دينيس برغكامب "هولندي غير طائر" حلق عاليا في ميادين الكرة

> بيروت «الأيام الرياضي»ا.ف.ب:

>
دينيس برغكامب
دينيس برغكامب
من ملعب "هايبري" القديم الى "استاد الامارات" الحديث يسير نادي ارسنال الانكليزي اليوم لتسطير حقبة جديدة من تاريخه الكروي المجيد، وبقدر الفرحة التي لاقت بها الجماهير اللندنية التحفة الهندسية الضخمة للمرة الاولى، كان الحزن سيد الموقف لان المناسبة حملت عنوان اعتزال احد اهم النجوم الذين عرفهم الفريق هو المهاجم الهولندي دينيس برغكامب.

ولا يختلف اثنان ان برغكامب من طينة اولئك اللاعبين القلائل الذين يتركون اثرا واضحا على فرقهم اثناء مسيرتهم وبعد اعتزالهم على حد سواء، لذا سيكون غروبه عن "المدفعجية" بمثابة نقطة بداية جديدة للنادي الذي سيقلب الصفحة ليبدأ عملية البناء للمستقبل على اسس مختلفة.

وغالبا ما حاز برغكامب الاعجاب واطلقت عليه الصفات الحسنة للاشادة بعظمته الكروية، وانطبق عليه لقب "الاستاذ" بامتياز نظرا الى اناقته الكروية وطريقة لعبه المتقنة، الا ان مدرب ارسنال الفرنسي ارسين فينغر وصف لاعبه الفذ بـ"العبقري" بعدما شهد طوال مواسم عدة مآثره الفريدة التي رسخت اسمه في السجلات الذهبية على الساحتين العالمية والانكليزية.

وسيذكر "برغي" دائما بصفته صاحب الهدف الذي احتل المرتبة السادسة على لائحة اجمل الاهداف التي شهدها كأس العالم على مر التاريخ، وذلك في الدور ربع النهائي لمونديال فرنسا عام 1998 بين هولندا والارجنتين عندما تلقى كرة طويلة لعبها فرانك دي بوير من مسافة 50 مترا وروضها الاول متخطيا روبرتو ايالا قبل ان يودعها شباك الحارس كارلوس روا بطريقة فنية رائعة.

وسيبقى هدفه في مرمى نيوكاسل على ملعب "سانت جيمس بارك" موسم 2001-2002 راسخا في اذهان المتابعين، عندما تخطى المدافع اليوناني نيكوس دابيزاس بلمسة سحرية فائقة مسجلا في مرمى الحارس الايرلندي شاي غيفن، وقتذاك قال مدرب المضيف "السير" بوبي روبسون "لم اتمكن من اعطاء التعليمات للاعبي الفريق في فترة الراحة بين الشوطين لاننا قضيناها نحاول ايجاد تفسير للطريقة التي سجل عبرها برغكامب هدفه الاسطوري"!

وكانت اهداف الهولندي في كثير من الاحيان مختلفة ومميزة في آن معا، و"ماركة مسجلة" يصعب على اللاعبين الآخرين مجرد التفكير في امكانية تقليدها، وهذا الامر ذكره في احدى المرات الهداف التاريخي لارسنال الفرنسي تييري هنري بقوله "عندما يسجل برغكامب لا يكون شكل الهدف عاديا لان اهدافه حملت دائما صبغة خاصة. انه افضل شريك لعبت الى جانبه وحلم كل مهاجم ان يكون لديه برغكامب الى جانبه في الفريق".

ولا شك في ان العبارة الاخيرة يتقاسمها هنري والعديد من النجوم الذين عاصروا برغكامب واستفادوا من وجوده الى جانبهم للارتقاء الى مصاف النجومية، فهو كان مهاجما استثنائيا يجيد تمهيد الاهداف لزملائه بقدر اجادته تسجيلها بطرق استعراضية.

ويمكن القول ان برغكامب نصب نفسه شريكا في تحويل اللاعبين المغمورين الى اسماء رنانة، بعدما شرع فينغر في استقدامهم الى عاصمة الضباب حيث تحول "هايبري" بفضل الشراكة الهولندية-الفرنسية مصنعا حقيقيا لنجوم اللعبة.

لقد ادرك فينغر انه يملك احد افضل اللاعبين مهارة ممن عرفهم الدوري الانكليزي الممتاز، فمنح برغكامب دورا حرا خلف المهاجمين لحيازته اللمسة السحرية الحاسمة والرؤية الثاقبة اللتين فك عبرهما صاحب القميص الرقم 10 شيفرة اقوى خطوط الدفاع مانحا رفاقه فرصة هز الشباك بأقل جهد ممكن.

وبدا برغكامب مستمتعا باتاحته الفرص لزملائه اكثر من التسجيل بنفسه، بينما استفاد هؤلاء الى ابعد الحدود من مهارات "القاتل الصامت" ليرتقوا سلم النجومية، ولعل المثال الابرز على هذا الامر المهاجم الفرنسي نيكولا انيلكا الذي وصل الى لندن لاعبا مغمورا وخرج منها هدافا اصيلا بفضل الاهداف الغزيرة التي سجلها وحملت في لمستها قبل الاخيرة بصمة برغكامب دون سواه.

ويضاف الى قائمة المستفيدين من رعاية "فان غوغ الكرة الهولندية" الذي رسم بريشته الخاصة الطريق المؤدي الى الشباك، كل من ايان رايت والسويدي فريدريك ليونغبرغ والفرنسي تييري هنري وحديثا الاسباني خوسيه انطونيو رييس، الشاهد على الواقعة غير المسبوقة في ختام الموسم قبل الماضي عندما نادت جماهير ارسنال بصوت واحد "سنة اخرى" مناشدة فينغر تمديد عقد برغكامب بعدما مهد ثلاثة اهداف وسجل واحدا في المباراة التي سحق فيها فريقه ايفرتون 7-صفر، فما كان من الفـرنسي الا الاستجـابة للمطلب الجماهيري.

واللافت ان الجماهير قابلت برغكامب لدى وصوله الى ارسنال عام 1995 بالحماسة عينها مرددة في ظهوره الاول عبارة "لدينا الآن دينيس برغكامب"، وكأنها عرفت ان اللاعب سيكون رائد ثورة النادي اللندني الذي قدم بفضله اجمل العروض الهجومية، في موازاة حسرتها وتقبلها في آن معا انه "هولندي غير طائر" لخوفه من ركوب الطائرة مما ادى الى غيابه عن عدد لا يستهان به من المباريات المهمة على الصعيد القاري.

وانطلاقا من تركيبة الدوري الانكليزي ونادي ارسنال والحياة في العاصمة الانكليزية التي يقطنها اليوم بعدما احبها منذ الصغر متأثرا بلاعب توتنهام غلين هودل، عوض "المايسترو" اخفاق تجربته في الدوري الايطالي مع فريق انتر ميلان الذي انتقل اليه ومواطنه فيم يونك عام 1993، اثر تألقه مع فريقه الام اياكس امستردام مسجلا 103 اهداف في 185 مباراة اولها تحت انظار يوهان كرويف الذي رفعه الى الفريق الاول عام 1986.

ووقف برغكامب هداف الدوري الهولندي لثلاثة مواسم متتالية متفرجا على انجازات مواطنيه الثلاثي رود غوليت وماركو فان باستن وفرانك ريكارد مع الغريم التقليدي ميلان، في الوقت الذي اعتمد فريقه الاسلوب التقليدي "الكاتيناتشو" مما قضى على حسه الهجومي مكتفيا بتسجيل 11 هدفا في 52 مباراة اضافة الى 8 اهداف ساهمت في حمله كأس الاتحاد الاوروبي للمرة الثانية عام 1994 بعد احرازها مع اياكس عام 1992.

ووجد برغكامب الذي سمي تيمنا بنجم مانشستر يونايتد السابق دينيس لو، ضالته في "الجنة الانكليزية" بعد هجره "المنفى الايطالي"، وبلغ اعلى المستويات بمؤازرة فينغر صاحب الاسلوب الهجومي الذي يتناسب تماما مع اسلوب خريج المدرسة الهولندية التقليدية التي تعتمد الكرة الشاملة، فكانت النتيجة الفوز بالدوري الممتاز 3 مرات وكأس انكلترا 4 مرات، في موازاة اختياره افضل لاعب عام 1998 من قبل الاتحاد الانكليزي والصحافيين المتخصصين.

120 هدفا في 423 مباراة ادخلت برغكامب اسطورة ارسنال، بينما لم تأخذ اهدافه الدولية الـ37 في 78 مباراة خاضها مع منتخب بلاده قيمة اكبر من كونه احد افضل هدافي المنتخب البرتقالي الذي شارك معه في مونديالي 1994 و1998، وبطولة امم اوروبا اعوام 1992 و1996 و2000، بيد انه يبقى احد اللاعبين الذين لا يتمنى عشاق اللعبة سماع كلمة الوداع تخرج من افواههم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى