أيــام الأيــام..في ذكرى رحيل المفكر الكبير عبدالله عبدالرزاق باذيب

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
في السادس عشر من الشهر الجاري تحل الذكرى الثلاثون لرحيل فارس يمني كبير، ترجل وسط الميدان أحد رجال الكلمة والنضال والسياسة والفكر الواسع، إنه المناضل التقدمي اليمني عبدالله عبدالرزاق باذيب، صاحب النداء الشهير والعنوان الأول للحقيقة: يمن حر وديمقراطي واحد، وقال البعض ايضاً: يمن حر وشعب سعيد!

صرخ هذا الرجل المناضل في عدن أولاً، حيث جيش الاستعمار يحكم قبضته على كل شيء، وضع أفكاره ووجه الحرب عبر الصحف والمجلات ومنتديات عدن ذات الكثرة والشهرة في فترة عبدالله باذيب المناضل اليساري، والصحافة العدنية الساطعة والمؤثرة على الوطن اليمني بشماله وجنوبه، من تهامة إلى حضرموت.

وهذا المناضل الذي نستذكر رحيله في صراع اليوم، وخليط الأهداف وسماسرة السياسة كأنما بنا نضع أمامنا ما أراد هذا الكاتب الفذ والمفكر اليساري من أن نفتح الصفحات ونقرأ ما يكفي من نضال قدم من خلاله عبدالله باذيب في عدن ثم تعز والعودة إلى عدن مرة أخرى، قضايا وطنية بليغة وأهدافاً تضع نفسها أمام الرأي العام والسياسيين والثوار، اهتم بقضية اليمن وفقراء اليمن وعماله وفلاحيه، ليس لجعلهم محرقة المراحل الثورية والصدمات بعدئذ، عندما تجاوزت النرجسية الثورية بعد الاستقلال وطحنت الثوار و(المتثورين) على حد سواء، كلا، لم يبن هذا الرجل اليساري في عدن وجنوب اليمن القادم من الشحر بحضرموت، وجهات نظره وأفكاره ونواياه نحو طاحونة تفتيت البلاد، وهو لم يشارك في الحكم فعلياً إلا بضع سنوات، وقد تبدلت ظروف وهيمنت أحلام وكأنما هو قد ذبح وسقط لما به من أوجاع وتجاوز وقد ظهر هذا على مجرى حياته، إلا أنه أراد انتصار التقدم ضد الرجعية، والحرية الاجتماعية والمعيشية ضد الفقر والقهر.

خاض عبدالله عبدالرزاق باذيب صراعاً قوياً، وكتب في صحيفة «الأمل» عن فلاحي دوعن، وطالب في صحيفة «الفجر» أيضاً بتوفير الأحزاب السياسية على الساحة، وقال لا معنى للسياسة من دون أحزاب سياسية، لا حياة من دون سياسة، وكتب في دراسته المشهورة بعنوان (قضية الأرض في الجمهورية اليمنية.. الإصلاح الزراعي هو الحل) التي نشرت مسلسلة في صحيفة «الأيام» في 1963م وأعيد نشرها في صحيفة «الأمل» 1965م، ثم نشرت كاملة بعدئذ، ويدلل عبدالله باذيب في الدراسة نفسها على الترابط الكفاحي بين أبناء الوطن قبل قيام الثورة في الشمال، وكتب يوم 24 سبتمبر 1962م يوم الزحف الشعبي، وما تبعه بعد يومين في صنعاء وقيام الثورة، ما معناه: لم يكن صدفة أن تقوم الثورة اليمنية بعد الزحف العمالي في عدن، إنه النضال المشترك لكل الوطنيين اليمنيين عن حد سواء.

هذا هو عبدالله عبدالرزاق باذيب الذي قال له جمال عبدالناصر في القاهرة قبل الاستقلال بأشهر: مع من الوقت يا عبدالله في عدن ، فرد عليه: إنه يسير مع الجبهة القومية، وفهم عبدالناصر مغزي الكلام، ولم يكن باذيب مع هذا التنظيم آنذاك.

إنه رجل سياسة وفكر وأخلاق وثقافة، ظلم نفسه قبل الآخرين ووقف أمام الإنجليز وقال (المسيح الجديد الذي يتكلم الإنجليزية)، وفشلت محاكمته وأصبح صوت الشعب.

عبدالله باذيب، ذكرى لزمن النزاهة والصدق، في حين لن يرقى أحدهم إلى ذلك الزمن الذي كتب رجاله في عدن آنذاك: نحن أخوة النضال والحق، ولا نطلب أكـثر مـن ذلك! ورحـم الله كـل رجـال زمن مضى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى