الحضارم: بضاعة ممتازة فترة استخدامها قصيرة المدى

> حسن بن حسينون:

>
حسن بن حسينون
حسن بن حسينون
اشتهر الحضارم تاريخياً بصفات حميدة في كل مكان يوجدون فيه داخل حضرموت وفي مهاجرهم .. ومن هذه الصفات التي مثلت ثقافة يتوارثها الأجيال، الصدق والأمانة والدأب في طاعة الخالق واحترام النظم والقوانين.

هذه الصفات الحميدة لا توجد إلا داخل المجتمعات المدنية التي تغيب فيها ظاهرة العنف والثارات والعصبيات القبلية وغير ذلك من الظواهر المرضية. وإن كل الفئات والشرائح الاجتماعية التي تشكل المجتمع الحضرمي لا مكان عندهم للأعراف والعادات والتقاليد وموروث الماضي المتخلف في حل القضايا والجرائم الجنائية خاصة وأن مكانها الصحيح هو القضاء والمحاكم الشرعية. وقد تجسد ذلك خاصة ما بعد التوقيع على معاهدة الاستشارة مع السلطات البريطانية عام 1937م في عهد السلطان صالح بن غالب القعيطي، وهو السلطان القعيطي الوحيد المثقف العالم والمفكر الباحث الذي له العديد من الكتابات والمؤلفات في العلوم الإنسانية وصاحب الريادة في إقامة الحكم المحلي الواسع الصلاحيات في الألوية والمساحة الجغرافية التي تتشكل منها السلطنة، وفي عهده استتب الأمن والاستقرار في ربوع حضرموت وترسخت أكثر تلك الصفات في سلوك وممارسات الناس.

وبعد أن توحدت حضرموت مع بقية المحميات والتي شكلت جميعها جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية عند الاستقلال الوطني عام 67م انتقل بعض الحضارم المسؤولين إلى عدن عاصمة دولة الاستقلال وعند ذلك وجدوا أنفسهم وسط مجتمع جديد وعادات وتقاليد جديدة تختلف عن ثقافة وتقاليد المجتمع الحضرمي وواقع -باستثناء واقع المجتمع العدني - تسود فيه علاقات وثقافة المجتمعات القبلية المتخلفة خاصة داخل المؤسسات العسكرية والتنفيذية والتنظيمية ومن ثم الحزبية وغير ذلك من المؤسسات التي تسيطر على نظام الحكم والتي كانت السبب في كل الخلافات والصراعات على السلطة في الجنوب.

ومع أن الحضارم قد تعودوا على ثقافة المجتمع المدني فقد وجدوا أنفسهم في حيرة من أمرهم مع هذا الواقع الجديد والتكيف معه .. ومع مرور الوقت وجدوا أنفسهم وبدون استثناء مهمشين لا وجود لهم ولا نفوذ لا في المؤسسات العسكرية أو الحزبية عدا بعض الرموز القيادية التي استفاد من وجودها المتصارعون على السلطة خاصة المنتصرون حتى يتفقوا فيما بينهم لوضع حد للخلافات والصراعات وكانوا بمثابة (الحالي) الذي يوضع في (الخبز المشطور) ولسنوات طويلة بداية بعلي سالم البيض، الأمين العام للحزب الاشتراكي الذي وقع على اتفاقيات الوحدة مع علي عبدالله صالح، وحيدر أبوبكر العطاس، رئيس الوزراء ما قبل وما بعد قيام دولة الوحدة وهو الذي وقع على اتفاقية ترسيم الحدود مع سلطنة عمان وقد انتهى المطاف بالاثنين إلى كل من عمان والسعودية نتيجة لحرب صيف 94م، وجميعهم لا ينتمون إلى قبائل تحميهم أثناء الصراعات القبلية أو الصراعات على السلطة والنفوذ وهذا دائماً ما يكون مصير من لا ينتمون إلى المجتمعات القبلية المتخلفة.

ثم يأتي الدور بعد تلك الحرب على د. فرج بن غانم، الذي عين رئيساً للوزراء وكان له دور بارز في تهدئة الأوضاع بعد الحرب وإعفاء اليمن من ديونها للدول المانحة والتي تعد بالمليارات، وبعد أداء المهام المطلوبة منه لم يعد قادراً على التكيف مع الواقع القائم ليجد نفسه بين المطرقة والسندان إما الاستمرار في منصبه وتنفيذ ما يطلب منه وإما أن يغادره طواعية ففضل الاختيار الثاني بالاستقالة.

ثم يأتي دور الأستاذ عبدالقادر باجمال، رئيس الوزراء ليكمل ما لم يكتمل من قبل سابقيه (البيض، العطاس، بن غانم) من مهام منها التوقيع على ورقة التفاهم مع الجانب السعودي التي بموجبها أنهت معاهدة اتفاقية الطائف بين اليمن والسعودية عام 1934م ثم التوقيع على اتفاقية الحدود النهائية بين اليمن والسعودية أيضاً. أما فيما يتعلق بجزيرة حنيش وأرخبيل حنيش فكان التوقيع عليها من نصيب د. عبدالكريم الإرياني.

وأخيراً في هذه الأيام فقد طرأ طارئ وجاءت الحاجة إلى حضرمي حتى يسد الفراغ، وما أحد أحسن من حد، فقد وجدت أحزاب المشترك ضالتها في الرجل السياسي المخضرم والمجرب فيصل بن شملان وهو الرجل المستقل الذي لا ينتمي لأي حزب ليكون مرشحاً لهم في منافسة الرئيس علي عبدالله صالح في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في سبتمبر القادم.

أما لماذا رشحوه ولم يكن المرشح من بين صفوفهم؟ ولماذا هو شخصياً قبل بذلك الترشيح؟ فأعتقد أن النوايا والأهداف من وراء ذلك لم تكن بعيدة عن تلك التي جاءت بعلي سالم البيض وحيدر ابوبكر العطاس وفرج بن غانم، وانتهاء بعبدالقادر باجمال، وليستطيع ملء الفراغ المختلف حوله حتى تستتب الأمور لصالحهم ومن ثم لكل حادث حديث.

وإذا كان العالم هذه الأيام مليئاً بالغرائب والمفاجآت فإن المفاجأة التي سوف تهبط على اليمن واليمنيين قريباً هي ما قد تأتي بها الأيام قريباً وقريباً جداً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى