ارفعوا أيديكم عن سوق الشيخ عثمان

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
وقفت أمام وثيقتين علميتين قيمتين، اختصت الأولى بالورشة العلمية حول حماية الآثار والمعالم التاريخية والطبيعية في عدن التي نظمتها الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار، فرع عدن ورئيسها د. هشام محسن السقاف وأمينها العام د. أسمهان عقلان العلس في أبريل، 2005م، واختصت الثانية بتقرير شامل رفعه فرع الهيئة العامة للآثار والمخطوطات والمتاحف بعدن إلى الأستاذ أحمد محمد الكحلاني، محافظ محافظة عدن بتاريخ 10 مايو، 2006م والذي أعده فريق فرع الهيئة بعدن برئاسة د. رجاء صالح باطويل، مدير عام الفرع بعدن، حيث تم حصر المعالم والمباني والمواقع الأثرية والتاريخية والتراثية في محافظة عدن، باعتبار المحصورات ذاكرة الأمة التي يقتضي الواجب المحافظة عليها أسوة بسائر المجتمعات الحضارية.

ورد في سياق التقرير الحصري بصفحاته الاثني عشر أن المواقع الأثرية والمعالم التاريخية في مثلث الشيخ عثمان- المنصورة- القاهرة بلغ عددها (58) موقعاً من ضمنها سوق الشيخ عثمان القديم، الذي يضم أسواقاً متخصصة في مجمع يمتد على المساحة الكائنة بين مبنى الشرطة ومسجد النور، والمواقع الثلاثة تعتبر من معالم المدينة.

عشرات وعشرات المحلات يضمها سوق الشيخ عثمان القديم منها سوق الأسماك وسوق اللحم وسوق الخضار والفواكه وسوق القات (135 مفرشاً) وغيرها تمارس من خلالها نشاطات ذات طابع تجاري وخدمي يديرها مستأجرون، لأن الإدارة البريطانية كانت تمنح الأسر الفقيرة تراخيص محلات داخل الأسواق أو مقاصف المدارس أو تراخيص سيارات الأجرة وهي مصفوفة وسائل أخذت بعداً اجتماعياً وإنسانياً تقي الفقراء من طائل مد أيديهم للآخرين، ولا تزال عشرات الأسر الفقيرة تعتمد على عائد تلك التراخيص الصادرة من البلدية.

إن التفكير بهدم هذا السوق العريق وإقامة مبنى مكون من ثلاثة أدوار يندرج في خانة طمس معالم المدينة وإذا شرعنا لأنفسنا هذا الحق ستتساقط تباعاً الأسواق الشعبية في عدن وصنعاء والمكلا وبيت الفقيه وغيرها من الأسواق الشعبية والمعالم الأخرى ذات المنافع المزدوجة كالمملاح، ذات العائد الاقتصادي والبيئي باعتبارها متنفساً كبيراً مساحته تسعة ملايين متر مربع.

إننا نشدد على بقاء سوق الشيخ عثمان القديم باعتباره معلماً من معالم المدينة، عدن عامة والشيخ عثمان خاصة وهو حق من حقوق السكان المحليين ولا غرابة أن يقدم البعض على هدم هذا المعلم لأنه لا ينتمي لهذه المدينة، الذي لن يجني منه ذهباً إلا القطط السمينة التي ستستفيد من هذا القرض الدولي والضلوع في قضايا الفساد في مجال المشاريع، سواء الممولة حكومياً أو من جهات مانحة إقليمية أو دولية وبإمكان الغرباء عن سوق الشيخ عثمان أو معالم عدن الأخرى أن يبحثوا عن مشاريع أخرى تضخم أرصدتهم الخاصة.

الجانب المقرف في الأمر أن يضحك هؤلاء الناس على ذقون المساكين عندما تقمصوا مسوح ذيل كارنيجي الذي بشر ملايين القراء من خلال كتبه بأن لا داعي للقلق، ودع القلق وابدأ الحياة، إلا أن كارنيجي كان صادقاً، وأما هؤلاء فهم على الطرف الآخر من الضفة لأنهم عودونا على القلق والسخط وبئس ما قالوا من أن أحداً لن يتضرر وهم يقصدون المستأجرين للمفارش من البلدية وأنهم سيعودون إلى مفارشهم بعد الانتهاء من البناء.

من حق المستأجرين ومن حق السكان المحليين ومن حق الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار، فرع عدن ومن حق منظمات حقوق الإنسان أو المنظمات المتخصصة الأخرى أن تعبر عن رفضها لهذا الإجراء غير الحضاري الذي سيلغي معالم المدينة، كما سيلغي مصادر رزق الآخرين، لأن لا هم للفاسدين إلا بطونهم وجيوبهم.

والله من وراء القصد!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى