يوم من الأيــام..الحي أبقى من الميت وفق مفاهيمهم

> سلوى صنعاني:

>
سلوى صنعاني
سلوى صنعاني
ربما ملاحظتي أتت متأخرة فليعذرني القارئ، فاستطلاعي للصحف اليومية والدوريات يجعلني أحياناً أضع ملاحظات أدونها للتعليق عليها لاحقاً، خصوصاً المواضيع المرتبطة بحياة المواطن وهمومه.

وصحيفة «الأيام» أكثر الصحف المتبنية لمثل هذه الهموم، فقد طالعت في عددها 4816 الصادر بتاريخ 17 يونيو عنواناً يعتلي صورة («الأيام» توجه دعوة مفتوحة لإنهاء هذا الوضع المشين) والصورة كانت لطفح مياه المجاري غطت مقبرة كود العثماني بمديرية الشيخ عثمان ومعها تعقيب من المؤسسة المحلية للمياه بعدن بأنه ليس من مسؤوليتها معالجة هذا الوضع المشين، لأن مصدر الطفح للمجاري قد أتى فيضانه من بيارات تخص منازل قريبة من المقبرة.

فعلاً الصورة مشينة وتمس وجدان الإنسان ذي الضمير الحي إزاء حرمات الموتى الذين وإن مضوا إلى رحاب ربهم يظل حقهم علينا في الحفاظ على كرامتهم قائماً.

والمؤسسة المحلية للمياه التي نفت مسؤوليتها إزاء هذا الوضع متعللة بأنها فائضة عن البيارات لمنازل مواطنين. وأنا هنا أؤكد مسؤوليتها المباشرة عن ذلك وتنصلها عنها يعني منافاة الأخلاق والالتفاف على حق المواطن سواءً حياً أو ميتاً، لأن هذه المنازل من المؤكد أنها تعتمد على المياه النظيفة عبر المواسير الممتدة من عدادات المؤسسة ولا تعتمد في حياتها اليومية على مياه الأمطار الهاطلة من السماء، ومدير المؤسسة المعنية إذا كان قد غاب عنه معلومة تؤكد مسؤوليته عليه مطالعة أي فاتورة سيجد فيها البنود الإلزامية للمستهلك بدفع رسوم مجاري الصرف الصحي إلى جانب قيمة كل جالون مستهلك يدفعها المواطن رغماً عنه، هذا إذا استثنينا رسوماً أخرى واردة في الفاتورة وهي بمجملها رسوم غير قانونية.

فلماذا إذن تنفي المؤسسة المحلية للمياه مسؤوليتها؟!! وهي تأخذ إتاوة باهظة لمياه الصرف الصحي، بل هي من صلب مسؤوليتها تجفيف منابع هذه المياه القذرة التي طالت حرمات الموتى. وحتى وإن افترضنا أنها ليست مسؤوليتها، ألا تعتقد أن التنصل عنها في ظل مناشدة صحيفة «الأيام» يأتي مجافاة لما جاء في تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف.

والدعوة مفتوحة لإنهاء هذا الوضع المشين من قبل «الأيام» أتساءل عن غياب مكتب الأوقاف الذي تأتي المقابر وحفظها وصيانتها تحت مسؤوليته مباشرة، أين هو من وضع كهذا؟

والجواب باختصار أن هذا المكتب (الأوقاف) مصاب ومنذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً بهوس اسمه نهب الأراضي والبسط عليها وبيعها بأسعار باهظة متحولاً إلى مكتب «للسلب والنهب والهبر غير القانوني» رامياً عرض الحائط مسؤولياته في حفظ المساجد وترميمها وفرشها التي يقوم عوضاً عنه بهذه المهمة التجار وأهل الخير، ثم إهماله للمقابر التي تأتي في أوائل أجندته التي أضحت النهب والسلب والبناء على أنقاض ورفات وجماجم الموتى، بل إن أحدهم ذهب إلى إقامة ورشة في مقبرة في الشيخ عثمان و«مكتب الأوقاف» مشغول بهوسه بالأراضي.

لا أعفي مؤسسة المياه من هذه المسؤولية لأنها تتقاضى رسوماً باهظة عن تلك المياه ولا أعفي «مكتب الأوقاف» الذي رفع عنه القلم ويرى بأن الحي أبقى من الميت وفق مفاهيمه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى