كباري

> محمد عبدالله الموس:

>
محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس
الكباري- جمع كوبري- هي ما يستخدم للعبور من فوق ممرات المياه كالأنهار والأودية وما في حكمها، وهي كلمة عامية من مرادفات (الجسور). عند بعض أهل السياسة فإن الكوبري مصطلح يقصد به جسر المرور في الطريق ذي الاتجاه الواحد، إذ يستخدم للمرور لمرة واحدة من دون الحاجة إلى مراعاة الإياب من عليه.

كنت وأحد الأصدقاء نتبادل الشكوى ذات مرة، وهي عادة أهل اليمن عامة فكلهم يتبادل الشكوى حكاما ومحكومين، كنا نتبادل الشكوى حول تجاوزات سائقي الميكروباص وتعديهم على قواعد المرور بصورة تدعو إلى استفزاز مستخدمي الطريق من عربات ومشاة، ولكي لا نظلم سائقي (ميكروباصاتنا) فإن خرق القواعد من الأمور الشائعة في بلادنا، وسلوك سائق الميكروباص ليس يمنيا فحسب فهو يجد شبيها له في غير بلد عربي على حد ما رأيت، إذ ينم عن عدم احترام القواعد الهادفة إلى سلامة الناس وانسيابية السير في الشارع العام. صديقنا علق على هذه الظاهرة مازحاً أن سائق الميكروباص يرى كل إنسان يقف على رصيف الشارع عبارة عن (عشرين ريالاً) يجب ملاحقتها حتى لو تطلب الأمر السير في الاتجاه المعاكس من الطريق.

في الانتخابات، الناخب في نظر المرشح عبارة عن (صوت) يجب ملاحقته حتى بوعود كاذبة تتكرر في كل موسم انتخابي، فتزيد درجات الابتسام له والحديث عن همومه ومعاناته وتكثر زفات المبعدين والعاطلين والمحرومين من حقوقهم في العيش الكريم، ولأننا نجاري أنظمتنا فإننا نستغل هذا الموسم، فترى الناس تكثر من التهديد بالمقاطعة، فهذه المنطقة من المناطق المحرومة تهدد بالمقاطعة ما لم يصلح الطريق، وتلك ما لم تعد حقوق سكانها، وجماعات من العاملين تهدد ما لم تسوَّ أوضاعها، فنحن لا نمارس حقوقنا في التهديد بسحب الثقة مثلا لأننا ندرك أن آليات ديمقراطيتنا لا تتيح ذلك، وبالتالي لا نملك إلا بعضا من الابتزاز الانتخابي نمارسه يوما واحدا كل عدة سنوات في مقابل ابتزاز يمارس علينا طوال أيام الدهر.

إن الناخب في كثير من الأحيان لا يعدو أن يكون (كوبري) في نظر معظم المرشحين، فهو فقط ممر لمرة واحدة لا يحتاجها المرشح بعد المرور الأول، فهناك - ما بعد الكوبري - تتوفر وسائل أخرى كثيرة تضمن المرور مرات متعددة بآليات أخرى كثيرة وكبيرة قد يكون الناخب جزءا منها وقد لا يكون.

صحيح أن الانتخابات بالقائمة أكثر تعبيرا عن رأي الناخب من الانتخابات الفردية، ومع ذلك فإن هناك وجوهاً من المرشحين جديرة بالثقة والاحترام، لكن آليات الأداء العام لا تتيح لها حمل هموم الناس قولاً وفعلاً وما نحتاجه هو إصلاح هذه الآليات في إطار إصلاح شامل يتيح لهذه الوجوه حمل هموم الناس، فمن دون الإصلاح الحقيقي لن يتمكن أي منهم من تحقيق رسالته في ظل وجود اختلالات وتجاوزات لا حصر لها، وقد قال شاعر الأمس:

متى يبلغ البنيان يوماً تمامه

إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

إذا ألفُ بانٍ خلفهم هادم كفى

فكيف ببانٍ خلفه ألف هادم؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى