المحاسبة .. قبل التوعية

> عبدالله ناجي علي:

>
عبدالله ناجي علي
عبدالله ناجي علي
وضعت حكومتنا (الموقرة) برنامجاً (توعوياً) مدته 35 يوماً يهدف إلى توعية المجتمع بمخاطر الفساد .. تشارك فيه كل الوسائل الإعلامية حكومية ومستقلة ومعارضة وبمشاركة مؤسسات المجتمع المدني وأئمة المساجد .. ليلقوا محاضرات وخطباً توعوية تهدف إلى حشد الرأي العام لكي يساند الجهود الحكومية في مكافحة الفساد.

فهذا الجهد الحكومي لا شك أنه سيكون مفيداً للحكومة والمجتمع معاً .. خاصة وأنه جاء يطرق موضوعاً هاماً وخطير يشتكي منه الجميع وهو (الفساد)، فبرامج التوعية مفيدة للمجتمع على الأقل لأنها ستحرك المياه الراكدة تجاه هذا السرطان الخبيث الذي ينخر جسد الدولة والمجتمع معاً .. ولكننا نعتقد أن نجاح التوعية بمخاطر الفساد يعتمد على اختيار التوقيت المناسب لكي يكون المجتمع متجاوباً معه بشكل ايجابي، وفاعلاً لا مفعولاً به بالشعارات الزائفة. لهذا نعتقد بل نجزم أن التوقيت المناسب لنجاح هذه الحملة التوعوية بمخاطر الفساد ولتكون النتيجة مثمرة وبدرجة عالية من النجاح لو أن الحكومة وضعت الأولوية في محاربتها للفساد ولتبدأ أولاً بمحاسبة الفاسدين .. ولتكن البداية أولاً للفاسدين الذين أصبح فسادهم يزكم الانوف .. وملفاتهم تئن منها أدراج الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ونيابات الأموال العامة.

بعد ذلك يمكن للحكومة أن تقوم بإنزال هذا البرنامج التوعوي أو على الاقل وضع خيار آخر وهو تزامن المحاسبة مع التوعية في آن واحد .. هنا سيكون المجتمع متقبلاً للتوعية بمخاطر الفساد وسيتفاعل معها بإيجابية عالية، لأنه يرى أن هناك فعلاً على الأرض، وأن المصداقية لمحاربة الفساد هذه المرة موجودة وليس شعارات للاستهلاك حُير بها المجتمع خلال السنوات الماضية.

فالحملة التوعية بمخاطر الفساد دون أن تسبقها محاسبة للفاسدين لا شك أن المجتمع سيتقبلها بنوع من اللا مبالاة .. إن لم يكن بالسخرية .. خاصة وأن المجتمع يشاهد الفاسدين ينعمون بفسادهم أمام أعين الجميع مجتمعاً وحكومة!!

بل إن الفاسدين أنفسهم قد صاروا يتفاخرون بفسادهم! وهذا ما يجعل نجاح هذه الحملة التوعوية ضعيفا للغاية إن لم تكن النتيجة سالبة.

فمشكلة الفساد في بلادنا وانتشاره بهذه الدرجة المخيفة يعود السبب فيها ليس إلى نقص الوعي بمخاطر الفساد عند المجتمع .. بل إن السبب الأساسي يعود إلى نقص المحاسبة .. ونكرر ونقول المحاسبة.. ونعلم جميعاً أن الذي شجع الفاسدين على نهب المـال العـام ويشجعـهم هو غـياب المحاسبة.

فمجتمعنا لديه من الوعي ما يكفيه لمعرفة مخاطر الفساد، خاصة ونحن نعيش (عصر الفساد اليمني) الذي تحول فيه الفاسدون إلى (أبطال) والشرفاء إلى (أنذال) وصار الفساد هو العنوان الذي يقدم اليمن إلى العالم الخارجي!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى