علماء ومواقف

> محمد سالم قطن:

>
محمد سالم قطن
محمد سالم قطن
صلاح أي شعب وفلاح أية أمة، مرهون بصلاح شريحتين، فقط، من شرائحها، هما شريحة الأمراء وشريحة العلماء، وباقي الفئات والشرائح تأتي تبعاً. فإذا كانت هاتان الشريحتان صالحتين متناصحتين، على خير البلاد والعباد صلحت كل الأحوال واستقامت شتى الأمور. وإن كان غير ذلك، فقل على الأرض السلام.

روي أن أحد خلفاء بنى العباس تكدر ذات يوم وهو في مجلسه من ذبابة أخذت تحوم حول وجهه، فتساءل: لماذا خلق الله الذباب؟

أجابه على الفور أحد العلماء الأفذاذ وقد كان حاضراً ذلك المجلس: خلقها الله لكي يذل بها الجبابرة!!

وروي أن الخديوي (عباس) حاكم مصر، مر ذات يوم وهو يزور الأزهر الشريف بصحبة الأعيان والحاشية وقادة الدولة على أحد علماء الأزهر الأجلاء وهو في حلقة درسة وقد تحلق حوله طلبة العلم، وهذا العالم الجليل الفقير المعدم متكئ على السارية ممداً ساقيه، كعادته في درسه وقد تحلق حوله طلبة العلم، وهذا العالم الجليل لبفقير المعدم متكئ على السارية ممدًا ساقيه، كعادته في درسه كل يوم. اقترب أحد الوزراء لينبه الشيخ بمقدم الخديوي. لم يكترث الشيخ الجليل، ولم يقف هو أو تلاميذة، بل واصلوا درسهم كعادتهم.

أعجب الخديوي عباس بشجاعة هذا الشيخ واحترامه لنفسه وعلمه، وأرسل إليه في المساء مندوباً خاصاً إلى بيته يحمل كيساً مملوءاً بالجنيهات الذهبية، لكن الشيخ رفض استلام الكيس وانتهز المندوب الملكي قائلاً له: أخبر سيدك بأن من يمد رجله لا يمد يده.

وهذا الشيخ العلامة محمد الخضر حسين، شيخ الأزهر أوائل خمسينيات القرن الماضي، وقد سمع أن ثورة يوليو بعد قيامها بأشهر، تنوي سن بعض القوانين، رأى فيها الشيخ أنها تخالف الشريعة. فلما قام لنقد هذا الإجراء عند رئيس الجمهورية (محمد نجيب) وقتها، كلمه أصدقاؤه: إنه نظام عسكري ثوري جديد، ولا يؤمن عليك منهم، وقد يفصلونك من عملك. فقال: إنني أستطيع أن أعيش على الخبز والتمر، وخرج مرتدياً عمامته وجبته الأزهرية للقاء رئيس الجمهورية واعتراضه على ذلك بقوة. وكانت المفاجأة للجميع أن الشيخ ارتدى فوق زيه الأزهري كفنه، الذي سيكفن به عند موته. وكأنه رسالة لهم أنه لا يخشى إلا الله سبحانه وتعالى. فما كان من الرئيس محمد نجيب إلا أن وعده وهو يقسم اليمين أنه لن يقدم على سن أي قانون يخالف شرع الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى