وتـلك الأيــام..طاحونة العرب

> محمد عبدالله الموس:

>
محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس
تسارعت الأحداث في فلسطين ولبنان بصورة تدعو للقلق حيث انطلقت الآلة العسكرية غير المتكافئة للعمل على أرض الواقع بدلاً من طاولات التفاوض المتفق عليه بين الفلسطيينين والإسرائيليين، ووصل الأمر إلى ضرب أهداف مدنية في لبنان (مطارات، مخازن وقود، جسور) وغيرها.

كلنا يدرك أن قواعد عض الأصابع بين الفلسطينيين والاسرائيليين كانت تقتصر على عمليات فدائية داخل إسرائيل تقابل برد إسرائيلي يستهدف قيادات ونشطاء ميدانيين فلسطينيين، أو بعض المواقع التي يعتقد بصناعة أسلحة المقاومة فيها.

بعد الاحتقان الذي شهده الشارع الفلسطيني وسلطته إثر فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية وجد هناك من يعمل على تحريك الجمود باتجاه الهاوية من خلال أسر جندي إسرائيلي قرأته حكومة إسرائيل خروجاً عن قواعد لعبة عض الأصابع، وإحراجاً لها أمام الناخب الإسرائيلي بعدم قدرتها على حماية مواطنيها من الأسر لدى دولة لم تتشكل بعد.

وفي الجانب اللبناني نفذ حزب الله عملية عسكرية نتج عنها فيما نتج أسر جنديين إسرائيليين كانت بمثابة لطمة أخرى على الخد الآخر الإسرائيلي لمسنا تأثيرها في عنف الرد المستمر على الأهداف المدنية اللبنانية.

يرى البعض أن هناك أطرافاً حركت الأحداث لتخدم مصالح محلية أو إقليمية مستغلة الاحتقان الفلسطيني الإسرائيلي، ويراها البعض الآخر مغامرة غير محسوبة العواقب، وربما هناك من يراها لعبة كبرى تهدف إلى خلخلة الوضع القائم لإحداث ترتيبات أكبر من فلسطينية أو لبنانية، وأيا كان الأمر فإن الثمن عربي، حتى الآن، يضاف إليه الاعتقاد بغياب القراءة العربية الموحدة لهذه الأحداث ونتائجها المحتملة.

الطرفان، الفلسطيني واللبناني، لا يملك أي منهما القدرة على توجيه ضربات عسكرية موجعة توقف إسرائيل عن المضي في الاستخدام المفرط للقوة المدمرة للبنى التحتية، وعلى الجانب الرسمي العربي لا نرى مشروعاً عربياً موحداً للتعاطي مع الأحداث، فالموقف العربي يتشتت عادة عند كل عاصفة تحيق بالمنطقة لصالح مشاريع صغيرة، وما نقصده ليس العنتريات الميكروفونية وإنما آليات متماسكة تضغط باتجاه فرض احترام الاتفاقات التي وقعتها الأطراف.

أغلب الظن أن غياب الموقف العربي الموحد يرجع إلى أن العرب لا يملكون مشروعاً مستقبلياً ولا مشاريع إقليمية، وفي كثير من البلاد العربية لا يملكون حتى مشاريع وطنية تتعاطى مع العصر ومتغيراته لذلك فإن نتائج اجتماعاتهم تكون دون مستوى التطلعات ولا تتجاوز جعجعتها حدود قاعاتها العتيدة.

هم يدركون أن المياه تجري من تحت أقدامهم وأن زمن المصالح العابرة للحدود والقارات يفرض أجندات متجددة خارج نطاق العنتريات الميكروفونية، وأن احترام هذه المصالح يبدأ من احترام حقوق المواطن العربي في بلدانهم وبينها، فمنه يستمدون القوة في التعاطي مع الآخرين، فهل يدرك قادة العرب وبطاناتهم هذه الحقائق وتأثيرها على الفعل العربي، وهل ترى طاحونة العرب تتجاوز الجعجعة لترينا طحيناً؟.. إن الأمر كلٌّ لا يتجزأ ففاقد الشيء لا يعطيه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى