مع الأيــام..جنوب لبنان وأنظمة و«قصائد مغضوب عليها»

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
أقدم حزب الله اللبناني يوم الأربعاء الفائت على عملية عسكرية فريدة من نوعها باختراق شمال إسرائيل واحتجاز جنديين إسرائيليين وقتلت ثمانية وأصابت عدداً كبيراً من الجنود الإسرائيليين فيما استشهد أحد أفراد كوماندوز حزب الله، الأمر الذي قلب الموازين الإسرائيلية رأساً على عقب.

جاءت عملية حزب الله على خلفية تحليق طائرات عسكرية إسرائيلية على قصر الرئاسة السوري وعلى المجازر الوحشية الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، فردت الاعتبار للجانب السوري وخفضت الضغط نيابة عن العرب، زعامات وشعوباً ، وبحسب توصيف المفكر العربي الكبير د. طيب تيزيني أن الدولة الأمنية ابتلعت المجتمع ومثقفوها (أي مثقف العرب) فقدوا شخصيتهم التاريخية.

لم تأت عملية حزب الله من فراغ وإنما عكست نفسها على عدة أوراق منها ورقة الشيعة في العراق وفي جنوب لبنان وورقة القضية اللبنانية وورقة إيران كقوة إقليمية بالمتغيرات الجديدة كقوة نووية مرشحة وخلاصتها أن الشيعة تمكنت من سحب الحصير من تحت أقدام السنة. ما يحسب لحزب الله أنه تمكن من تجهيز البنية التحتية للمقاومة ومن تطوير المورد البشري التكاملي في الجنوب اللبناني ومساحته (2011) كيلو متراً مربعاً ويشمل الشريط الحدودي (ومساحته 1100 كيلومتر مربع) الذي يمتد بدءاً من البحر عند رأس الناقورة على كامل الحدود اللبنانية الإسرائيلية بطول 79 كم، ويقع في نطاق تلك المساحة قضاء صيدا وقضاء النبطية وقضاء صور وقضاء بنت جبيل وقضاء مرجعيون وقضاء حاصبياً وقضاء جزين بإجمالي 133 قرية و60 مزرعة.

إن مؤشرات ما يدور في الجنوب اللبناني تبين أن إيران قد أصبحت رقماً كبيراً وصعباً على حساب النظام العربي، الآخذ في العد التنازلي وبإمكان إيران حالياً أن تلعب على أي ورقة تشاء وبإمكانها تعزيز انتشارها في أماكن متفرقة من البلاد العربية بتحريك قواها الاحتياطية الداخلية في عدد من تلك البلاد وربما تفكر في إحياء الهلال الخصيب من جديد.

شدني لقاء فضائية «المستقلة» مساء الجمعة الماضية عندما استضافت الأخ ناجي الحرازي وأدلى مواطنون ومواطنات عربيات بدلائهن وهالني ذلك الغضب الذي ساور المداخلين، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد أعادني ذلك الغضب على الأنظمة العربية إلى «قصائد مغضوب عليها» للشاعر الكبير نزار قباني، رحمه الله والذي لم يضم قصائد وإنما ضم حرائق طالت الواقع العربي على حساب الاستثناء القومي «لبنان». أنكر نزار انتسابه إلى الوطن العربي الكبير في قصيدته «قرص الأسبرين» وجاء في سياقها:

لا

ليس هذا الوطن المصنوع من عشرين كانتوناً

ومن عشرين دكاناً

ومن عشرين صرافاً

وحلاقاً

وشرطياً

وطبالاً وراقصة

يسمى وطني الكبير

ورد في «السيمفونية الجنوبية الخامسة»:

سميتك الجنوب

سميتك الحياة والسنابل

وشتلة التبغ التي تقاتل

ونجمة الغروب

سميتك الفجر الذي ينتظر الولادة

والجسد المشتاق للشهادة

يا آخر المدافعين عن ثرى طروادة

كما ورد في «تقرير سري جداً من بلاد (قمعستان)!»:

جميعهم موتى ولم يبق سوى لبنان

يلبس في كل صباح كفناً

يشعل الجنوب إصراراً وعنفوان

جميعهم قد دخلوا جحورهم

استمتعوا بالمسك والنساء والريحان

جميعهم مدجن، مروّض، منافق، مزدوج جبان

ذلكم هو الغضب العربي وتلكم هي شذرات من «قصائد مغضوب عليها» وماذا بعد الغضب؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى