اجتماع أدباء العرب بصنعاء

> هشام محسن السقاف:

>
هشام محسن السقاف
هشام محسن السقاف
ما الذي سيتمخض عنه اجتماع كتاب وأدباء العرب، الذين تحتضنهم صنعاء هذه الأيام ليخرج بهم عن دائرة الكلام الذي كرره العرب، وملّه العرب، على مدى جيلين من الهزائم والفضائح والتخاذل؟ هل قدر العرب الكلام؟ أليس العرب ظاهرة صوتية كما قال أحد مفكريهم، أم هم فرقعات بالونية وفقاعات صابونية؟؟ وهل يستطيع هؤلاء الأدباء أن يغردوا خارج أسراب أنظمتهم العربية لأول مرة منذ تأسيس اتحاد الأدباء والكتاب العرب قبل نصف قرن من الآن؟ وبلغة غير اللغة الشاجبة المنددة والرافضة التي ما أسقطت يوماً ذبابة في سماء تل أبيب، او أنقذت طفلة في غزة أو بنت جبيل!

أما آن للعرب وضميرهم الحي والمتكلم.. الأدباء، أن يصمتوا ليس لأن السكوت من ذهب، بل لأن صمتهم أجدى من تصريحاتهم التي تزبد كغثاء السيل، ثم تذهب جفاءً ولا تنفع الناس؟. أليس الصمت أنفع وأجدى من كل العنتريات الموصولة بداحس والغبراء وزرقاء اليمامة والزير سالم، إذا كانت ساحات الغضب العربي الشجب والتنديد والرفض، وهي كلها لا ترد عدواناً مدمراً من السماء والأرض والبحر يطال كل شيء في فلسطين ولبنان من الإنسان إلى الحجر.

فهذا واحد من كبار شعراء العربية، السوري اللبناني العربي نزار قباني قد قال فيهم:

أنا منذ خمسين عاماً.. أراقب حال العرب

وهم يرعدون.. ولا يمطرون

وهم يدخلون الحروب.. ولا يخرجون

وهم يعلكون جلود البلاغة علكاً.. ولا يهضمون

وهم يستلمون البريد الثقافي كل صباح

ولكنهم لا يجيدون فكّ الحروف.. ولا يقرأون

أراهم أمامي.. وهم يجلسون على بحر نفطٍ

فلا يحمدون الذي فجّر النفط من تحتهم

ولا يشكرون

وهم يخزنون البلايين في بطنهم

ولكنهم دائماً يشحذون

لقد عاصر اتحاد الأدباء والكتاب العرب، منذ نشأته في الخمسينات الماضية، الهزائم العربية الكبرى: ضياع القدس والضفة وغزة والجولان وسيناء وتدمير لبنان واغتيال عرفات واحتلال العراق، دون أن نجد تفسيراً مقنعاً لحالنا يتفضل بتسبيبه واحد من هؤلاء الأدباء والكتاب بعيداً عن اللعن والشتم ولطم الخدود. فما أحرى بالأدباء أن يكونوا طلائع رفض لواقعهم العربي، بدءا من رفضهم السياسات العربية الرسمية الحاكمة، التي هي في الأساس مكمن الداء المزمن الذي أصاب العرب منذ عقود.. وأن طريق الأمة نحو الكرامة والعزة والتحرر تبدأ من إصلاح دواخل بيت العرب، بتحرير الإنسان العربي من أنظمة القمع والعسف والجور والاستبداد والطغيان، فهذا هو بداية النور في نفق الخروج من الحالة الراهنة.

فلسنا في حاجة لأدب تنابلة السلطان ولا لمدائح شعراء ملوك الطوائف، بينما اليهود يدخلون مضجع ليلى العامرية، كما نحن في غنى عن أحكام الماوردي التي تشرعن للسلطان قتل الأوطان. آن الأوان لأن يخرج اتحاد عام الأدباء والكتاب العرب عن النص الرسمي، وعن عباءة الأنظمة، ويعلن رفضه - مع محمود درويش- لـ:

عرب أطاعوا رومهم

عرب وباعوا روحهم

عرب.. وضاعوا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى