أيــام الأيــام..حضرموت في صنعاء ليست ملفاً!

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
تراكمت لدى الحضارم تجربة عريقة وتليدة منذ عشرات السنين، هذه التجربة لم تكن وليدة ظروف سياسية حتمت ظهورها، ولا نبعت من براثن الصراع والاشتباكات، تجربة ولدت ولادة طبيعية روحها التضامن والأخوة والوجود وهوية هؤلاء الناس فقط، انطلقت خارج حضرموت وبعيداً عن المنطقة الجنوبية كلها، بانت مع البناء والتكاثر للحضارمة في بلدان بعيدة عن الجوار منذ القرن التاسع عشر تقريباً وما قبله كرجال دعوة ورسالة ثقافية ثم المنحى التجارى وتحديات المكان في الهند وشرق إفريقيا والسودان ومالي والسنغال وإفريقيا الوسطى وجنوب شرق آسيا ثم المهجر الحديث بالجزيرة العربية والجوار، ومن يرغب في تتبع هذه الظاهرة أو ملاحقتها نقداً أو شتماً أو إشادة لا بد هنا من قراءة وصداقة وتفرس في المكان الحضرمي وحضرمية السكان والهوية وجوهر الهدف القديم والوسيط ومن ثم القادم مروراً بالمحطات الراهنة ومغازلتها ليس إلا.

في صنعاء التي عرفها الحضارمة منذ نشأة المدنية والاستقرار في حضرموت وما قبله من التبادل التجاري والتنقل داخل المنطقة المحايدة ثم اتفاقات السلاطين بحضرموت على ضريبة التجارة ما بين جنوب اليمن حضرموت وشمال اليمن مأرب وصنعاء وزبيد، ظهر التواجد في مناطق الحضارم باليمن الأسفل والبيضاء ويافع والوهط وقبله تسابق الدعاة والتجار والأئمة وأولياء الله الصالحون إلى عدن، ومن صنعاء جلس شيخان الحبشي المفكر والسياسي والمتعلم مستشاراً للأمام أحمد على ما أظن! وساهمت أسماء كبيرة في دواوين الحكم في تعز والحجرية وغيرها، ومثلما فعلوا في الهند وكينيا وماليزيا أو الملاوي وتشاد والجزائر وريف المغرب، اتفقوا أن يكونوا حضارمة عليهم واجب الوفاء والتواصل والتمسك بالدين الحنيف والعادات ورسالتهم الثقافية، أنشأوا دواوين وحلقات ومدارس ومفكرين منهم ابن خلدون وزميله بخيث الحمومي مترجم دواوين الدولة الفاطمية من اللغة الفارسية إلى العربية وهم كثر ولا نعتقد إلا أنهم أهل حركة وحياة وجهاد لا يسكت ويظل يصرخ حتى وإن كان ساكتاً.

في صنعاء اشتكى أبناء وأعضاء الجمعية الخيرية وهي صوت رافع يعلن عن بقائه كما فعلت جمعية عدن منذ الخمسينات من القرن الماضي ورجالها من آل باسنيد وباعبيد وباشراحيل وباسندوة وطرموم والخطيب وآخرين، قالوا إن الوجع من عدم تفاعل الجميع مع البعض ممن جعلوا التاريخ مقطوعاً ويبدأ من 7 يوليو وأيام الفيد، وينسون أن الأديب الكبير المفكر علي أحمد باكثير وضع النشيد الوطني لثورة 1948م ومطلعه (هذه أمنا اليمن لا مرحبا أمنا اليمن) طمسوا أو هم لا يعلمون حقاً أن المكلا فتحت التبرعات بالمال والرجال يوم 26 سبتمبر 1962م، وذهب الرجال دفاعاً عن المشروع الوطني الاستراتيجي الثورة اليمنية والوطن اليمني الكبير ولم يضعوا حضرموت في الجيب بطاقة تهان وتبريكات ولا ملفاً به رسومات توصل ما بين الوطني وغير الوطني والوحدوي والانفصالي والتراجعي والانشطاري.

قضايا حضرموت وضرورتها من الكهرباء والمياه وسرقة الوظائف وتغييب الاستحقاقات في السفر للصحفيين والوفود والدورات للكفاءات والمنح الدراسية المخفية كل هذه مواضيع ساخنة دائمة لا ينفك أعضاء الجمعية وأبناء حضرموت في صنعاء ومحبو الحضارم والأصدقاء يثيرونها مع أنها أوراق تحرق اليد، والاستياء الذي رأيناه هو إصرار المستفيدين حزبياً وقرباً على تحويل حضرموت في صنعاء إلى مجرد ملف يتعامل معه بعض المسؤولين من حضرموت هناك والمعتمدين لدى الحكومة بمعزل عن المشاعر والوجدان والعمومية النقية وأخضعوا الأمر للمزايدة والانتهازية والمناصبية خاضعة للطلب والسوق السياسي، وهذا ما يغضب أغلبية من هم في صنعاء وكل حضرموت وجدة وعدن.

وظهر الاستياء من عدم الاتصال مع حضرموت بعدما سقطت جمعية المكلا الخيرية واغتيلت ذات مساء وبعثر رفاتها، ومع هذا نشعر بتفاؤل ودور كبير لقيادة الجمعية والشخصية الوطنية والمالية محفوظ شماخ ورفاقه، وتظل حضرموت في صنعاء ليست ملفاً رغم المحن وهي إن كان لا يعلم أحد ليست رهينة أو سلفاً ولكنها تلف وتلف، وعادها با تلف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى