أيــام الأيــام..تحت القصف

> عبدالقوي الأشول:

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
ذاكرة الشعوب حية.. فهي لا تنسى الاستعباد والقمع وكل ما يرتكب بحقها من ظلم.. وما يزيد من درجة توثيق مشاهد القتل والدمار في زمننا الحاضر ما تنقله الفضائيات من مشاهد حية مؤلمة لأشلائنا البشرية من أبناء جلدتنا.. الواقعين تحت قصف أعتى قوة عسكرية حربية صهيونية.. صور ترسخت في الأذهان منذ مجازر دير ياسين حتى قانا اللبنانية وصولاً إلى المجازر البشرية المروعة في الساحة اللبنانية في الزمن الحاضر.. مشاهد لا يستطيع معها الذهن البشري استنباط صورة أخرى للشخصية الإسرائيلية في الذهنية العربية.. إنها المآسي المتجددة والمذابح الحية لأطفالنا وشيوخنا ونسائنا العزل.. حين تعد أشلاؤهم البشرية طريقاً لتمرير الأجندة الإسرائيلية.

مئات الطلعات الجوية وأطنان القذائف المدمرة ومئات الصواريخ التي تطلقها البوارج البحرية الإسرئيلية وأنواع الصواريخ التدميرية.. كل آلة الحرب صبت حممها على شعب صغير حضاري مسالم اسمه لبنان.. وهي ليست المرة الأولى التي تستهدف أرواح اللبنانيين بمثل هذه القسوة وذلك الإفراط والإمعان في القتل.. ووسط صخب الضحايا.. وخليط اللحم البشري المتفحم، بدا ضمير العالم غائباً بل ليس في عجلة من أمره من الحديث عن وقف فوري لإطلاق النار.. وكأن الدبلوماسية لا تنضج إلا على نار الأجساد البشرية ومئات الجثث من أبناء الشعب اللبناني.

ما يزيد عن أربعمائة ضحية بشرية.. وآلاف الإصابات .. كل هذا لا يوازي من وجهة نظر العالم خطف جنديين إسرائيليين.. كما لا يوازي ما يزيد عن ألف معتقل في السجون الإسرائيلية.

فما أبلغ هذه الصورة لتعاطي الضمير الإنساني مع قضايانا العربية وهيئات الأمم التي لا يمكن تحت عدالتها المختطفة اعتبار الإنسان العربي مخلوقاً بشرياً يستحق العيش بكرامة مثل سائر الأنواع البشرية الأخرى.

وسط تحركات دبلوماسية خجولة وبطيئة تحركت الأمم عبر ممثليها.. وتحت القصف وأعمدة الدخان وسخام البارود يجري الحديث عن أولويات لا يشكل وقف العدوان عنوانها الأول.

وبعد أن أعاد القصف لبنان إلى مربع المعاناة الأول والذي بالكاد خرج منه قبل خمسة عشر عاماً يجري الحديث عن شرق أوسط جديد.. لا ندري هذه المرة هل يكون واحة للديمقراطية والحرية وكل تلك الأحلام الإسرائيلية التي ذهب أصحابها إلى رسم صورة أخرى لشرقنا العزيز.. تكون رائدة التغيير والبناء الحضاري والتنموي فيه دولة إسرائيل العتيدة.. الدولة ذاتها التي رسمت في أذهان الأجيال العربية بشاعتها المفرطة في قتل أولادنا وأهلنا.. وهدم الديار على رؤوس الأبرياء منهم.

والغريب أننا نطالب بحذف بعض الفقرات من مقرراتنا الدارسية كعرب.. كونها من وجهة النظر الإسرائيلية تحض على العنف.

فلو فعلنا ذلك.. ما الذي يمحو صورة الإسرائيلي القاتل من أذهان أبناء أمتنا العربية؟ كيف تمحى صورة الإسرائيلي المتمتم بأجزاء توارتية وهو يحتضن قذيفة صاروخية يهم بتوجيهها صوب أجساد أبنائنا الأبرياء، ثم كم سلام صنعته آلة الحرب والدمار في محيط عالمنا من منافي الوطن العربي من أدناه إلى أقصاه؟ لا يعيش اليأس والإحباط مما يجري ثم هل هذه هي الوسيلة الحضارية والحوارية الممكن استخدامها تجاه شعوبنا حتى تنيخ وترضح لرؤية شرق أوسط جديد ليس فيه اعتراف بآدميتنا وإنسانيتنا وحقوقنا كبشر.. ليس فيه اعتراف بحقوقنا المغتصبة.

إنها رؤية حالمة متجاوزة حقائق التاريخ وحقيقة أننا ذاكرة لا تنسى وأرومة لا تقبل الذل والهوان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى