رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> 1- الكابتن علي الصيني: لاعب الكرة الذي تم توصيفه بالساحر .. الولادة والنشأة .. في حي الخساف، أحد أحياء مدينة كريتر (عدن) العريقة كانت ولادة اللاعب الاسطورة علي محمد أحمد واسم شهرته «علي الصيني» وكان العام 1929م عام ولادته.

نشأ الكابتن علي الصيني في مدينة كريتر (عدن) وبدأ مشواره مع الوظيفة عاملاً في بلدية عدن ADEN MUNICIPALTY لبضع سنوات، والتحق بعد ذلك عاملاً في منشآت القوات المسلحة البريطانية التي استوعبت آنذاك حوالي عشرة آلاف عامل، كانت نقابتهم من أكبر النقابات (نقابة عمال القوات المسلحة) في إطار مؤتمر عدن للنقابات .ADEN TRADE UNIONS CONGRESS تيسرت للكابتن علي الصيني فرصة عمل أفضل مع شركة البيبسي كولا.

الكابتن علي الصيني ساحر الملاعب
خبرت عدن النشاط الرياضي في مختلف الألعاب ومنها كرة القدم منذ أواخر القرن التاسع عشر بتأسيس «نادي الترفيه المتحد»URC إلا أن أول ناد رسمي كان نادي الشباب المحمديMCC الذي تأسس عام 1905م ومن عمالقته مصطفى عبدالكريم بازرعة وعبيد بارزيق ومحمد صالح عراسي وياسين بربراوي ومحمد عمر الزيدي والسيد أبوبكر محمد أحمد وصالح الربيح وحسن عوض هوريه ومحمد صالح عمر وعبدالله كوكبة وأحمد صالح عبداللاه.

أصبح للرياضة كيان مؤسسي منظم لها بإعلان تأسيس «الجمعية الرياضية العدنية» ADEN SPORTS ASSOCIATION عام 1934م وتنامت في مرحلة لاحقة دعوات مؤسسات المجتمع المدني في عدن لتعريب الدواوين ومنها الجمعية الرياضية العدنية التي عربت إدارتها، ففي 5 فبراير 1962م أصبح الاستاذ ابراهيم روبله رئيساً لها والأستاذ عبده علي أحمد سكرتيرها وعبدالقادر جرجرة أميناً للمال، وعقد اجتماع عام لانتخاب ممثلي الأندية في الجمعية الرياضية العدنية وأعلنت النتائج على النحو التالي:

مصطفى بازرعة ويوسف السعيدي عن أندية كريتر، وإدريس حنبلة عن أندية الشيخ عثمان، وعبدالملك إسماعيل عن أندية التواهي، ومعتوق خوباني عن أندية المعلا والروضة.

نادي الشباب الرياضي
تأسس نادي الشباب الرياضي في كريتر (عدن) عام 1952م تحت اسم (نادي شباب الحسيني) بعد انشقاق مجموعة من الشباب عن نادي الحسيني الرياضي الذي تأسس عام 1924م في كريتر وغير اسم النادي ليصبح (نادي الشباب الرياضي) الذي كان معروفاً بزيه الأبيض وبعميد مشجعيه الطيب الذكر «علي حيرو».

كان من عمالقة نادي الشباب الرياضي علي الصيني وأنور مهتدي ونادر خان وأنور خان وحسن عديني وثابت زعير وأنور إبه وعمر علي عتيق الذين أبلوا بلاء حسناً في ملاعب عدن مع لاعبين متألقين في أندية أخرى منهم على سبيل المثال لا الحصر:

السيد أبوبكر وصالح الربيح من نادي الاتحاد المحمدي، ومحمد إبراهيم تمباكو وأحمد صالح موشجي من الأحرار، وأبوبكر شفيق وخليفة عبدالله حسن خليفة من الحسيني، ومحمد عبده نعمان وعبده خليل سليمان من شباب التواهي، وناصر مريدي ومحمد أحمد ثابت الصباغ من الهلال، وسيف شبوطي وعمر عوذلي من نادي الشبيبة المتحدة (الواي)، والدجولة وعبدي حناق من النجم الأفريقي، وعبدالرحمن عبوس وسعيد زوقري من الأهلي، وأحمد يوسف النهاري ومحفوظ مسكينة من شباب الجزيرة.

الصيني في ذاكرة معتوق خوباني
الأستاذ معتوق خوباني، الشخصية الوطنية والرياضية والاجتماعية المعروفة أورد في كتابه القيم «رحلة عطاء وذكريات كروية» (ص 71) واقعة تجسد الروح الرياضية أيام زمان وبطلا تلك الواقعة الكابتن علي الصيني والكابتن عبدالله المنصوري. كان الصيني لاعب خط وسط الشباب الرياضي فناناً ومراوغاً وهدافاً قوي البنية، وكان المنصوري لاعب خط دفاع فريق شباب التواهي وصخرة دفاعه عنيداً وقوي البنية وخشناً في بعض الأحيان.

كان لقاء الفريقين يشكل تحدياً للكابتن الصيني والكابتن المنصوري، حيث كان الأول يهدد والثاني يتوعد وكان الاثنان يدفعان ثمن التهديد والوعيد وسط الهتافات المدوية لمشجعي لاعبي الشباب الرياضي وشباب التواهي، وفور انتهاء المباراة يغادر الصيني والمنصوري أرض الملعب متشابكي الأيدي ويكون أحدهما ضيف الآخر على مائدة العشاء.

الصيني في ذاكرة الحاسر
يعتبر الكابتن محمد درويش (وشهرته الحاسر) من أقرب الناس إلى الكابتن علي الصيني، وضمني أكثر من لقاء بهما في (مقهى كشر) الكريتري العريق وأسعدني كثيراً ذلك الجمع وأبلغتهما بأن سعادتي ستكتمل بالكتابة عنهما في حلقات رجال في ذاكرة التاريخ، وكان رد الكابتن الصيني: «ستجد كل حاجتك عني من أخي محمد الحاسر».

من ذكريات الكابتن محمد الحاسر عن صديقه الحميم الكابتن علي الصيني أن إدارة الجمعية الرياضية العدنية منحت نادينا (نادي الخساف الرياضي) فرصة استخدام «المدرج البلدي» (الشهيد الحبيشي حالياً) عام 1962م لتنظيم مباراة كرة قدم بين فريق نادينا وفريق انجليزي (تابع للقوات المسلحة البريطانية)، بغرض تحسين موارد نادينا، استعان نادينا بالكابتن علي الصيني، باعتباره ابن منطقة الخساف ولعبت إلى جانبه في مركز الهجوم وفي العام الذي تلاه (أي عام 1963م) اعتزل الكابتن علي الصيني ملاعب كرة القدم.

الكابتن الصيني ينتقل من البحر إلى البحر
تدهور الوضع الأمني كثيراً في مدينة عدن قبيل حصول المناطق الجنوبية على استقلالها في 30 نوفمبر 1967م فرست قناعة علي الصيني على الرحيل إلى مدينة الحديدة، وكان انتقاله من مدينة عدن، المطلة على البحر المحيط (البحر العربي والمحيط الهندي) إلى مدينة الحديدة، المطلة على البحر الأحمر.

استقر الكابتن علي الصيني في الحديدة وعمل هناك في شركة الحبوب الخارجية ونسج علاقات اجتماعية طيبة مع الناس الطيبين هناك ولا ننسى أن جذور الكابتن علي الصيني تعود إلى منطقة حيس التهامية. تنازل الكابتن علي الصيني عن قراره باعتزال الملاعب عندما لبى دعوة للمشاركة في مباراتين لكرة القدم في الحديدة قبل استقلال المناطق الجنوبية.

من الاستقرار الأصغر في الحديدة إلى الاستقرار الأكبر في السعودية
تزامن استقلال المناطق الجنوبية مع ظروف غير مواتية تأثرت بها المناطق الشمالية بدءاً من حصار صنعاء المعروف بحصار السبعين يوماً وانتهاء بالمصالحة بين الجمهوريين والملكيين تحت راية النظام الجمهوري واعتراف المملكة العربية السعودية بنظام الحكم في صنعاء، التي ذاقت طعم الاستقرار اعتباراً من عام 1970م.

في ظل تلك الظروف غير المواتية حمل علي الصيني عصا الترحال إلى أراضي المملكة العربية السعودية وعمل هناك لسنوات طويلة سائقاً مع إحدى الشركات، وعاد بعد ذلك إلى الحديدة ليواصل استقراره هناك.

الكابتن علي الصيني متزوج ولديه ابن واحد (عادل) وابنة.

2- الكابتن محمد الحاسر: حظي بالشهرة والاحترام ولم يحظ .. الولادة والنشأة .. الكابتن محمد درويش عايش (شهرته محمد الحاسر) من مواليد 4 أبريل 1941م في حي الخساف بمدينة كريتر (عدن) وكغيره من أطفال المدينة التحق بكتاتيبها لحفظ القرآن الكريم وأبجدية اللغة، وخرج إلى ميدان العمل وهو في الثامنة عشرة عندما التحق بشركة شل البترولية عام 1959م وانتقل في العام 1961م للعمل مع شركة سلالة ثم هيئة الكهرباء العدنية في العام 1962م.

استأنس الكابتن الحاسر العمل في ميناء عدن عندما وجد فرصة أفضل للعمل هناك، إلا أن فرصة أفضل منها سنحت له في الشركة اليمنية الكويتية البترولية ثم شركة النفط الوطنية في بداية ثمانينات القرن الماضي، واستقر به المقام هناك حتى تقاعده عام 2002م. وإذا سألت الكابتن الحاسر عن مشواره الوظيفي لقال لك: نال ميناء عدن وشركة النفط اليمنية نصيب الأسد من حياتي العملية.

الكابتن الحاسر ومشوار رياضي حافل
اتسم مشوار حياة الكابتن الحاسر سواء على مستوى الوظيفة أو الرياضة بالتجريب، فينتقل من موقع إلى آخر بحثاً عن الأفضل حتى يجده فيرسو قاربه عند الموقع الأخير الذي اختاره.

بدأ الكابتن الحاسر مشواره الرياضي على قاعدة «الأقربون أولى بالمعروف» ولذلك رسا اختياره في البداية على فريق نادي الخساف الرياضي، لأنه فريق حيه «الخساف» ورغم ذلك لم يمانع من اللعب ودياً مع نادي السلام ونادي الأمل.

الكابتن الحاسر وجعبة ذكرياته في «الأيام الرياضي»
استضافت «الأيام الرياضي» في عددها الصادر يوم 26 يونيو 2004م الكابتن محمد الحاسر لإفراغ بعض ما في جعبة ذكرياته ورد فيها عندما قال على لسانه: «عندما بلغت الـ 15 التحقت بفريق نادي الخساف في عام 1959م وكان حينها في طور التأسيس وكانت انطلاقتي معه خاصة وأنه كان يضم أفضل اللاعبين أمثال: أنور بده، محمد صالح العكش، أبوبكر عبدالله عوض، محمد شنكر، محي الدين، أحمد جامع، علي سعيد الخيل، وظللت مع الفريق حتى عام 1963م بعد خلاف مع إدارة النادي لأنني لم أكن لاعباً وحسب بل وإدارياً».

ثم يتحدث الكابتن الحاسر عن ذكرياته مع فريق نادي الشباب الرياضي في ظل القيادة المتميزة للكابتن نصر عبدالرحمن شاذلي، متعه الله بالصحة وطول العمر، وإن كنا ننسى فلا ننسى كواكب الشباب الرياضي: إبراهيم صعيدي وخالد شيباني وأبوبكر شيباني ونصر صياد وعزام خليفة وصادق حيد ومحمد شرف وغازي عوض وفاروق عاطف، وهنا يقول الكابتن الحاسر: «أفضل مبارياتي مع الشباب الرياضي كانت ضد فريق نادي الحسيني العريق عندما فاز الشباب الرياضي على الحسيني في نهاية كأس بردجستون بفارق النقاط بعد تعادلنا معه، ثم مباراة نهائي كأس ناصر التي فزنا فيها على الهلال (نادي الهلال الرياضي في الشيخ عثمان) عام 1972م وكانت النتيجة لصالح الشباب الرياضي 4/2».

الأندية واللاعبون في ميزان الكابتن الحاسر
يمضي الكابتن الحاسر في حديث ذكرياته ويقول: «أفضل الأندية أيام زمان: نادي الاتحاد المحمدي ونادي الأحرار ونادي الحسيني الذي انشق منه الشباب الرياضي تحت مسمى (نادي الشباب الحسيني)، واستبدل الاسم لاحقاً «نادي الشباب الرياضي» أما أفضل لاعبي أيام زمان فيأتي في مقدمتهم الأسطورة علي الصيني ثم عباس غلام وثابث زعير وإبراهيم صعيدي وعوضين (عوض سالم عوض) ونصر حكيم وجواد محسن وسعيد دعاله وسعيد عذب».

الكابتن الحاسر يودع الملاعب
عن توقفه عن اللعب رسمياً يقول الكابتن الحاسر إنه توقف عن اللعب رسمياً بعد انتهاء مباريات كأس ناصر عام 1972م وذلك بعد دمج نادي الشباب الرياضي ونادي الحسيني الرياضي في فريق واحد تحت مسمى (النادي الأهلي). اكتفى الكابتن الحاسر بتدريب فئة الناشئين في الأهلي وداهمته بعدئذ نوبة تمرد وغادر إلى الحديدة ولعب هناك مع أهلي الحديدة عدة مباريات ثم عاد إلى عدن عام 1975م وفوجئ الحاسر بالدمج النهائي لكل فرق الأندية تحت مسمى (نادي التلال الرياضي) وانقطع الكابتن الحاسر عن الملاعب نهائياً.

(أبو علي) والاستحقاق الغائب
الكابتن محمد الحاسر (أبوعلي) متزوج وأب لستة أولاد: ابنتان و(4) أبناء هم: علي (تيمناً بالكابتن علي الصيني)، وأحمد وعبدالله ومحمد.

وبعد هذا المشوار الطويل وهو الآن في الـ 65 من العمر يبرز سؤال واحد: متى يحين موعد تكريم هذا اللاعب المعروف؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى