رائد التنوير في الغناء اليمني يصيح بأعلى صوته .. همشوني وحاربوني وأقصوني .. بدأت مجدداً وواصلت مضحياً فلم ينصفوني

> «الأيام» مازن سالم صالح:

>
محمد محسن عطروش
محمد محسن عطروش
لم تكن صيحة عادية، تلك التي أطلقها الفنان محمد محسن عطروش، رائد التنوير في الغناء اليمني، كغيرها من مكنونات النفس البشرية بل كانت شكوى حرى، تركت علامات الاندهاش والحيرة .. أمام حشد المثقفين والمشاركين في تكريم الفنان عوض أحمد، بمنتدى «الثورة» بعدن، ثم إنها جاءت بعد صمت دفين وغياب طويل لفنان عرف الفن والثقافة بمعناهما الكامل، وأدرك مبكراً أنها عملية تجديد ترافق الإنسان طيلة مراحل حياته، فلم يدخر جهداً في رسم إبداعاته وتجاربه الفنية بمختلف ألوانها التجديدية .. التي تركت بصماتها الطيبة على عدد من الفنانين الذين أسهم بتضحياته وارشاداته في تكوين مسيرتهم الفنية، حتى عدوا فيما بعد من صناع تفاعلاتها الغنائية. غير أن تلك الصيحة التي لم يشأ قائلها تبيان مدى حدتها على حالته المعنوية والنفسية، حيث بدا لحظتها متماسكاً وقوراً في إطلاق نعوت السخط والتذمر والتبرم من الحالة التي أسماها بالحرب الخفية .. حتى أنه توجه للحضور قائلاً:«لم يبق لي إلا أنتم يسمعني فمن يجيبني اذا لم تسمعوني» الحد الذي أثار جدلاً واسعاً بين الحضور .. الذين غرقوا في علامات الاستفهام المبطنة والمغلفة .. عن الجهة أو الأشخاص الذين يديرون تلك الحملة ضده.. أم أنها من فعل خيال الشيخ الذي تقادم به العمر .. لكنه لم يأخذ من صلابة روحه المتدفقة وعنفوان صوته الذي لم يهزم بعد.

وهل توافق شن هذه الحملة مع توقيت الشكوى المتبرمة؟ أم أنها استغرقت أمداً زمنياً استنفد كل مخزونات الصبر لدى هذا الفنان الذي شنف الآذان بأعذب الألحان طوال مسيرته الفنية الحافلة بالتجديد والعطاء والتميز والتفرد. وقد لقيت هذه الشكوى فيما بدا من تفاعل الحضور حينها استجابة وتعاطفاً كبيرين .. تركا صداهما الطيب عن باعثها .. حتى أنه وفي غمرة تفاعله واصل استهجانه من غمط حقه في التنويه بإسهاماته الفنية التي تحتل نصيباً وافراً في رصيد الأغنية الوطنية وهو ما أكد عليه بإشارة خفيفة إلى أغنية «برع يا ستعمار». وكان العطروش متعمداً وهو يشدو في تلك الأمسية بمقطع من «طبع الزمان» حين قال:

جيت بابكي مالقيت *** للبكاء في العين دمعه

جيت باشكي ربما شكوتي *** توصل لسمعه

حتى تنبه الحضور إلى الإحساس العميق بالشعور بأن هناك استقصادا وضيماً أليمين قد لحقا بالعطروش نالا من نفسيته بل لم يكتفوا بالتأكيد على ذلك .. ولكن توجهوا بالتساؤل فيما بينهم صراحة عن الجهة التي تريد تهميش وتركين واقعنا الفني عبر النيل من هذه القامات عامدة مستقصدة؟

وهو ما تداركه العطروش من واقع خبرته الفنية والحياتية الطويلة فتجاهل طلب الحضور بتأدية رائعته الفنية «يارب من له حبيب» وغنى «يا شارح الطين بالله»..

في إشارة أخرى إلى إحياء تراثه الفني الطويل .. ومواصلاً لقناعاته الفنية التي تركت آثارها التنويرية في وجدانيات المتلقين وعلاقاتهم الحياتية والعاطفية، وبعيداً عن تحريك سواكن الأزمة أو الحرب الخفية .. كما أسماها العطروش .. ولاقت من النصرة والتأييد والتعاطف حداً أحجم من غليانه.. فإن التساؤل عنها يبقى معلقاً والحديث عنها متواصلاً .. حتى نصل إلى إجابة شافية كافية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى