نظرة إحصائية حول حجم الأدوية والمستلزمات الطبية المستوردة إلى اليمن خلال عام 2005م

> «الأيام» د. علي محمد الأكحلي:

> الشيء الجميل والملاحظ في السنوات الأخيرة هو قيام المسئولين من مختلف المستويات باستخدام لغة الأرقام عند الحديث عن أي موضوع بدلاً من الحديث الإنشائي العام ! إلاّ أن المشكلة تكمن في تضارب مقدار هذه الأرقام من مسئول الى آخر لنفس المجال ، بل أن البعض يتحدث عن أرقام لا نعرف من أين استمد مصدرها ، وخصوصاً تلك الإحصائيات التي تتطلب مسحاً ميدانياً لمعرفة نتائجها.

قراءة نقدية للتقرير الإحصائي السنوي لعام 2005م الصادر عن :" الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية"

ولم تستثن هذه الظاهرة من إحصائيات المجال الصحي والتي يفترض أن تكون أكثر دقة في كون قاعدة البيانات لديها كانت جاهزة قبل غيرها من الوزارات الأخرى. فعلى سبيل المثال ، وفي شهر مايو من العام الماضي عقدت «الندوة الوطنية الأولى للقضاء على ظاهرتي تهريب وتزوير الدواء» لفت انتباهي في مجلة «الدواء» التي وزعت على الحاضرين ما جاء ذكره من أن شركة (يدكو) لوحدها تلبي 25% من احتياجات السوق المحلي (نفس النسبة ذكرها البعض في أوراقهم المقدمة الى الندوة ولكن على أنها نسبة إنتاج المصانع المحلية مجتمعة) ، بينما الحقيقة أن إنتاج كل المصانع المحلية لم يتعد 6% في كل عام من الأعوام 2002/2003/2004م (بحسب تقارير الهيئة العليا نفسها). ويحتمل أن يشكل إنتاج (يدكو) منفردة نسبة 1,5% تقريباً من احتياجات السوق المحلية (تقدير كاتب المقال).

ولست هنا بصدد التعرض لهذ الشركة الكبيرة والتي تعتبر من الشركات الرائدة في التصنيع الدوائي وصرحا وطنيا يفتخر فيه ولكن تعرضنا كان لجهة عدم دقة الاحصاءات عند الحديث عن حجم الإنتاج.

كذلك عندما يتحدث البعض عن نسبة الأدوية المهربة: هناك من أدلى بحديث في الصحف أشار فيه الى ان النسبة هي أكثر من 35% من الأدوية الموجودة في السوق ، وفي نفس الفترة جاء مسئول من ادارة صحية أخرى يقول إأنها مابين 15 -25% وآخر قال إنها قد تصل إلى 50% وهكذا ! والمشكلة الأخرى تكمن في أن الجهة التي تستطيع مدنا بالمعلومات والأرقام هي نفسها تفتقر الى منهجية تحديد مثل هذه النسب ، إضافة الى قيامها بإنزال إحصاءات العام المنتهي في وقت متأخر من العام التالي له ، وهذا يدع الآخرين يجتهدون و ينثرون الأرقام هنا وهناك دون تمحيص.

ملخص التقرير الاحصائي لعام 2005م :

أنزلت الهيئة العليا للأدوية قبل أسابيع ( أغسطس الماضي) تقريرها الإحصائي السنوي لعام 2005م ، حيث طبع باللغة الإنجليزية للسنة الثانية على التوالي. والحقيقة أن هذا التقرير جاء مخيباً للآمال من حيث التجهيز والإخراج ، بل ومن حيث الأخطاء (القاتلة أحياناً) التي ظهرت في طباعة أرقام متناقضة لنفس المجال ، حيث سنأتي على ذكر ذلك في سياق هذه المقالة.

لاحظنا من التقرير أن هناك زيادة في استيراد الأدوية عبر القطاع الخاص خلال عام 2005 بنسبة 32% تقريباً عن حجم الاستيراد في العام السابق له (2004م) ، حيث كان حجم الاستيراد في عام 2004م يساوي 109,264,864 دولارا وارتفع في عام 2005م ليصل الى 144,189,642 دولارا. وقد تعزى هذه الزيادة الى النقص الملحوظ في تهريب الأدوية في النصف الثاني من عام 2005م على حساب الاستيراد الرسمي عبر الهيئة ، وهذا ما أكده بعض المسئولين في أحاديث نشرت في الصحف مؤخراً.

وجاء في التقرير أيضاً أن قيمة الأدوية المستوردة من قبل القطاع الخاص +العام خلال 2005م بلغ 154,072,895 دولارا ، نصيب القطاع الخاص منه = 93,58% تقريباً. وهذا يعني تصدي القطاع الخاص لمهمة توفير الأدوية بشكل أساسي في البلاد حيث لاتزال حصة الدولة في توفير الدواء ضيئلة جداً حوالي (6,5 %) وهو ما يلمسه عامة الناس من النقص الملحوظ في توفر الأدوية في المستفيات الحكومية. وهذه النسبة الضئيلة تكررت في السنوات الماضية أيضاً .

جدول رقم (1) يبين حجم استيراد الأدوية للقطاعين العام والخاصً خلال عام 2005م ، وكذا نسبة ما تشكله كل جهة من الإجمال :-

الإجمال: مائة وأربعة وخمسون مليونا واثنان وسبعون ألفا وثمانمائة وخمسة وتسعون دولارا

أي ما يعادل 30,044,214,525 ريال. (صرف الدولار=195 ريالا بحسب الهيئة العليا في التقرير) .

ü استيراد القطاع العام هو استيراد التموين الطبي بوزارتى الصحة و الدفاع وصندوق الدواء عبر المناقصات، وكذا مشتريات المستشفيات الحكومية المختلفة سواء من الخارج أو من السوق المحلي.

أما إذا أضفنا إلى استيراد القطاعين العام والخاص قيمة الأدوية التي أنزلتها المصانع المحلية خلال عام 2005م (ص 19) وكذا الأدوية المستوردة من قبل البعثات الطبية والشركات الأجنبية والطلبات الخاصة ، فإن إجمال الأدوية التي ضخت إلى السوق بلغ 170,676,318 دولارا، تشكل مبيعات المصانع المحلية منه نسبة 8,69%.

جدول رقم (2) يبين حجم استيراد الأدوية بحسب الجهات المختلفة مضافاً إليه مبيعات الأدوية المصنعة محلياً خلال عام 2005م ، وكذا نسبة ما تشكله كل جهة من الإجمال :-

الإجمال: مائة وسبعون مليونا وستمائة وستة سبعون ألفا وثلاثمائة وثمانية عشر دولارا

أي ما يعادل 33,281,882,010 ريال. (صرف الدولار=195 ريال بحسب الهيئة العليا في التقرير) .

ü عدد المصانع المحلية العاملة خلال 2005م في اليمن هي ستة مصانع وكلها تتمركز في مدينة صنعاء ونواحيها وهي :-

(1) يدكو (2) سبأ فارما (3) شفاكو (4) الدوائية الحديثة (5) فارما كير الدولية (6) بيوفارما ، وللعلم هناك مصنعان يمنيان جديدان للأدوية (يوجدان أيضاً في مدينة صنعاء) وسيتم انزال انتاجهما خلال عام 2006م وهما : (أ) الشركة اليمنية المصرية للأدوية (ب) العالمية للصناعات الدوائية.

ملاحظة: تم تصحيح الأرقام المذكورة في تقرير الهيئة من قبل كاتب المقال لتكون كما ظهرت في الجدول، حيث ذكرالتقرير في ص 29 أرقاما مغايرة ، و جاء ذكرها صحيحاً عند تبويبها بشكل متفرق في التقرير.

ومن جانب آخر أوضح التقرير أن إجمال المستورد من أدوية ومستلزمات طبية وأجهزة وآلات طبية الخ .. بلغ 208,193,777 دولارا أمريكيا ، شكلت الأدوية ما نسبته 74,85% من الإجمال.

جدول رقم (3) يبين حجم الاستيراد الفعلي الواصل خلال 2005م من أدوية ومستلزمات طبية..الخ والمستوردة من قبل كافة الجهات (عام /خاص /مختلط الخ..) مع نسبة ما يشكله كل نوع من الإجمال :-

الإجمال: مائتان وثمانية ملايين ومائة وثلاثة وتسعون ألفا وسبعمائة وسبعة وسبعون دولارا ، ما يعادل 40,597,786,515 ريالا .(صرف الدولار=195ريالا بحسب الهيئة العليا في التقرير).

ملاحظة: قيمة الأدوية المذكورة في هذا الجدول تخص بالمستوردة فقط ، ولم تشمل قيمة الأدوية المصنعة محلياً.

وقد أوضح التقرير أن استيراد الأدوية قد تم من 51 دولة مختلفة، بحيث استأثرت الدول العربية بنصيب 40% من إجمال المصدر إلى اليمن ، إضافة إلى نسبة 40% مصدرة من الدول الأوروبية. أما نسبة 20% الباقية فقد تم استيرادها من دول تقع في قارات أخرى. وقد انخفض الاستيراد من أوروبا مقارنة مع عام 2004 بنسبة 3,5% ، حيث لاحظنا انخفاض الاستيراد من دولتي الدنمارك و النرويج ، وقد يكون الانخفاض مرده حملة المقاطعة للسلع والأدوية التي تصدرها هاتان الدولتان بسبب الرسوم المشينة بحق الرسول الأعظم والتي نشرتها بعض الصحف هناك.

جدول رقم (3) يبين عدد الدول وجنسيتها التي صدرت الأدوية الى اليمن خلال 2005م :-

وقد بين جدول رقم (23) المذكور في تقرير الهيئة أن عدد المستوردين في عام 2005م هو 134 مستوردا .

وأول 10 مستوردين قاموا باستيراد ما نسبته 57,18 % ، بينما استورد البقية (وعددهم 124 مستوردا) النسبة المتبقية وهي 42,82% .

كما أشار التقرير إلى إن عدد الشركات التي تم الاستيراد منها خلال 2005م هي 335 شركة.

ويبين جدول رقم (26) في تقرير الهيئة أن نسبة 31,6% من استيراد الأدوية تمت من 10 شركات ونسبة 68,4% من باقي الشركات وعددها 325 شركة.

الأدوية المستوردة مصنفة بحسب المجموعات الدوائية :

في القسم المخصص لتصنيف الأدوية المستوردة بحسب المجموعات الدوائية ، لاحظنا أن هناك أدوية لا تصنف في العادة الى أية مجموعات دوائية في كل التقارير الاحصائية السنوية التي تصدرها الهيئة و تضعها في أول الجدول تحت تسمية «أدوية غير مصنفة» وتصل نسبتها في العادة إلى 40% من إجمال الاستيراد العام للأدوية .

أما نسبة ال 60% الباقية فإنها تصنف الى 14 مجموعة دوائية .

وقد لاحظنا في تقرير عام 2005م أن نسبة 55% من الأدوية المصنفة تتوزع على 12 مجموعة دوائية ، بينما هناك مجموعتان دوائيتان تشكلان لوحدهما ما نسبته 45% تقريباً من إجمال الأدوية المصنفة . وهاتان المجموعتان هما:-

(1) أدوية مضادات العدوى العامة وتستأثر بنسبة 26,5% من الأدوية المصنفة .

وهذا يدل على أن استهلاك المضادات الحيوية هو استهلاك مفرط وغير مراقب.

(2) أدوية الجهاز الهضمي وتستأثر بنسبة 18,6% من الأدوية المصنفة .

وهذا يعني أن المواطن اليمني لا يزال يعاني كثيراً من أمراض الجهاز الهضمي كالحموضة والتسمم الغذائي والتقلصات والاسهال وتيبس المعدة إضافة الى أمراض الكبد المختلفة.

جدول رقم (4) يبين تصنيف الأدوية المستوردة خلال عام 2005م بحسب المجموعات الدوائية مع بيان نسبة ما تشكله كل مجموعة من الإجمال :-

الأخطاء في التقرير :-

شاب التقرير أخطاء فنية وأخرى مهنية . الأخطاء الفنية تكمن في ترتيب الجداول . فعلى سبيل المثال :-

ظهر في ص 32 جدول (15) موجز لاستيراد كل المصنفات (أدوية و مستلزمات طبية وأجهزة الخ ..).

بينما الجداول التفصيلية بالجهات المستوردة لهذه المصنفات تم وضعها في جداول بدأت من صفحة 80 وانتهت عند صفحة 106 ولم تأت بعد صفحة 32 مباشرة .

أما الأخطاء المهنية فتتمركز في احتساب ووضع أرقام الإحصائيات نفسها ، حيث ذكرت أرقام معينة في جدول معين بينما ذكرت بشكل مغاير في جدول آخر.

فعلى سبيل المثال:-

(1) في ص 29 جدول (13) ، ذكر أن مبيعات المصانع المحلية = 15,301,043 دولارا بينما في ص 34 جدول (16) ظهرت المبيعات على أنها 14,839,505 دولارات، وهي الصحيحة.

(2) في ص 34 أيضاً : أظهر جدول (16) مقارنة لحجم استيراد الأدوية + مبيعات المصانع المحلية لكل عام من الأعوام الخمسة : 2001 - 2005 ، حيث أراد القائمون على التقرير تحديد قيمة المستورد من الخارج في العمود الأول ثم تحديد قيمة مبيعات المصانع في العمود الثاني ، ثم إظهار جمع القيمتين في العمود الثالث .

إلاّ أنهم أخطئوا في إظهار القيم الصحيحة ، حيث ظهرت إحصائيات عام 2005م بأن قيمة المستورد هو 168,877,816 دولارا و المبيعات المحلية تساوي 14,839,505 دولارات وظهر الإجمال في العمود الثالث = 183,717,321 دولارا!

والصحيح هو أن قيمة المستورد = 155,836,813 دولارا + المبيعات المحلية بقيمة 14,839,505 دولارات وإجمال القيمتين هو 170,676,318 دولارا.

وقد راجعت إحصائيات السنوات الأربع الماضية والموضحة في نفس الجدول ووجدت أن نفس الخطأ قد تكرر!

وهذا الخطأ أدى بالقائمين إلى تحديد نسب خاطئة لقيمة المستورد وقيمة مبيعات الأدوية المصنعة محلياً إلى الإجمال الوارد إلى السوق (خارجي ومحلي) والموضح في نفس الصفحة وعلى جدول (17).

(3) في ص 29 جدول (13) ظهرت أرقام الاستيراد لعام 2005م للقطاعات العام/الخاص الخ..بشكل مختلف عمّا جاء في ص 32 جدول (15) - والصحيح هو ما ظهر في جدول (15).

(4) في ص 71 جدول (43) ظهر إجمال قيمة الأدوية الموزعة بحسب المجموعات الدوائية بقيمة 41,290,913,024 ريالا (= 211,748,272 دولارا)، بينما إجمال المستورد لكافة القطاعات إضافة إلى الأدوية المصنعة محلياً هو مبلغ 33,281,882,010 ريالات (= 170,676,318 دولارا) ، أي بفارق 41,071,954 دولارا - وهو رقم مهّول !

وهناك أخطاء أخرى لا يتسع المجال هنا لذكرها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى