أيام الدهرة وصلت!

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
برغم التذمر الذي يسود أسواق الأسماك من انعدام تام لسمك الثمد والديرك في عدن والمكلا والشحر وظهور أنواع أخرى لتتسيد الوضع الراهن مستفيدة من غياب الآخر على الساحة أو ارتفاع سعره، فقد تصدرت الباغة العدنية الموقف وعبر عنها ببلاغة وسخرية ونقد لاذع الرسم الكاريكاتيري بصحيفة «الأيام» في عدد السبت (4651) 3 ديسمبر 2005م، وحدثنا بحديث هام وبلاغ قوي في عموده الأسبوعي قبل عددين الأستاذ الكبير عبده حسين أحمد، ويسأل الناس كل يوم ما هي قصة أسماك اليمن؟ وما أسباب اختفائها؟ ومع هذا فنحن في ساحل حضرموت ربما أهون حالاً، وحتى لا يظن أهلنا في عدن أننا ننعم بتذوق الأبيض والأحمر من السمك الطري، كلا، وإنما من سمع عن حالي تعجب واستغرب وعندما شاف حالي بكى وتقبقب، وبقدوم موسم (العيدة) الساردين وتدفقه على سواحل المكلا وروكب والشحر والحامي نحن ننعم هذه الأيام بأكل العيدة الطازجة اللذيذة ولم يعد المثل القائل (ماشي عيدة، قال كزوا في تنارين) خيالياً بل واقعي فقد اشتعلت التنانير في هذه الدار أو تلك القرية وصارت العيدة سيدة المائدة والحديث، وأصبحنا فعلاً نعيش أيام الدهرة التي وصلت متزامنة مع مشروع المشترك والرابطة والناصريين والقائمين والقاعدين، وأيام الدهرة التي وصلت ساحل حضرموت وأدخلت البهجة علينا، ليس لأنها توفرت فقط بل لأنها أنقذتنا من قحط أسواق الأسماك ووفرت علينا التعب وغلاء الثمد وأدخلتنا فعلاً أمام استراتيجية حقيقية هي الرمض أفضل وكزة التنار أسلم وكيلو الصيد يتقسم على الصغار والكبار وكل فرد في الأسرة يأخذ كفايته وأمام عجز الميزانية لأصحاب الدخل المحدود والعاملين على باب الله تحققت أمنية الإنسان اليمني البسيط في العدالة وتوزيع الثروة السمكية وتصبح أيام الدهرة التي وصلت مدخلاً للحل الجذري والحقيقي القادم.

توفر العيدة هذه الأيام في المكلا وكل الساحل الحضرمي لم يأت هكذا بسهولة، صحيح أن العيدة في البحر والبحر حق الله والخير جازي، لكن أصبح البحر اليوم يتوزع حسب الملكية ولم تعد العيدة حرة وطليقة مثلما نعرف عنها في السنوات الماضيات، حينما نجدها أمام بصرنا على الساحل ومن غرف يغرف، فقد تحددت السيطرة على الثروة السمكية، ولهذا جاءت مبادرة وقف الحوي ووقف الهجمة ضد العيدة وتركها تعوم وتبدأ عندئذ أيام الدهرة وعلى الأقل جعلنا نستمتع بشيئين: دهرة الساردين الحي، والاهتمام بالحوار الذي يدور حول تدفق المبادرات السياسية وتلك الدعوات التي انطلقت منادية بالإصلاح ما بين المناصرين للحكم المحلي الواسع إلى تبني الفيدراليات وأنواعها وألوانها الغربي والآسيوي والأفريقي، وكل هذا هطل علينا وتعددت الأصوات المؤيدة والمعارضة والصامتة أو كما يقولون (كل واحد يفقع على طاره). وبما أن مهمة الدهرة هي إنضاج ما بداخل التنار وليس الأمر مجرد استخفاف بالدهرة السياسية وما يرافقها من اشتعال في الحوار إذ إن كل ما يقال أو يكتب ويتحدث حوله الناس لا يذهب إلى تنار واحد، فتنار العيدة غير تنار السياسة ولكنها مع هذا تدخل جميعها في إطار الأيام الحقيقية للدهرة التي وصلت وفاح ريح ما ينضج بداخلها، ولم يعد إيقاف نارها بنفخة فم حسبما نعلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى