مع الأيــام..شعرة معاوية

> عبدالقوي الاشول:

>
عبدالقوي الاشول
عبدالقوي الاشول
واقع الحال في المشهد السياسي اليمني يشير بجلاء إلى انقطاع شعرة معاوية بين السلطة والمعارضة، بمعنى أدق إن المعارضة تخطت واقع الأمس بكل ما فيه من مداهنات ومواقف مواربة إلى ردهات العمل السياسي الجاد.

في حين أن حزب السلطة وإزاء ما يعتمل في واقع المشهد السياسي يبدو أكثر ميلاً إلى قبول نتائج أي عملية انتخابية بل داعياً إلى ضرورة نزاهتها وأن تكون بحضور مراقبين دوليين ضماناً لذلك. مثل هذا التحول في المواقف هو مؤشر واقعي على حيوية الحراك السياسي وانتقاله المفاجئ من تلك الحال العقيمة إلى ساحة التنافس السلمي والديمقراطي على السلطة.

المعارضة وعبر مرشحها الواحد.. نفضت عن ذاتها ما ترسخ في الأذهان من مواقف باهتة وتسليم مسبق بالهزيمة بكل ما شكلت من خذلان لمناصريها جعل من غير الممكن البناء على مثل تلك الأجهزة الباهتة للتغيير.. ما ولد شعوراً ويقيناً خلال السنوات الماضية بعدم جدوى أي عملية انتخابية.

لعل مثل هذا التحول الذي ربما فاجأ الكثيرين في موقف أحزاب المعارضة منحها قوة ومكانة وربما يشير ذلك إلى أن تكون الساحة السياسية اليمنية هي أول من يعلن عن تداول سلمي للسلطة في الوطن العربي ولأول مرة عبر صناديق الاقتراع، ما يعزز من قدر مباهاتنا المستمرة بأننا موطن وبلد الشورى وما كان في عهد ملكتنا بلقيس التي ورد ذكر عرشها الشوروي في محكم كتاب الله القرآن الكريم.

إذن المعارضة تخلت عن أجندة ماضيها لصالح التغيير الحقيقي وهي بهذا المسلك تؤسس فعلياً لمداميك الطريق الديمقراطي والتمثيل الفعلي للجماهير والنضال من أجلها.. مما يكسبها ثقة المناصرين بل واحترام العالم ويعيد لها مكانتها المفقودة أو بالأحرى المهدورة بسبب ما كان من مواقف مواربة ذاتية مؤسفة، كما إن الغاية من هذه العملية لا تمثل الانتصار الحتمي للمعارضة على السلطة كما يظن البعض، فالأمر هنا مرهون بمعرفة كل حزب سياسي حجمه وقوته في الساحة اليمنية ما يؤسس لعملية ديمقراطية حقيقية في التداول السلمي للسلطة، ففي حال نجاح الحزب الحاكم عبر صناديق الاقتراع والعملية الانتخابية النزيهة يستطيع هذا الحزب أن يستمد ثقته من مكانته الحقيقية وحجمه الواقعي، كما أن مثل هذه النتائج تشكل واقعاً للعمل في ظل آلية دولة لا تتعايش مع الفساد.. وهنا تكمن معاني العملية الديمقراطية الحقيقية.

في حين أن المعارضة عندما تشعر من تقارب النتائج أن الضرورة تستدعي العمل في الوسط الجماهيري والظهور ببرامج انتخابية مقنعة تؤهلها للوصول إلى تداول سلمي للسلطة والنأي بنفسها عن دروب الانهزامية المسبقة فإن ذلك يدعوها للظهور بأجندة نشاط سياسي جاد بعيداً عن صور المواربة وأنواع الابتزاز السياسي وربما المصالح الضيقة، ولا نبالغ إذا ما اعتبرنا المؤشرات الحقيقية للعملية الانتخابية القادمة طريقاً للخلاص من دوامات الماضي السياسي العقيم وتلك القضايا الهامشية والتفاصيل التي تكمن فيها ضبابية المواقف السياسية وتلاشي فاعلية الأداء، مما وطن لأسوأ المساوئ الاجتماعية وأبشع صور الفساد والإهدار للمال العام.بمعنى أدق إن آفاق المستقبل توحي بتبدل في التفكير والتعاطي مع قضايا الواقع والاتجاهات الجدية صوب وضع الاستراتيجيات المهمة والمحددة لآفاق مستقبل شعبنا وتقدمه الحضاري.. عبر بوابة تخطي معضلات الواقع الاقتصادي والاجتماعي.

الساحة السياسية اليوم مشرعة للعطاء بصورة مخالفة لما ظل سائداً خلال العقود المنصرمة وهو ما يجعل المنافسات ساخنة وجادة فهل هي المرة الأولى التي نشهد فيها سخونة المنافسات السياسية.. التي لا شك أنها تستوعب معها أحلام وتطلعات ملايين السكان نحو حياة أفضل تتوفر فيها الحدود الأساسية لكرامة العيش والحياة وتعيد الأمل إلى النفوس بأننا أمة حية قادرة بالفعل على تخطي معضلات واقعها بصبر وإرادة وحكمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى