لماذا كل هذا الفشل والعجز العربي؟

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
إذا ألقيت نظرة سريعة على الخارطة الجغرافية للدول العربية مجتمعة وقارنت تلك المساحة الشاسعة للمجموع العربي بدولة الكيان الصهيوني ستشعر حتماً بالخجل والاستغراب، وسوف تتبادر إلى ذهنك فوراً أسئلة كثيرة يقول أولها: لماذا لا تستطيع هذه الدول الكثيرة والكبيرة بإمكانياتها الطبيعية والبشرية وبتاريخها الزاهر المجيد، مواجهة هذه (الإسرائيل) الصغيرة؟ ولماذا فشل الكيان العربي الكبير طوال خمسين عاماً مضت من المواجهة مع إسرائيل في تحقيق مطالبه المشروعة المتمثلة في استعادة ما تم اغتصابه حتى منذ حرب حزيران 1967م؟!!

الباحث عن الأعذار والحجج الوهمية سيقول إن الدولة العظمى (أمريكا) هي مصدر القوة ومنبع الغطرسة والصلف لإسرائيل، وهي سبب انتصاراتها العسكرية والدبلوماسية الدائمة، وفي حقيقة الأمر أن مثل هذا العذر لا يبدو مقنعاً للشارع العربي على الرغم من عدم إنكارنا للدعم الأمريكي ومساندته للباطل الإسرائيلي على حساب الحق العربي، إلا أن السبب الحقيقي يعود بالدرجة الأولى بلا أدنى شك في كل هذا الفشل العربي الجماعي المخجل، إلى (النظام العربي الرسمي) ذاته الذي جثم على صدر المقدرات العربية (أرضاً وإنساناً) طوال المرحلة السابقة من الصراع العربي - الإسرائيلي، على اعتبار أنه نظام (قديم) (متهالك) يكرس جميع إمكانيات الدولة من أجل مصلحة الطبقة الحاكمة ولا يعمل من أجل الصالح العام مقارنة بالصالح الخاص.

إسرائيل (الصغيرة) دولة منتجة وصناعية وذات اقتصاديات قوية، ويعتبر اقتصاد نظامها اقتصاداً قوياً مقارنة بالدول العربية المنتجة للنفط، وهي دولة صناعية على المستويين الصناعيين العسكري والمدني، ويكفي على سبيل المثال لا الحصر أن تعلم أن هذه الدولة الصغيرة قد باعت لدولة كبرى مثل الهند مؤخراً نظام دفاع جوي يسمى (فالكون) بما قيمته (مليار دولار) .. في حين لم يسجل لنا التاريخ نحن العرب أن بعنا لأحد ما على هذا الكوكب شيئاً يذكر سوى (نفطنا الخام) منة الله وستره لنا .. وهو مادة طبيعية لا علاقة لنا بإنتاجها سوى أنها هدية السماء التي وقفت سداً منيعاً في طريق تحولنا إلى أفقر كيان سكاني على وجه الأرض.

ويكفي أن تعلم أيضاً أن هذه الدولة الصغيرة تنفق على (البحث العلمي) 16 ضعف ما ينفقه (المجموع العربي) على الهدف الاستراتيجي المهم ذاته!! وربما أننا العرب نتفوق على إسرائيل في إنفاقنا الباذخ على الانتخابات المزورة والاحتفالات الوطنية ومناسبات تقديس وتأليه الحكام أكثر مما تنفقه إسرائيل بكثير، كما أن أنظمتنا العربية تتفوق على إسرائيل أيضاً في عدد صور زعمائها مقارنة بالقيادات الإسرائيلية .. فهل شاهدت عزيزي القارئ الكريم صورة واحدة لزعيم إسرائيلي في أي عمود كهربائي أو لوحة دعائية في أي شارع يهودي؟!!

في ظني أن العجز العربي سيظل مصيرنا الحتمي في مواجهة الكيان الإسرائيلي، وستظل أراضينا عرضة للقضم كلما أرادت إسرائيل ذلك، وسيظل المواطن العربي الضحية الأولى والأخيرة للعدوان الإسرائيلي المتجبر وللخور العربي المخجل، وستبقى هذه الأنظمة مصدر الفضيحة ومنبع الهزيمة العربية، ولا يمكن لهذا الوضع أن يتبدل أو يتغير إلا متى ما تمكنت الشعوب العربية من الإمساك بزمام المبادرة وتقدمت نحو بناء أنظمة سياسية تمثل إرادتها الحرة، وتعكس مصالحها وطموحاتها لا مصالح وطموحات حكامها الذين يضعون هذا المواطن العربي خارج نطاق التاريخ.

إن نظرة سريعة لأرشيف الصراع العربي - الإسرائيلي حتماً سوف يشعرك بالخجل أمام شعوب الدنيا، وسوف يجعل رأسك مطأطأ إذا ما تحاورت مع أي مخلوق غير عربي عن السر في تلك الهزائم العربية المتكررة وعن هذا الضعف والتفكك العربي البين، وستبقى اجتماعات القمم العربية وسيلة لكشف الخور والاختلاف والتهالك العربي، أكثر مما يمكن أن تقدمه من تعاضد وتكاتف عربي، وما المواقف العربية المتباينة حتى الآن في مسألة حتمية عقد قمة عربية أم لا إلا دليل واضح على هذا العجز العربي الذي لم يعد يحتمل ولا يطاق.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى