يوم من الأيــام..آه يا بختي!

> قائد دربان:

> ببساطة متناهية أجزم القول بأن الحال المعيشي للبعض منا صار مهينا للغاية وإلى مستوى الضيق من الحياة والكره للواقع، بل إن ضغوطات احتياجاتنا الملحة جداً تجعلنا نرى كل الذي حوالينا قبيحاً لا لأن نفوسنا بغير جمال كما يرى المنعم عليهم، وإنما لأننا في أسوأ حال وبخاصة عندما تحاصرنا الظروف القاهرة من الجهات الأربع وعلى شاكلة نازلة مرضية مخيفة، حيث يصعب توفير قيمة (المطاببة) في أدناها ويقل المساعد كلما كبرت المصيبة إلا ما رحم ربي.

ويزداد الشعور أكثر بقبح هذه الحياة كلما أطبقت الرزايا على الذين هم بهكذا أوضاع حيث التدبر المسبق مستحيل، فالقرش الأبيض لا يمكن توفيره لينفع في اليوم الأسود بالنسبة للموظف المقتصر دخله فقط على المعاش الشهري الهزيل، فتتوالى أيامه كلها سوداء.. والخاتمة كوم من الديون ترشحه للجنون. والواقع أن هذه الأوضاع ما كان لها أن تجثم على صدورنا بهذه الصورة المرعبة لولا تفشي عاهات أمثال أولئك القساة من المسؤولين المتنفذين على خزائن المال العام.

ومن واقع المعايشة فقد وجدتني في غاية الذهول وأنا أشاهد موظفا بائسا يتوسل مسؤوله الأول الواسع الصلاحيات المالية بأن يشفق لحاله النكد إثر عجزه عن شراء أدوية ضرورية لأم أولاده الطريحة على فراش المرض، فلم تنازع هذا المسؤول ذرة من رحمة إلا من التدوين على ورقة صاحب الطلب بتعليق ركيك الحيلة، وقد فطنه المسكين من أول نظرة بأنه استهبال لعقله المعذب بوخز ضغط الاحتياج المهين، فلم يتفوه أمام هذه المفاجأة (الصاعقة) إلا بالقول:«آه يا بختي!» ثم انصرف بوجه عابس وخاطر جريح!! وقبل ذا بوقت غير بعيد أتذكر جيداً أن مسؤولا كان في هذا المنصب ذاته قد صافح شويعراً (شابعاً) من بيته لقاء نفاقه بخمسين ألف ريال من خزينة المرفق، متباهياً بالكرم أمام حشد الحضور بينما لم يخجل على الإطلاق من التقتير الذي يمارسه بحق الموظفين المعسرين فلقد بلغ به التقشف أن يصرف لمريض ذي حاجة قصوى خمسمائة ريال .. أكرر خمسمائة ريال لا غير!

إن مثل هذا الانحدار السلوكي لدى بعض المسؤولين مثير للقلق وسوف نكون أكثر قلقاً إذا علمنا أن مسلك بعض الأثرياء على المستوى الآخر يسير في منحى مخالف لقوله تعالى:

{وفي أموالهم حق معلومü للسائل والمحروم} فالملموس أن في أموال هذا البعض حقاً معلوماً لكل متنفذ ظلوم، وأن البعض الآخر من هذا الصنف ذاته يقيم لكل ذي جاه مأدبة متناسياً قول المولى تعالى: {وما أدراك ما العقبة}.

وماذا بعد أيها الأعراب أين أنتم ذاهبون؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى