مقتطفات من (جدلية التأثير المتبادل بين الثقافات الثقافة العربية نموذجا)

> «الأيام» عبدالعزيز عبدالله بامطرف:

> نشر هذا البحث بجزئين من مجلة «دراسات يمنية» الفصلية التي يصدرها مركز الدراسات والبحوث اليمني,الجزء الاول حمل العناوين التالية: مقدمة (1) ما الثقافة؟ (2) الثقافة العربية وجدلية التأثير المتبادل. والجزء الثاني حمل العناوين التالية: (3) الثقافة والعولمة (4) ما العمل؟ وخاتمة.

في المقدمة كتب أ.د. عبدالعزيز المقالح نحن في هذا البحث وفي كل ما نكتب ونقول مع الفريق الذي يجنح الى فكرة الحوار ويؤمن بجدلية التأثير المتبادل بين الثقافات العالمية ويرى في هذا التبادل الصورة المثلى للتعايش الثقافي والكرامة لمستقبل الإنسان على وجه هذه الأرض، والعمل على التمكين للثقافات المعزولة والهامشية أن يكون لها حضورها ودورها في هذا التعايش الثقافي انطلاقاً من تجارب الماضي ومن دور الحضارة العربية العظيمة التي رفضت في أوج ازدهارها أن تقيم ثقافاتها على أنقاض الثقافات الأخرى ولا أن تكون لغتها بديلاً عن لغات الشعوب المغلوبة.

1- ما الثقافة؟

بقيت كلمتا «ثقافة» و«مثقف» عرضة لمفاهيم ومحمولات يصعب الإمساك بها، وربما كانت الكلمة باشتقاقاتها القديمة وتعاريفها أكثر وضوحاً كما أن المدلول اللغوي والفكري الذي اكتسبته مجدداً يبدو - بعيداً عن التعريفات - على قدر كبير من الوضوح ايضاً، إذ صار معلوما للقارئ العادي فضلا عن القارئ المتخصص أن لهذا اللفظ هوية تختلف كثيراً عن ما كان له في بداية التدوين المعجمي وأنه منذ بداية القرن العشرين على الاقل بدأ يأخذ مكانا عميقاً في سياق التعبير عن المعرفة الإنسانية.

التعريف الموجز لمفهوم الثقافة كما اختاره ووافق عليه المجمع اللغوي للقاهرة ضمن المعجم الوسيط، حيث يحدد الثقافة بأنها «العلوم والمعارف والفنون التي يطلب الحذق فيها».

2- الثقافة العربية وجدلية التأثير المتبادل:

إن جدلية التأثير المتبادل بين الثقافات أصبحت من الأمور المسلم بها، وهي حالة غير جديدة ولا استثنائية وممتدة عبر العصور، وفي مقدور الثقافة العربية أن تقدم أتم نموذج لهذا التفاعل سواء في ماضيها أو في حاضرها فهي ثقافة مفتوحة واثقة من نفسها، وعندما بدأ تواصلها بالآخر، وكان ذلك في لحظة زمنية فارقة من تاريخ البشرية، وضعت استراتيجية غير مكتوبة تكاد تتجسد في النقاط التالية:

(1) اختيار ما تنقل. (2) تطويع ما تنقل. (3) توظيف ما تنقل. (4) رفض العداء للآخر الذي تنقل عنه. في ظل هذه الاستراتيجية المبكرة بدأت الترجمة من اللغات الأخرى واجتهد العرب في نقل ما يحتاجونه لا ما يحتاجه غيرهم.

ولكي يصبح التبادل فعلاً والحوار ممكناً لا بد أن يكون هناك اعتراف متبادل بحق كل ثقافة بأن تاخذ من الثقافات الأخرى ما تراه مناسباً لها شأن أوروبا القرن الثاني عشر والثالث عشر عندما انفتحت على علوم العرب وثقافاتهم وأخذت منها ما رأته مناسباً لتطور مناهجها في التعليم والتصنيع، وما أكثر الشواهد على أن الثقافة العربية كانت في مرحلة ازدهارها أكثر انفتاحاً على الثقافات الأخرى كما كانت واسطة العقد بين ثقافة الشرق القديم والغرب القديم، ولم تشعر بأي قلق تجاه تلك الثقافات انطلاقاً من وعي بما تريد من شعور بضرورة التلاقح والتبادل الثقافي.

وإذا كانت الترجمة في الماضي هي النافذة الأولى للإطلال على الثقافات فإنها ماتزال وسيلة من وسائل التعرف على الآخر والوقوف على أشكال ونماذج من التنوع الخلاق في مجال الفكر والإبداع على حد سواء.

3- الثقافة والعولمة:

في عصر العولمة والعولمة الثقافية على وجه الخصوص، هذا الغول الذي يستخدم كل إمكانات التقنية الحديثة ليصل إلى كل مكان على وجه الأرض ولا يكتفي بأن يكون للثقافة التي يتبناها دورها وتأثيرها، بل لا يرضى بقدر من الهيمنة وإنما يسعى إلى إلغاء ثقافة الآخر وإحلال الثقافة التي يتبناها محل ثقافات الآخرين انطلاقاً من أن ثقافته هي الأرقى والأحدث.

ويمكن القول إن المثقفين العرب ينقسمون تجاه هذا الغول الثقافي بأبعاده السياسية والاقتصادية والثقافية إلى ثلاثة اتجاهات محددة المواقف وهي:

أولاً: الاتجاه الرافض والمتوجس شراً من العولمة ومن يروج لها.

ثانياً: الاتجاه المؤيد تأييداً مطلقاً دون تحفظات.

ثالثاً: الاتجاه المتفائل أو الوسط الذي لا يرى أن العولمة قادرة على تحقيق أهدافها الشريرة وأن الخوف منها مبالغ فيه.

4- ما العمل؟

من أولى المهام العملية في هذا المجال التأكيد على «أن الاستقلال الثقافي هو أساس كل استقلال، والحفاظ على الهوية الثقافية الذاتية ليس مطلباً قومياً فحسب، بل مطلب تنموي يتصل بتوفير الشروط اللازمة للتنمية عموماً».

إن الانسان العربي مطالب حفاظاً على استقلال وطنه والحفاظ على خصوصياته الثقافية أن يغامر في امتلاك أكبر قدر من التقنيات مستفيداً من كون بلاده الوطن العربي مستودعاً للطاقة. إن المحافظة على جدلية التأثير المتبادل بين الثقافة العربية والثقافات المعاصرة يقتضي قيام جدلية عملية بين الإنسان العربي والتقنية الحديثة، وهذا المطلب الآني والعاجل من البداهة والوضوح إلى درجة يجعله من أوليات الاستراتيجية الوطنية والقومية، فنحن في مواجهة فعلية مع تقنيات العولمة قبل أن تكون مع فكرها ومع مفردات الثقافة الواحدة التي تبشر بها.

خاتمة:

إحياء الشعار العربي القديم (من المختلف يولد المؤتلف) وأن نتجه باهتمامنا نحو مزيد من العناية بالثقافات الآسيوية التي هجرناها تحت ضغط الوهج القادم من الغرب مصحوباً بمدنية أنانية طامعة، وبتسويق إعلامي يقوم على التشويه والتفسخ الأخلاقي ونشر التقليعات الثقافية المروجة للعنف والانحلال.

إلى الاستاذ الدكتور/عبدالعزيز المقالح

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى