قصة قصيرة بعنوان (خنجر آثم)

> «الأيام» ياسين علي العولقي

> للوهلة الأولى .. ران صمت عميق. الوجوه مكفهرة .. النفوس يائسة، تنافرت القلوب وحل محلها القحط والقساوة، تبادلوا النظرات فيما بينهم، نظرات حائرة تخبئ وراءها حزناً دفيناً، قديماً لم يُنس بعد. لاحت من أحدهم من بعيد ابتسامة غامضة، ابتسامة خجولة لا توحي بعمق وصدق الابتسامة المتداولة والمعروفة بين الناس. رد هو الآخر بنفس الابتسامة الجافة الباردة كزمهرير الشتاء القارس. إيماءة خفيفة صدرت من البعض الآخر اعترافاً بعدم الترحيب وتقارب القلوب فيما بينهم.

كل من كان في القطار تبدو على قسماتهم ومحياهم البشوشة ابتسامة صافية كصفاء اللبن المسكوب. كلهم جعلوا لهذه الابتسامة طريقاً ومسلكاً لهم كمظلة يستظلون تحتها من وطأة وبؤس الحياة، كلهم ما عدا بضعة وجوه.. أصحاب الوجوه المكفهرة. هنالك طفل يداعب الكرة يدفعها إلى أحد أصحاب الوجوه المكفهرة، اقترب الطفل من هذا الوجه عله يجد مداعبة وابتسامة حنونة كالتي كانت تصدر من فم هذا الطفل صاحب الابتسامة البريئة، لكن صاحب هذا الوجه عاجله بغلظة وصرامة شديدتين، فأخرج خنجراً حاداً وغرسه في بطن الكرة التي أصدرت دوياً وانفجاراً هائلاً .. دوياً بث الرعب في قلوب ركاب القطار. هلع وخوف ساد القطار بأكمله، أقدام حائرة سيطر عليها الرعب، صراخ ملأ أرجاء القطار: إنه كمين، القطار مفخخ أحدهم وضع قنبلة داخل القطار. قالها أحدهم والذعر باد عليه.

ضغط سائق القطار على فرامله بقوة فور سماعه لوقع الانفجار. أصدرت سكة الحديد أزيزاً مزعجاً، تحرك السائق من مكانه ليجد تفسيراً لما يحدث على متن قطاره. لا تجزعوا .. مجرد كرة غرس أحدهم فيها خنجره الآثم ليعكر صفو هذا القطار الآمن، نطقها من هنالك رجل وقور تبدو على محياه السكينة والطيبة.

بدأ الهلع يزول رويداً رويداً وبدأوا يتساءلون من سبب كل هذه الضجة. اتجهت الوجوه كلها صوب صاحب الوجه المكفهر والخنجر الآثم لا يزال في يده. تلعثم لم يدر ما يقول، أصدروا حكماً بأن لا يبقى أحد من أصحاب الوجوه المكفهرة داخل قطارهم الآمن. عادت الابتسامة من جديد ومضى القطار الآمن يقطع المسافات في ثقة وأمان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى