بن دغر: هل وقعت الحشود الهائلة والزعامات الوطنية التي تقف وتدعم صالح تحت إغراء المال؟

> عدن «الأيام» خاص:

>
د.أحمد عبيد بن دغر
د.أحمد عبيد بن دغر
قال الأخ د.أحمد عبيد بن دغر ردا على تصريحات أمين عام الاشتراكي :«نحن جميعاً في الحكم والمعارضة نعرف بأن علي عبدالله صالح سوف ينتخب رئيساً للبلاد. شخصيته، وماضيه النضالي وإنجازاته الكبيرة وقدرته على التسامح، كل هذه وغيرها عوامل تدفع به إلى نجاح ديمقراطي جديد. والأهم من ذلك أن الغالبية العظمى من أبناء الشعب وزعامات وطنية لا حصر لها تنتمي إلى كل أطياف العمل السياسي تقف إلى جانبه وتدعمه، فهل وقعت هذه الحشود الهائلة، وهذه الزعامات الوطنية كلها تحت إغراء المال.

«لقد بادرته وخاطبته في رسالة الاستقالة «بالأخ العزيز» ولم أتجاهل صفته العلمية، فهاجمني في شخصي، لم يعترف بأن الديمقراطية لا تصادر حقاً، وكانت استقالتي من الاشتراكي حقاً، كذلك كحقي في الانتماء إليه، أو إلى غيره من الأحزاب الوطنية الأخرى. كنت أتفق أو أختلف معه في مواضع عديدة بدأت قبل الوحدة عندما كان رئيساً للوزارء، وعضواً في هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، وقد تشرفت بعضويتها حينذاك، لكن الاختلاف كانت تحكمه قواعد الأدب. اتهمني بجاذبية مال المؤتمر و«إغراءاته المادية» ولم يتذكر أن عضويتي في الاشتراكي قد قاربت على عقود أربعة. وقارب عمر المؤتمر على ربع قرن، كان خلالها حزب الأغلبية، ولازال، ومع ذلك فإنني سأترك جاذبية واغراءات المال جانباً، ولكن إلى حين تقديراً واعتزازاً لأعضاء الحزب الاشتراكي وقياداته الطيبة، واعترافا بتاريخ كنت جزءاً منه بما كان عليه من نجاح أو إخفاق، وحرصت ألا يدفعني هذا الحوار العنيف إلى الضد من قواعد الأدب في الاختلاف.

قال إنني وافقت وأيدت بحماس توجهات الحزب. ولا يذكر أنني وغيري في المكتب السياسي، واللجنة المركزية قد أبدينا ملاحظات جوهرية على هذا النهج وذاك التوجه. إن ما أثار حنق الدكتور ياسين وغضبه هو في الواقع أنني اتخذت موقفاً مغايراً لموقف هو يتزعمه، فلم يتحمل أن يخرج أحد على موقفه، فيقف في الطرف الآخر المختلف. نعم لقد اتخدت موقفي، بعد قراءة متبصرة لواقع البلاد، وما آلت إليه تداعيات الحملة الانتخابية للمرشحين، فأيدت الرئيس علي عبدالله صالح مرشح المؤتمر ودعوت إلى تأييده، وإسناده، والتصويت له. فهو في نظري رجل المرحلة، والأفضل بين المفضولين، وصاحب التجربة التي لا تحتاج إلى شهادتي أو شهادة الدكتور ياسين. فهو القادر في هذه الظروف المعقدة، وهذا المنعطف الهام على قيادة البلاد والخروج بها من هذه التجربة الديمقراطية، الأكثر جدية إلى بر الأمان.

لقد فضلت الاستقرار على التغيير المفاجئ، الذي قد يعصف بالأخضر واليابس، وتتحول التجربة الوطنية الديمقراطية، إلى رماد تذروه الرياح، ذلك لأن التغيير كعنوان عام يقع في صلب كل البرامج السياسية، بما فيها برنامج الرئيس وبرامج الآخرين، وكل ينظر إليه من زاويته. والتغيير سنة من سنن الحياة، فلا مناص منه، ولكننا قادرون على درء مخاطره باختيارنا الأسلم والأفضل. وأظن الدكتور ياسين يذكر أنني قد عبرت عن هذا الموقف مراراً وتكراراً في المكتب السياسي، وفي اللقاءات العامة، والخاصة، فالديمقراطية في تقديري كأي كائن اجتماعي ينمو، ويكبر ويشتد عوده بالتدرج، والتراكم في الخبرة. وحذرت من سياسة حرق المراحل في الدورتين العاشرة والحادية عشرة للجنة المركزية قبل المؤتمر العام الخامس، وهي الدورات التي لم يحضرها الدكتور، وكذلك في الدورات اللاحقة. وقد حرصت أن يبقى موقعي متوازنا بين المتناقضات داخل الحزب بعيداً عن أي انتماء طائفي أو مناطقي أو شللي، أو أية حسابات ضيقة.

ولم أخف موقفي من مسألة التحالفات، عبرت عنه في الصحافة، وعبرت عنه في الاجتماعات الحزبية، المفتوحة والمغلقة. بل وأبلغت موقفي هذا للشهيد جارالله عمر، قبل أربع سنوات أو أكثر قليلاً، وبحضور عدد من أعضاء اللجنة المركزية، وقد احترمت في أطروحاتي وجهات النظر الأخرى.

وفي الوقت نفسه لم أستبعد ظهور تحالفات واسعة النطاق بين أقطاب مختلفة في الرؤى والمواقف، اذا ما استدعت الضرورة الوطنية، وافرازات الحياة السياسية في البلاد ذلك. واحترمت كل فعاليات اللقاء المشترك ولم يكن لدي حساسية من أي طرف. نعم لقد التزمت ولكن إلى حين رأي الأغلبية. حتى برزت تداعيات الحملة الانتخابية، وخطورتها على المسار الوطني والتجربة الديمقراطية، وما قد تذهب إليه في المحصلة النهائية. فأعلنت تأييدي للأخ الرئيس، دون تردد، فلم آخذ إذناً من أحد كما تعودت ذلك في المراحل والمنعطفات الصعبة. وكنت أعرف أن ذلك سيغضب أصدقاء ، وزملاء الأمس.

وإذا كان موقفي يثير غضب الأمين العام، فيدفعه إلى قول ما قال، فذلك لأنه يعلم، كما يعلم غيره من قيادات الحزب، أن موقفي هذا هو في النهاية موقف عدد غير قليل من قيادات الحزب وقواعده. وأدعي وأزعم صادقاً، وله الحق في أن يرفض، أن موقفي إلى جانب الرئيس نابع من إيمان وطني وحرص عميق على منجزات الثورة اليمنية والوحدة الوطنية والتجربة الديمقراطية. ولا أقبل ممن كان أن يشوه هذا الموقف أو يسخره لأهداف أخرى، لأن منصب الرئيس، الذي يتنافس عليه المرشحون هو أعلى مناصب الحكم، وأكثرها أهمية، وعلى من تختار الجماهير لهذا المنصب يتحدد مصير البلاد ومستقبلها.

نحن جميعاً في الحكم والمعارضة نعرف بأن علي عبدالله صالح سوف ينتخب رئيساً للبلاد. شخصيته، وماضيه النضالي وإنجازاته الكبيرة وقدرته على التسامح، كل هذه وغيرها عوامل تدفع به إلى نجاح ديمقراطي جديد. والأهم من ذلك أن الغالبية العظمى من أبناء الشعب وزعامات وطنية لا حصر بها تنتمي إلى كل أطياف العمل السياسي تقف إلى جانبه وتدعمه، فهل وقعت هذه الحشود الهائلة، وهذه الزعامات الوطنية كلها تحت إغراء المال. في الواقع كان اتفاقاًَ مع الرجل على برنامج واضح للسنوات القادمة يزيل آثار الصراعات السابقة والاحتقانات التي تعمقت بعد 1994م، وإعادة المبعدين من مدنيين وعسكريين إلى أعمالهم، وصرف مستحقاتهم التي توقفت منذ ذلك العام، وتعويض المتضررين في المدينة والريف ممن لم يتسلموا حتى الآن التعويضات العادلة. ربما كان أفضل وأجدى نفعاً لأنصار الحزب ومحبيه من خوض صراع خاسر. وقد أبدى الرجل بعد المؤتمر قدراً من التفهم ولكننا لم نولِ الموضوع حقه من الاهتمام.

إنني أتمنى للمرة الأخيرة من الإخوة في قيادة الحزب أن يقبلوا بصدر رحب حق الاستقالة وحق اختيار المواقف وحق التباين والاختلاف، فلا يحوَّل الخلاف السياسي إلى خلاف شخصي يخرج عن حدود اللياقة المتعارف عليها في الحوار، فالشتائم تستدعي شتائم أقذع منها، والتشكيك في ذمم الآخرين يحفز على الرد بما هو أكثر إيلاماً وأشد وقعاً على النفوس. وهو ما لا أحب ولا أرضى به. اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى