رمضان شهر الإحسان

> «الأيام» عبدالقادر المحضار:

> جعل الله تعالى شهر رمضان المبارك موسماً عظيماً كريماً، هيأ فيه لعباده الصائمين أسباب الطاعة بفتح أبواب الجنان، وتغليق أبواب النيران، وتصفيد مردة الجان، وضاعف ثواب صيامه مضاعفة لا يقدر قدرها إنسان، إلى غير ذلك من الفضائل التي يضيق عنها البيان، لذلك كان الاستكثار من أعمال البر وأفعال الخير أجل فرصة وأحسن وأعظم تجارة يغتنمها الإنسان في هذا الشهر، ألا وإن من أشرف خصال البر الإكثار من الصدقة، وتعهد الفقراء والمساكين، وتفقد الأرامل والأيتام وذلك لشرف الزمان، والمؤمن الحريص على أسباب المغفرة والسعادة يلاحظ الأوقات الفاضلة والأزمان المباركة المشرفة فيعمل فيها من الخير والبر أكثر مما يعمل في غيرها.

وشهر رمضان هو أفضل الشهور لأنه سيدها كما ثبت في الحديث- عند البزار- وهو شهر مبارك عظيم ما مر على المسلمين شهر هو خير لهم منه كما ثبت في الحديث- عند أحمد- فالإكثار من الصدقة في رمضان مطلوب لأنه زمن شريف مبارك، ولأنه ثبت في السنة ما يدل على الحث على ذلك وطلبه فقد جاء في سنن الترمذي وغيره عن سيدنا أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة صدقة في رمضان»، وفي الإكثار من الصدقة في رمضان إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين، على طاعتهم فيستوجب بذلك مثل أجرهم لما جاء في سنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عن زيد بن خالد الجهني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال:«من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء» وفي رواية للنسائي وابن خزيمة في صحيحه: «من جهز غازياً أو جهز حاجاً أو خلفه في أهله أو فطر صائماً كان له مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء».

وفي الإكثار من الصدقة في رمضان مواساة وتعاون ومساعدة في شهر المواساة والتعاون كما ثبت في الحديث عند ابن خزيمة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال عن رمضان:«وهو شهر المواساة وشهر يزاد فيه في رزق المؤمن»، وفي الإكثار من الصدقة في رمضان تعرض لأسباب دخول الجنة، وطلب لحصولها لأن الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة، كما في الحديث النبوي:«إن في الجنة غرفاً ترى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها، قالوا: لمن يا رسول الله قال: لمن طيّب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام» وهذه الخصال كلها تكون في رمضان، فيجمع فيه المؤمن الصلاة والصيام والصدقة، وقد جاء في الحديث عند مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال:«من أصبح اليوم منكم صائماً؟ قال أبوبكر:أنا، قال: فمن تصدق بصدقه؟ قال أبوبكر: أنا، قال: فمن عاد مريضاً؟ قال أبوبكر: أنا، قال عليه الصلاة والسلام فما اجتمعن في امرئ إلاّ دخل الجنة».

والإكثار من الصدقة في رمضان سبب لتكفير الخطايا واتقاء جهنم والمباعدة عنها، لأن الجمع بين الصيام والصدقة أبلغ في تكفير الخطايا سيما أن انضم لذلك تهجد، فقد ثبت في الحديث:«أن الصيام جُنة من النار، وأن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وأن قيام الرجل في جوف الليل كذلك يطفئ الخطيئة» فالصيام والصدقة والقيام كل واحد منها تكفر استقلالاً، فإذا اجتمعت هذه الخصال الثلاث للعبد كان ذلك أبلغ في التكفير، وقد جاء في الخبر الصحيح:«اتقوا النار ولو بشق تمرة» ومن ثم كان سيدنا أبو الدرداء رضي الله عنه يقول:«صلوا في ظلمة الليل ركعتين لظلمة القبور، وصوموا لها شديد الحر لحر يوم النشور، وتصدقوا بصدقة لشدة عسير» وفي الإكثار من الصدقة في رمضان تعرض لعطاء الله وجوده العميم لأن الله تعالى يجود في رمضان على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، فمن جاد على عباد الله جاد الله عليه بالعطاء الجزيل إذ الجزاء من جنس العمل، والإكثار من الصدقة في رمضان يجبر ما يقع في الصيام من نقص ويسد ما يحصل فيه من خلل، لأن الصيام لا يسلم غالباً من اقتران خلل أو نقص به، والصدقة تجبر هذا النقص والخلل، وليكون الصيام مكفرا إذ تكفيره للذنوب مشروط بالتحفظ مما لا ينبغي قولاً وفعلاً، والصدقة تساعد على ذلك، ولذلك كان جوده صلوات الله وسلامه عليه يتضاعف في رمضان ويزداد، كما جاء الحديث الصحيح:«كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان». وقال الإمام الشافعي:

أحب للرجل الزيادة بالجود في رمضان اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم وتشاغل كثيرين منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم.

وأعلم أنه ينبغي لك أن تبدأ بأقاربك الفقراء وجيرانك المحتاجين فإنهم أولى من غيرهم والثواب في الصدقة عليهم أكثر وأعظم، وينبغي لك الإسرار بالصداقة فقد ورد أن ثوابها يضاعف على ثواب الصدقة الظاهرة سبعين ضعفاً، قال تعالى:

{إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم..}.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى