> حسام سلطان:

حسام سلطان
حسام سلطان
الحقيقة لا بد من الاعتراف أولا بأنني لا أعرف معنى عبارة «الاستحقاقات الديمقراطية» بالضبط ولا أدري ما المقصود بها بالتحديد ولكني أقرؤها باستمرار خصوصاً في الآونة الأخيرة وفي مختلف الصحف والمجلات العربية اليمنية، غالبية إخواننا من المثقفين والمحللين السياسيين من العرب العاربة والمستعربة يتحدثون عن الاستحقاقات الديمقراطية وضرورتها وحتميتها إلى ما هنالك بمنتهى الجدية والعنفوان فقلت في نفسي ولم لا أخوض مع الخائضين في الحديث عن الاستحقاقات الديمقراطية فمن يدري لعلي أنال بهدا الحديث شفاعة.

مصطلح الاستحقاقات هذا يتردد بكثرة في المقالات السياسية والتحليلات فمرة أقرأ عن الاستحقاقات الانتخابية ومرة عن الاستحقاقات الرئاسية ومرة عن الاستحقاقات البرلمانية وكان آخر ما قرأت في الموضوع هو عن يوم الاستحقاق العظيم أو المبارك لا أتذكر بالضبط، لا يهم، المهم أننا أمام حالة استحقاقية يستحق فيها على ما يبدو طرف ما شيئاً ما في يوم ما اتفق جمع من الناس على أنه يوم عظيم في قول ومبارك في قول آخر. إذن لنتفق جدلاً أن المقصود بـ«الاستحقاقات الديمقراطية» هو أن تتحول الديمقراطية بكل مفاهيمها وتبعاتها ومؤسساتها وممارساتها إلى حق طبيعي للشعوب تطالب به بالوسائل السلمية المتاحة وتصبح الديمقراطية بذلك مطلباً شعبياً والاستحقاقات الديمقراطية مطالب ديمقراطية نابغة من كونها من حقوق الشعب الطبيعية وليست من عطايا وإكراميات مؤسسات الحكم المختلفة.

الاعتراف من قبل أي نظام حكم بأن الديمقراطية من استحقاقات الشعوب شيء أكثر من رائع بل يكاد بالأبصار حيث تطالع به الصحف الرسمية مواطنى دولها كل يوم ولكنه في أحيان كثيرة لا يراعي الاستحقاقات الأخرى للشعوب غير الاستحقاقات الديمقراطية - بحسب التعريف السابق - أي الحقوق الأخرى للشعوب التي تسبق الديمقراطية كحق الشعوب بالأمن وحقهم بالتعليم وحقهم بالرعاية الصحية وحقهم بالعدالة والتنمية والمساواة و غيرها من الاستحقاقات الآدمية التي ولا شك أنها قد سبقت الحق الديمقراطي بقرون في الدول التي تصنف في عصرنا هذا بأنها ديمقراطية. كذلك من الإنصاف القول هنا بأن الاستحقاقات أياً كانت لا ينبغي أن يفهم أنها فقط من طرف واحد بمعنى أننا يجب أن نسأل أنفسنا هل الشعوب العربية أو شعوب دول العالم الثالث عموماً مستحقة فعلاً للديمقراطية بمعنى هل تعرف هذه الشعوب من تختار عند صندوق الاقتراع بعقلانية أم أنها لا تزال تنقاد بعواطفها وانتماءاتها القبلية الحزبية وتنحاز للشعارات الرنانة والخطب المدوية التي تتعامل مع الجماهير كأعجاز نخل خاوية، هل تستطيع هذه الجماهير فعلاً انتخاب الأكفأ اذا ما أعطيت لها الفرصة وهيئت لها الظروف الملائمة من انتخابات حرة ونزيهة أم أنها مازالت غير مؤهلة.

لا أدري إن كانت عبارة استحقاقات هي التوصيف الأمثل لمطالب الجماهير أو لحقوق الشعوب، ولعل من المفاراقات هنا أنني عندما بحثت عن معنى الكلمة باللغة الإنجليزية وجدت أن من أحد معانيها الأهلية والجدارة بمعنى أن يكون الطرف المستحق مؤهلاً وجديراً بتلقي أي استحقاق ناهيك عن المطالبة به.

أتمنى أن لا تصبح عبارات مثل الاستحقاقات وأخواتها مجرد أوعية فارغة تتبادلها الصحف الرسمية وصحف المعارضة فيما بينها بينما تظل الشعوب وحقوقها ومطالبها في واد غير ذي زرع.

لا أدري حقيقة فقد يكون سبب عدم استساغتي لعبارة استحقاقات هو انتهاؤها بالـ«قات».

[email protected]