> الحديث عن كرة القدم الجزائرية بالضرورة هو قصة موازية لميلاد أحد أعرق الأندية في الدوري الممتاز بالجزائر فريق مولودية الجزائر، وتأسس عميد الأندية الجزائرية في شهر أغسطس 1921م وتزامن ذلك مع ذكرى المولد النبوي الشريف، ومن هنا اشتق اسم الفريق «المولودية» تيمناً بهذا الحدث الكبير، وسارت أغلب الأندية الجزائرية على هذا النهج وأصبحت تطلق على نفسها اسم المولودية ولعل أبرزها فريقا مولودية وهران ومولودية قسنطينة في غرب وشرق البلاد.

لم يكن ميلاد فريق المولودية حركة رياضية وإنما تجمع شعبي لأبناء العاصمة الجزائرية الذين يقطنون الاحياء الشعبية والذين يعانون التهميش من الفرنسيين حيث كانت البلاد ترزح تحت نير الاستعمار.

وتحول الفريق من فضاء ترفيهي إلى حركة تحررية مع مرور الوقت، حيث اختار النادي اللونين الأخضر والأحمر اللذين يميزان حاليا علم البلاد، فاللون الأخضر يرمز للتسامح والتطور والأحمر يشير إلى دماء الشهداء والوطن التي خضبت الأرض الطاهرة وجبلت بالتراب. لم يكن لاعبو فريق المولودية يتفوقون على أترابهم من المستعمرين على الميادين الترابية فحسب، بل كانوا يقدمون تضحيات جساماً خارج الميادين.

أمجاد كروية.. وقاعدة جماهيرية غفيرة
لا يساورني شك في أن الأشقاء اليمنيين سمعوا عن الثورة الجزائرية المجيدة بين 1954-1962م التي انتهت بطرد الاستعمار الغاشم. من هنا كان الميلاد الحقيقي لفريق مولودية الجزائر، الذي أصبح مع مرور الوقت يتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة، خاصة بعد تشييد ملعب 5 يوليو الذي يتسع لعشرات الآلاف من المتفرجين ووصل معدل الحضور الجماهيري لمباريات الفريق في الدوري الجزائري إلى حدود 70 ألف متفرج في بداية السبعينات، ليبدأ العصر الذهبي لعميد الاندية في الجزائر حيث حقق الفريق ثلاثية تاريخية حينما توج بلقب الدوري والكأس وكأس الأندية البطلة الافريقية عام 1976م.

ونتيجة للإصلاح الرياضي فقد تم ضم أغلب الفرق لشركات كبرى في البلاد تتولى تسيير وتمويل هذه الفرق، فضم الفريق الى شركة سوناطراك للبتروليات وهي الشركة الأولى في تاريخ الجزائر، وهو ما جعل النادي في بحبوحة مالية تكفي تحقيق اهدافه، ووصل عدد تتويجات الفريق حاليا الى 6 بطولات دوري، خمسة تتويجات بكأس الجمهورية ولقب أفريقي وكؤوس مغاربية، إضافة الى مشاركاته الدولية حيث قدم مستويات رائعة في مواجهة فرق عالمية مثل ريال مدريد ولوكومتيف موسكو، وباريس سان جرمان وغيرها من الأندية العالمية.

آخر تتويج بدوري عام 1999م
بدأ زمن النكسات يحل بالفريق الذي عاش أزمة إدارية أبعدته عن منصة التتويج منذ سنوات الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي الى عام 1999م، حيث توج الفريق بلقب الدوري في نهائي جمعه مع اكثر الفرق الجزائرية تتويجا (شبيبة القبائل) بهدف دون مقابل، حيث شهدت العاصمة الجزائرية احتفالات دامت أكثر من اسبوع كامل أغلقت فيها الشوراع وتزينت شرفات العمارات بالرايات الخضراء والحمراء، وشهد ذلك الموسم تألق اللاعب رفيق صايفي، حيث التحق في الموسم التالي الى نادي تروا الفرنسي وينشط حاليا في صفوف لوريون بالدرجة الأولى في الدوري الفرنسي.

بيد أن العميد كان دائما مرآة عاكسة للوضع الاجتماعي بالبلد، فعاش هزات عنيفة عصفت به في موسم 2002م إلى الدرجة الثانية قبل أن يعود الى الدرجة الأولى في العام التالي.

كأس الجمهورية بعد 23 عاما
عودة المولودية إلى الدوري الممتاز عام 2003م كانت موفقة، وكان كالعادة يلعب دور الحصان الاسود محتلا مراكز ريادية في الترتيب جعلته مؤهلا لتمثيل الجزائر في دوري أبطال العرب وشارك لأول مرة في هذه المنافسة في نسختها الثانية، وخرج في دور الثمانية بضربات الترجيح أمام اتحاد جدة السعودي، وتكرر السيناريو الموسم الماضي حينما خرج من الدور نفسه أمام إنبي المصري رغم تفوقه في ميدان هذا الأخير بـ(1/2) .

ولأن الفريق كان الأكثر مساندة جماهيرية وإمتاعا من الناحية الفنية فقد آثرت قناة ARTالراعية لدوري أبطال العرب دعوته للمشاركة للمرة الثالثة على التوالي، حيث أوقعته القرعة في مواجهة نادي التلال.

وعاش الفريق نهاية موسم رائعة رغم المشاكل الإدارية، حيث توج بكأس الجمهورية أمام الجار الغريم اتحاد العاصمة بواقع هدفين دون مقابل في منتصف شهر يونيو الماضي، وهـو التـتويـج السادس بلقب كأس الجمهورية بعد آخـر كأس حصل علـيها في عام 1983م.

حلم محلي.. عربي .. وافريقي
هذا الموسم يسعى فريق المولودية إلى حصد أكثر من لقب على الصعيدين المحلي والعربي، فهو يلعب على جبهتي الدوري والكأس وكذلك في منافسة دوري أبطال العرب وكأس الاتحاد الافريقي، ولعب الفريق لحد الآن ثلاث مباريات في الدوري المحلي تعادل في الأولى أمام اتحاد البليدة خارج ميدانه 1/1 ثم فاز على جمعية الشلف 1/صفر وتعرض الى هزيمة مفاجئة على ميدانه قبل حوالي 10 ايام أمام شبيبة بجاية 0/1، وهو يحتل المركز التاسع بـ( 4 نقاط) وبقيت له مقابلة، بفارق 6 نقاط عن رائد الترتيب نادي بارادو (10 نقاط).

بيد أن الإنجاز الذي يتطلع اليه الفريق هو التتويج بلقب الدوري وكذلك بدوري ابطال العرب، طالما أن المكافأة المحددة للفائز ستجعله أحد أغنى الفرق الجزائرية.

وتبلغ ميزانية فريق المولودية حوالي مليوني دولار، وهو يمثل أحد الأحياء الشعبية في العاصمة، وله عدد كبير من المتعاطفين في الـ 48 محافظة جزائرية، حيث يقدرون بنحو مليوني محب للفريق.

المولودية في عدن
يقول لاعبو المولودية إنها المرة الأولى التي تطأ فيها أقدامهم تراب هذه الأرض المباركة، ورغم الرحلة الشاقة من الجزائر مرورا بالقاهرة ثم العاصمة صنعاء، فإن سعادة اللاعبين كانت كبيرة لاكتشاف هذا البلد. واعتبر وفد المولودية أن حفاوة الاستقبال الذي حظوا به يعبر عن أصالة وكرم الشعب اليمني الشقيق. وتمنى اللاعبون أن يكون أمامهم متسع من الوقت للتعرف أكثر على مدينة عدن التي أبهرتهم بخليجها والمياه المحيطة بها، رغم أنهم لم يتحملوا الحر الشديد والرطوبة العالية التي تشهدها المنطقة. ويمني اللاعبون النفس بتقديم لوحات فنية وترك انطباع جيد أمام الجماهير اليمنية برغم استيائهم الكبير من تدهور أرضية الميدان، وكان اللاعبون قد أدوا صلاة الجمعة بالمسجد المجاور كما قاموا بزيارات تسوق خفيفة بالقرب من فندق جولدن توليب لشراء هدايا تذكارية من عدن الحبيبة.

البطاقة الفنية

> الاسم: نادي مولودية الجزائر.

> تاريخ التأسيس: آب/ أغسطس 1921م.

> 6 بطولات للدوري المحلي (72، 75، 76، 78، 79، 99م)

> 5 كؤوس (71، 73، 76، 83، 2006م)

> كأس الأندية الأفريقية البطلة 76م.

> كأس المغاربية مرتين 71، 74م.

أسبوعية «الكرة» ويومية «الشروق»

[email protected]