مصيبة فوق مصيبة توجع الرأس والجيب

> عبدالهادي ناجي علي:

>
عبدالهادي ناجي علي
عبدالهادي ناجي علي
الإنسان منا معرض في هذه الحياة لكثير من الابتلاءات والمصائب وبالتالي فهو مطالب بأن يتمتع بالصبر والثبات تجاه ما يتعرض له من ضائقات الدنيا ، فبصبره وشكره لخالقه يثاب على ذلك وفي تبرمه وسخطه يعرض نفسه لغضب خالقه ، لكن الإنسان إذا فاق من سخطه وعرف خطأه ورجع إلى الله واستغفره وتاب مما بدر منه من جحود ونكران تاب الله عليه وغفر له زلاته وأخطاءه.. نعم الله يقبل التوبة ويغفر الذنب في حالة تراجع المذنب واستغفاره لخالقه .

إلا الإنسان المخلوق تأخذه العزة بالإثم في كثير من المواقف فيأبى أن يتراجع ويصفح عن أخيه الإنسان المخلوق مثله ، وهو نوع من الغرور البشري الذي يختلط في لحظة غضب إنساني قد يكون لأتفه الأسباب فيزيد العناد ويتسع الخلاف من لاشيء إلى أشياء قد كبرت وطلع لها قرون وظهرت لها عيون .

وبسبب ذلك الغرور الإنساني نجد مشاكل المجتمع تتكاثر يومياً ومصائب الناس تزداد مع أنه كان بالإمكان أن يكون العفو والصفح هو سيد أي خلافات بشرية وأن يكون الخالق جل وعلا هو القدوة لنا في العفو والصفح والغفران لأننا نخطئ ويغفر الله لنا ذلك ، ونحن البشر لا نرضى أن نغفر زلاتنا فيما بيننا ونتناسى خلافاتنا !! لماذا الكبر والغرور؟

الغرور البشري يدخل الإنسان في نفق يتحمل تكاليفه بصورة لا تقدر عليه حالته المادية ولو نظرنا في حياتنا اليومية سنجد من الشواهد والصور ما يؤكد أننا نحن البشر تأخذنا سلوكيات غير ملزمين بها حتى في حالة وقوع مشاكل أو مصائب - حفظ الله قراءنا منها - فمثلاً في حالة وفاة إنسان ما ماذا نرى ؟ نرى أموراً مقلوبة فبدلاً من أن يقف المجتمع مع الإنسان المصاب في قريبه نجد أنه يحمل فوق طاقته ويطالب بأمور ليست مفروضة في مصيبته حتى حفار القبر والمغسل والمكفن كلهم ينتظرون من أهل الميت ما هو فوق طاقتهم ، وفي حالة الفرح أيضا نجد الإنسان الذي يخيم الفرح في بيته يكلف نفسه الكثير والكثير والسبب خوفه من أن يقول الناس عنه إنه بخيل أو (جلدة)، وبعد انقضاء الفرح تبدأ مطالب الدائنين له بما عليه من ديون، فإنسان يقدر ظرفه وآخر يصر على حقه فتضحي الديون قاصمة للظهور وللعمر معاً.

حريق يشب في منزل مواطن أو دكان أو خرابة تصل المطافي ويصل رجال الأمن ويصل رجال البحث وتبدأ التحقيقات وتبدأ الأسئلة من هذا وذاك وفي النهاية الكل( يتحكحك) والكل يريد من أهل المصيبة مقابل ما قام به نحوه مع أن الواجب يفرض عليهم إنقاذ الموقف دون انتظار مقابل .

يحصل حادث تصادم فيتم إسعاف المصابين والقيام بالواجب إلا أن الواجب يتحول إلى (شحت) حق النقل وحق الديزل والبترول والسائق .. ونسي الجميع أنهم من الممكن أن يتعرضوا لنفس المصيبة ، فلماذا نجعل من مصائبنا مصدر رزق نقتات منه ونؤكل أولادنا وأسرنا منه دون الشعور بواجب المواساة والمؤازرة للمصاب؟!

هناك ناس خيرون يجودون بخيرهم لمن يستحقه من الناس أهل المصائب فهم يؤازرون الكثيرين في معاناتهم فلهم الأجر والثواب من الله .

يا ناس مصيبة فوق مصيبة توجع الرأس والجيب ..فلنكن ممن يخفف لا ممن يثقل الظهور بأمور فوق طاقة الناس في مصائبهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى