الذين يقودون الجمال في صحراء النيجر..وبحث المخرج الاسباني عن أبطال فيلمه من بين المواطنين الاصليين لتلك المناطق وكتب سيناريو الفيلم مع تشيما رودريجيز. وكانت النتيجة ظهور هذا الفيلم الكوميدي الذي جسد أبطاله ثقافة ولغة غير معروفتين بشكل واسع للجمهور الغربي لكنها تتقاسم معها حب لعبة كرة القدم.وبالنسبة لاوليفرز فإن الموضوع الرئيسي لفيلمه الذي سيعرض في دور العرض الاسبانية في 21 أبريل المقبل هو العولمة "إذا ما كان هناك شيء تسبب في تغيير العالم فهو التلفزيون. أنه مسئول عن العولمة وعن كل الظواهر الجديدة المتغيرة التي نشهدها عبر شاشاته".

ومن ضمن هذه العولمة فإن أوليفرز يعتبر أن كرة القدم هي الرياضة الوحيدة التي تخترق كل أرجاء العالم.. وقال أوليفريز: "عندما أسافر إلى الخارج يسألني الناس من أين أتيت؟. وعندما أقول لهم أنني من أسبانيا يمكنهم فورا ذكر أسماء تشكيل فريق ريال مدريد. لقد رأيت صورا للاعبين في غالبية الاماكن التي لا يمكن أن يصدق أن تجدها فيها. لقد وجدت ذات مرة صورة رونالدو معلقة إلى جانب بوذا في أحد المعابد البوذية في نيبال وعلى ارتفاع خمسة آلاف متر ويمكن الوصول إليه فقط بعد مسيرة تمتد 11 يوما عبر جبال الهيمالايا. ويؤكد أوليفرز :"ليس هناك حدث آخر على وجه الارض يجمع هذا القدر من المشجعين معا أمام شاشات تلفزيوناتهم مثل نهائيات كأس العالم لكرة القدم".

وبعد أقل من مئة يوم ستتكرر هذه الظواهر في ران ومنغوليا والامازون والصحراء النيجيرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى