القاضي هل هو موظف أم صاحب ولاية؟

> القاضي/ سمير عبدالله شوطح:

>
سمير عبدالله شوطح
سمير عبدالله شوطح
مترتبات الإجابة عن هذا التساؤل تعد حتماً على قدر كبير من الأهمية لاتصال ذلك بقواعد وأصول وأسس ومبادئ دستورية وقانونية,والإجابة عن ذلك تتطلب بالضرورة والمنطق معرفة إن كان القضاء وظيفة .. أم هو سلطة وولاية. والإجابة عن التساؤل الآخر تحسم الأمر قطعياً. إن المتفحص لمجموع المواضيع التي نشرتها على صفحات صحيفة «الأيام» الغراء يمكن أن يخرج باستنتاج صحيح بأننا من أنصار الرأي القائل: إن القضاء سلطة وولاية وليس وظيفة والقضاة ليسوا من موظفي الجهاز الحكومي أو فروعه.

ويجزم بصحة هذا الرأي صريح نص المادة (149) من دستور الجمهورية اليمنية والذي جاء كما يلي: «القضاء سلطة مستقلة قضائياً ومالياً وإدارياً والنيابة العامة هيئة من هيئاته وتتولى المحاكم الفصل في جميع المنازعات والجرائم والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأي جهة وبأية صورة التدخل في القضايا أو في شأن من شئون العدالة ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط بالتقادم».

ومع صراحة النص وجزمه يجد المتفحص أن بعض النصوص في بعض التشريعات ضلت تخلط بهذا الأمر حيث تورد عبارة موظف عام وأحياناً موظف عمومي -على الرغم من الفرق بينهما -عند الحديث عن القضاة بما في ذلك - مع عظيم الأسف - بعض نصوص قانون السلطة القضائية الذي يعول على مشروع تعديله المزمع استكماله تدارك مثل هذه التناقضات. إلا أن الغالب من التشريعات النافذة بما فيها الأكثر من نصوص قانون السلطة القضائية النافذ تجزم بطبيعة القضاء كسلطة وفي كل الأحوال فإنه تبعاً للقوة القانونية للأصل الدستوري المذكور وغيره من مواد الدستور فإن العبرة بما يتوافق مع هذا الأصل ونسخ كل نص تشريعي وقانوني يتعارض معه.

والأمر الجوهري هو إدراك هذا الأمر من قبل الهياكل الرئيسية للسلطة القضائية بداية وكذا السلطات الأخرى التشريعية والتنفيذية خاصة ليعملوا جميعاً على صيانته وتجنب كل سلوك أو إجراء أو عمل يخل بالمبادئ الدستورية المستقرة بشأن استقلال السلطة القضائية. والمتأمل يجد أن كامل التشريعات النافذة حسمت كل الأمور المتصلة بشؤون القضاة من حيث: الاختيار والتعيين والدرجات والترقيات والمرتبات وكامل المستحقات المالية .. والتقاعد وفقاً لهيكلهم الخاص وكذا الحال بشأن مساءلتهم وتأديبهم وهي في مجملها مجموعة من القواعد الخاصة غير تلك التي تسري على كـافـة مـوظـفـي الـجهاز الحكومي وفروعه.

ويكون من المفيد في هذا الاتجاه الإشارة إلى القضاء المصري الشقيق الذي حسم هذا الموضوع جوهرياً بحكم محكمة النقض المصرية رقم (8792) للسنة القضائية (72) بتاريخ 25/9/2002م ونورد القاعدة السادسة من هذا الحكم لأهميتها:«6-وضوح عبارة القانون لا يجوز معه الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل ولا محل للاجتهاد مع صراحة النص واجب التطبيق. رجال السلطة القضائية ليسوا من موظفي الجهاز الحكومي وفروعه. اختصاص الرقابة الإدارية مقصور على موظفي الجهاز الحكومي وفروعه المبنية بنص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 54 لسنة 1964م دون المخالفات التي تقع من القضاء أثناء مباشرتهم لواجباتهم أو بسببها والتي تخضع لقانوني السلطة القضائية والإجراءات الجنائية. مخالفة ذلك خطأ في القانون. لا يغير من ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من خلو قانون السلطة القضائية من نص يمنع تطبيق قانون الرقابة الإدارية على القضاة مادام اختصاص الرقابة الإدارية لا يمتد إليهم».

ويجد القارئ والباحث أن هناك تطابقاً يكاد أن يكون تاماً بين نصوص الدستور وقانون السلطة القضائية المصري واليمني.

هذا مع لزوم الإشارة إلى أن قصب السبق حققه نص المادة (149) من الدستور اليمني الذي حسم صراحة استقلال السلطة القضائية في كل نشاطاتها إلا أن المحك يبقى في التطبيق العملي في جميع الأحوال.

هذا والله نسأل الهداية والسداد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى