في حوار مع الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ياسين سعيد نعمان:يبدو أن الكثير من القوى ذات المصلحة تريد أن يبقى اليمن محلك سر

> محمود معروف

>
ياسين سعيد نعمان
ياسين سعيد نعمان
يتفق اليمنيون علي نزاهة ووطنية وكفاءة الدكتور ياسين سعيد نعمان الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني، لكنهم وهو معهم، يدركون حجم العبء الذي يحمله في مهمته الجديدة التي تولاها العام الماضي، بعد غياب عن اليمن دام اكثر من عشرة اعوام في الامارات العربية المتحدة كمنفى اختياري بعد هزيمة حزبه في حرب الانفصال التي كان لياسين نعمان، احد رموز الوحدة اليمنية واول رئيس مجلس نواب في اليمن الواحد، موقف متحفظ منها. كنت التقيته قبل تسع سنوات في الدار البيضاء في المؤتمر القومي العربي السابع والتقيته مرة ثانية في البحرين عام 2002، وكان محور النقاش بحضور جار الله عمر عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني الذي اغتاله الارهاب الاعمى في ديسمبر 2002 ويحيى المتوكل عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام الذي توفي بحادثة سيارة في يناير 2003 وبهما خسر اليمن الكثير، لكن ياسين نعمان مازال يشعر بفداحة هذه الخسارة ويذكرني في منزله في صنعاء بجل حواراتنا وآراء جار الله والمتوكل وحديثه ممزوج بدمعات تعبر عن حبه لهما وحزنه عليهما.

كان الوضع اليمني مرة اخرى محور لقائي معه في صنعاء وحين كان الحديث يذهب باتجاه آخر كان يعود تلقائيا الى اليمن، ساعات يوم رمضاني، والانتخابات الرئاسية محور كل لقاء بين اثنين في صنعاء.

تحدث لي هذه المرة نثرا بدل الشعر الذي كان يجيبني به في لقاءات سابقة وياسين نعمان شاعر يمني مبدع لكنها السياسة التي كبلته وجعلت النقاد لا يولون شعره ما يستحق من اهتمام. اود ان ارد على اسئلتك بالنثر وليس بالشعر كما رددت على اسئلتك بالشعر قبل اكثر من تسع سنوات. قال قبل ان نبدأ وذكرني بقصيدة جميلة كتبها لي نشرت في «القدس العربي» واعادت صحيفة «الثوري» الناطقة بلسان حزبه نشرها بعد حذفها الابيات التي يذكرني بها.

< الى اين يذهب اليمن الآن بعد الانتخابات الرئاسية؟

- كنا نأمل لليمن ان يذهب الى حيث يستحق ان يذهب، وبكل تأكيد يستحق كل خير بعد ان اجتاز الكثير من الصعوبات والتحديات. لكن يبدو ان الكثير من القوى ذات المصلحة تريده ان يبقى محلك سر .

< هذه القوى تعمل منفردة ام متحالفة؟

- هي متحالفة مع نفسها مع مصالحها، متحالفة مع من تجده يخدم مصالحها وللاسف استطاعت ان تخلق هياكل السلطة التي تحميها وتحمي مصالحها. ولم تستطع بعد ان تخلق الدولة التي تحمي مصالح الجميع، مصالح الشعب، لذلك ابقت على مجرد هياكل للسلطة لا تحمي الا مصالحها.

< لكن من الجهة الاخرى ما تقوله اشارة الى ضعف المعارضة وتأثيرها في الشارع اليمني؟

- النظام السياسي عندما يكون ضعيفاً لا ينتج الا سلطة ضعيفة ومعارضة ضعيفة. وما نسعى اليه هو نظام بشقيه سلطة وطنية قوية معبرة عن مصالح الناس جميعا وهو ما يؤدي الى معارضة قوية. اما حين يكون نظام سياسي ضعيفاً فمعارضته ستكون ضعيفة.

معارضة ضعيفة

< لماذا لا تقوى المعارضة نفسها وبالتالي يقوى النظام السياسي؟

- نحن نعمل ما في وسعنا. نحن جزء من النظام وعندما تسعى اية معارضة لتقوية نفسها لا بد ان يكون لهذه القوة هدف نهائي، وهدفنا النهائي كمعارضة يمنية هو اصلاح النظام السياسي، وعملنا خلال الفترة الماضية بعض الجهود، فبعد ان كانت المعارضة ممزقة مشتتة، وبعد ان كانت لا تجد نفسها الا في محاربة بعضها البعض ازاء سلطة تتجه نحو السلطة، والمعارضة قامت بإيجاد اطار سياسي حيث شكلت ستة احزاب هي الحزب الاشتراكي اليمني والتجمع اليمني للاصلاح والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وحزب الحق واتحاد القوى الشعبية وحزب البعث الذي انسحب بعد ما يسمى باللقاء المشترك. وضعنا آليات لعمله وبرنامجا للاصلاح السياسي واعتقد ان المعارضة منذ ان نظمت نفسها استطاعت ان تساهم بفعالية في الحراك السياسي والذي تمثل مؤخرا في الانتخابات الرئاسية والمحلية.

< ما يجمع هذه الاحزاب ليس برنامجا سياسيا بقدر ما هو الخصومة للمؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم)؟

- لا، اطلاقا هذا مفهوم خاطئ. نحن لم نلتق معاداة المؤتمر الشعبي العام. التقينا لنوجد ميزاناً في الحياة السياسية. المؤتمر الشعبي كحزب نحن نشفق لحاله بعد ان استطاعت السلطة استيعابه. طلبنا من المؤتمر الشعبي ان يضع مسافة بينه وبين جهاز السلطة حتى يبدو كحزب سياسي لكنه قرر الاندماج بجهاز السلطة واصبح جزءا منه ومع ذلك طلبنا الحوار مع المؤتمر بأكثر من مناسبة.

لم يكن قيام المشترك اطلاقا ضد المؤتمر الشعبي. كان قيام المشترك لخلق اطار سياسي يساعد علي الاصلاح والحراك السياسي والدفع بالبلاد نحو الديمقراطية ووضع افضل.

- مازال المواطن اليمني يسأل عن كيفية لقاء سياسي بين حزب يتبنى الاشتراكية العلمية وتجمع اصولي قبلي وتنظيمات واحزاب قومية، او كما يقال سمك ولبن وتمر هندي؟

- ان الفوارق الفكرية والسياسية في التجربة الحزبية اليمنية ليست بذلك القدر الكبير الذي يجعل اللقاء مستعصيا. صحيح هناك خلافات فكرية كبيرة لكنها ليست خلافات جوهرية تمنع اللقاء. لقد شهد اليمن خلال العقدين الماضيين تحولا كبيرا في الحياة السياسية يكمن في منهجية التفكير الخاص بالاحزاب المختلفة حيث انتقلت جميعها من الاطار الايديولوجي الذي كان يقوم على اساس دوغمائي برفض الآخر الى القبول بعلاقات ديمقراطية بين مكونات الحياة السياسية، وهذا نتج عنه انتقال حقيقي في البنى السياسية والفكرية والتنظيمية مكنت الاحزاب من اللقاء على قاعدة المشترك بينها.

صحيح ان الانتقال بالحياة السياسية كان اسرع من الانتقال في الحياة الفكرية لكن استطيع القول اليوم ان برنامج الاصلاح الذي تبناه اللقاء المشترك اصبح قاسما مشتركا في الحياة السياسية مكنه من ان يخوض نضالا سياسيا معتبرا حتى الآن لذلك لم يمنع الخلاف الفكري من هذا اللقاء.

والديمقراطية التي اعتبرها الجميع قاسما مشتركا اعظم شكلت قاعدة للقاء الآن. الانتصار لها لكي تكون مستقبل الجميع او الناظم للحياة السياسية كان واحدا من اهدافنا الرئيسية. وعلى ضوء هذا نعمل.

جار الله عمر

< رفيقكم جار الله عمر جاء من مدرسة فكرية وايديولوجية قريبة من مدرسة وايديولوجية حلفاء لكم؟

- اغتيال جار الله موضوع يطول الحديث فيه. وقد لا يكون فكرياً بحتاً بمعنى انه ربما وظف الجانب الفكري في عملية الاغتيال لكن من الذي يقف وراء عملية الاغتيال هو ما نطالب بضرورة التحقيق فيه ومواصلة البحث عن الجناة الحقيقيين. لكن السلطة اكتفت بمن نفذ.

< كان صحيحا ان توجهوا اصابع الاتهام للسلطة مع ان الجريمة والجاني كانا واضحين؟

- لم نتهم احداً ولا نريد ان نتهم احداً. قلنا ان اغتيال جار الله هو اغتيال سياسي وليس اغتيالا جنائيا الذي ركزت عليه السلطة. والاغتيال السياسي لا بد من التحقيق بشأنه بصورة مختلفة عن الاغتيال الجنائي.

< الحملة الانتخابية للرئاسيات خلقت اجواء مشحونة بين المؤتمر الشــعبي واحزاب اللقاء المشترك؟

- اعتقد ان الخطاب في المرحلة الاولى كان في غير المسموح به. لم يكن ذلك الخطاب المتشنج الذي ربما ساد فيما بعد في بعض الاجواء التي تعمدت السلطة ان تخلقها.

السلطة عندما شاهدت الحملة الانتخابية للمشترك لجأت الى اسلوبين لاضعاف هذه الحملة، الاول هو العمل على تحويل الخطاب الاعلامي المتمحور حول برنامج الى شخصنة الحملة كالقول ان مرشح المعارضة مستأجر، وهذا خطاب غير لائق الهدف منه تحويل الخطاب من خطاب سياسي تربوي الى اتجاه آخر شخصي واتهامي وارباك الحملة. الاسلوب الثاني هو اسلوب التخويف والتوتر الامني بما خلقته من جو اخاف الناس وجعلهم ينظرون للحملة الانتخابية وكأن البلد مقبلة على حرب.

هذا ما حاولنا في المعارضة امتصاصه واستيعابه وتذكير السلطة بما رفعته من شعارات عن الديمقراطية ومستقبل البلاد، لكن لا حياة لمن تنادي.

< الحملة بــــدأت منكم، انتـــم من بدأ بتوجيه الحملة واصابت الرئيس علي عبد الله صالح شخصيا؟

- لم نقترب من الرئيس ولم نتهمه. تحدثنا مثلا عن الفساد كظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية. ولم نوجه خطابنا ابدا نحو الرئيس الا اذا اراد المؤتمر ان يقول ان كل شيء والفساد الذي تحدثنا عنه وحملنا مسؤوليته للمؤتمر ان الرئيس هو المسؤول عنه. وهذه مسؤولية المؤتمر.

< لكن بعض الخطباء تحدثوا عن الرئيس شخصيا؟

- اذا حدث هذا فلا بد له من المراجعة لكن نحن لم نتحدث وحرصنا منذ البداية على الا يكون حديثنا موجها نحو شخص لاننا اصحاب مصلحة في نجاح الديمقراطية انما الطرف الآخر، الذي ليس له مصلحة في نجاح الديمقراطية لجأ الى هذا الاسلوب.

< لماذا ليس لديه مصلحة؟

- اعتقد ان كل حركة سياسية لديها سلطة ليس لديها مصلحة ديمقراطية خاصة في هذه البلدان التي تعتقد فيها النخب الحاكمة ان الديمقراطية خطر عليها.

نخبة لا تحب الديمقراطية

< اذا كانت هذه النخبة الحاكمة تخشى من الديمقراطية وتذهب نحو انتخابات بحضور مراقبين فهذا يعني انها تعرف كم هي المعارضة ضعيفة ولا تشكل خطرا عليها؟

- لا لا، ما رأيناه مؤخرا ان هذه النخبة لا تستطيع الاعتماد علي الديمقراطية والنزاهة في الانتخابات انما تلجأ الى اساليب اخرى مثلما اشرت الى ذلك سابقا، اساليب التخويف والتزوير والزج بالسلطة لمواجهة الديمقراطية.

< الشهادات كلها بما فيها شهاداتكم كمعارضة تقر بأن العملية الانتخابية كانت عملية ديمقراطية متقدمة؟

- فعلا الحملة الانتخابية ممتازة وكانت عملية ديمقراطية متقدمة وان سادها بعض الارباك ولكن هذا يتعلق بالحملة الانتخابية اما في الاقتراع والفرز فالمسألة اختلفت وكأن هناك من يريد ان يقول استمروا بالحملة الانتخابية لكن يوم الاقتراع سيبرز ما وراء الاكمة ما وراءها.

< في عملية الاقتراع والفرز وقعت خروقات لكنها لم تهدد مصداقية العملية الانتخابية؟

- لا، كانت هناك خروقات خطيرة جدا سجلناها وهناك الآن عملية تحليل واسعة لهذه الخروقات ليس فقط للطعن بنتائج الانتخابات ولكن للاستفادة منها بالمستقبل.

ما اريد ان اقوله وبكل ثقة ان الانتخابات لم تجر بالشكل الذي يمكن ان نقول فيه انها عبرت عن ارادة الناس. وجرى في هذه الانتخابات ما لم يجر في انتخابات اخرى.

< مثل ماذا؟

- هل تعتقد مثلا ان التصويت العلني مقبول في انتخابات رئاسية. وهذا فرض فرضا في بعض المناطق التي فيها مترددون.

- اللقاء المشترك يتحدث عن خروقات وهذا لا ينكر لكنه لا يقرن حديثه بوثائق كما ان هذه الخروقات لم تكن منهجا او تمت وفق خطة؟

- نحن لا نتحدث بالهواء وليس فقط بما نعتقد انه صحيح لكن ايضا بما نجزم انه صحيح. نتحدث عن وقائع لاننا في واقع يفرض علينا ان يكون لدينا قدر من المصداقية لانه مجرد الحديث بالهواء لا معن« له لانه اذا عشاك اليوم لا يغديك غدا .

لم ندع لتدخل دولي بل طرحنا اسئلة

< قلتم باللجوء الى الشارع ودعوتم الامم المتحدة لاعادة قراءة الانتخابات؟

- هذه قراءة خاطئة لتصريحاتنا. نحن لم نهدد بالشارع ولم ندع الناس للنزول الى الشارع. كان هناك تعبير لاحد الاخوان اسيء فهمه. كان يريد ان يقول ان هذه النتيجة التي اعلنتها اللجنة العليا للانتخابات لا تعبر عن حقيقة وقوة المشترك واذا لم يصدقونا نأتِ بالناس الذين يؤيدوننا الى الشارع ونطلب من الامم المتحدة ان تعدهم. نحن نسأل هل النتيجة التي اعلنت تعبر عن عدد الذين شاركوا وحضروا مهرجانات اللقاء المشترك ام ان هناك شيئا ما نحن نقول شيئا ما. اذا كان رئيس لجنة الانتخابات يعلن عن نتائج قبل بدء الفرز وان تعلن نتائج انتخابات دون محاضر واستنادا على الاتصال التلفوني. ما الذي تريد ان نقوله حول هذا العبث ومحاولة الاستخفاف بالانتخابات وبإرادة الناس وبالعملية الديمقراطية؟ وعلى المؤتمر الشعبي ان يعلم ان هذا يسيء اليه ايضا.

< لماذا فعلوا ذلك؟

- هذا سؤال يوجه لمن فعل ذلك.

< هل تعتقد ان هناك تعمدا؟

- نعم هناك تعمد حقيقي للاساءة للديمقراطية والاستخفاف بتحويل العملية الانتخابية الجادة الى عبث ولاحظ المؤتمرات الصحافية التي كانت تعقدها لجنة الانتخابات وكيف يمارس هذا الاستخفاف بالديمقراطية والعملية الانتخابية وبالاحزاب المشاركة فيها.

مستقبل اليمن

< ما هو مستقبل اليمن بعد هذه الانتخابات؟

- نعتقد اننا امام محطة هامة في تاريخ اليمن فإما ان يسود الاحباط بين الناس من الديمقراطية ويتأكد الاعتقاد لديهم بانها مجرد لعبة ليس لها مستقبل لا في اليمن ولا في اي بلد عربي او ان يثبت اليمنيون، على غير ما يقال، انهم جادون في هذا الطريق. ما جري خلال الايام الماضية لم يثبت لدى اليمنيين ان لديهم شيئا آخر مختلفا عن الديمقراطيات في الوطن العربي. انا اقول ليس لدينا ما يختلف عن الآخرين لكن قد تكون لدينا سلطة اذكي لكن الجوهر والطريق واحد لذا علينا في هذه المحطة ان نثبت العكس.

< حتى عندما اعلن الرئيس عدم ترشيح نفسه وما تعرض له خلال الحملة الانتخابية اعطى الديمقراطية اليمنية دفعة ايجابية لانه نزع عن الرئاسة القدسية وجعلها مؤسسة متاح الوصول اليها لكل مواطن يمني؟

- هذه ايجابية بينة ونحن نتمنى فعلا مأسسة الحياة السياسية اليمنية لانه لا يمكن فعلا لن يكون هناك مستقبل لليمن الا بوجود مؤسسات قوية تستوعب طموحات كل فئات الشعب اليمني وفي نفس الوقت تمنهج مسارات وخيارات التطور الاقتصادي والاجتماعي. الافراد لهم دور اساسي في الحياة بلا شك ولا نستطيع القول ان الفرد ليس له دور في التاريخ. لكن هذا الدور ينتهي بنهاية الفرد، ولذا لا بد من المؤسسة التي تتولى الدور خلفا للفرد ان تحافظ عليه وتطوره ونحن في اليمن لا نبخس الانسان اشياءه ونعطي وواجبنا ان نعطي لكل انسان حقه في التقدير وحقه في التقدير والاحترام ونعطي كل من قدم خدمة حتى ولو صغيرة تقديراً كبيراً. دون هذا لا اعتقد انه من اخلاق اليمنيين. لكن نريد ايضا من كل انسان صورة مستقبلية تجعل المواطن يثق في المستقبل لكن كل ذلك رهين بقيام المؤسسة.

< هناك الآن مؤسســـات تشريعية ومحلية منتخبة؟

- اتمنى الا تكون هذه المؤسسات شكلية لان عدم وجود المؤسسات المستوعبة للتحولات التي تكلمنا عنها يتحول في مسار الحياة الى عمل شكلي لا ينتج اجابات صحيحة لتحديات ومشاكل الناس ولا يجد ايضا معادلا موضوعيا لما يمكن ان نعتبره طريقنا للمستقبل.

< وكيف ترون المؤسسات القائمة حاليا؟

- طبعا في حدود الامكانيات والظروف والمتعارف عليه لا يمكن ان ننسف كل شيء ونقول لا يوجد اي شيء. لا هذا غير ممكن بل اكثر من ذلك لا يمكن التقييم والانطلاق نحو المستقبل دون الانطلاق من شرعية ما هو قائم.

لكن هل هذا المتاح الموجود حاليا يستطيع ان يحملنا نحو المستقبل.

انا اجيب بأنه لا يحملنا نحو المستقبل لانه عاجز بمعني ان بناه التي تشكلت تشكلت بإرادة مختلفة عن ارادة الناس لحد الآن. علينا الآن ان نقوي المؤسسات التي تحملنا نحو المستقبل.

< ما هو دوركم كمعارضة؟

- نحن نقول ان دورنا خلال المرحلة الاخيرة كلقاء مشترك برز بشكل قوي على الساحة.

< الساحة الاعلامية ام السياسية؟

الساحة السياسية، بغض النظر عما جرى لكل هذا الموقف. واعتقد ان ما جرى خلال الانتخابات الاخيرة ان هناك سلطة سياسية تحركت في الوقت المناسب لكي تقضي على الجميع بما فيه المؤتمر الشعبي العام ونسفت المؤتمر من الاساس لانه لم يبرز على السطح وارادت نسف المعارضة وايضا الرئيس علي عبد الله صالح. وعلينا ان نبحث عن هذه السلطة الخفية التي تتعارض مصالحها مع او تضيق بالديمقراطية وتبرز في الوقت المناسب لكي تنسف الجميع.


سطوا على جهودنا
< كيف تتصور علاقتكم مع السلطة في المرحلة القادمة؟ وهل تتصور ان الخلاف يفسد للود قضية؟

- بالعكس نعتقد ان ما حدث يجب ان يعمق علاقتنا وتعاوننا واحترامنا لبعضنا البعض. لان ما جرى كان في اطار الديمقراطية والتنافس ولم يبلغ المدى الذي يؤدي لقطيعة.

< كانت هناك قساوة في الحملة؟

- ليست قساوة الحملة هي الاساس. المهم القساوة الاكثر ايلاما وهي ان يستولي الآخرون على جهودك. ولقد جرى الاستيلاء على جهودنا واغتصبت جهودنا بالقوة وبأساليب مختلفة وهي القسوة التي تحتاج الى معالجات من الطرف الذي قام بهذه القسوة.

- تقصد اللقاء المشترك؟

لا ليست لدينا القوة التي تستطيع الاستيلاء على او اغتصاب جهود الآخرين. لكن كما قلت هي السلطة الخفية التي تتسلل من بين الجميع لكي تغتصب جهود الجميع.

< هل سيستمر اللقاء المشترك بعد نفض غبار الانتخابات؟

- نعم وسيتطور لان اللقاء المشترك ليس للانتخابات لكنه اخذ على عاتقه ان يقوم بدور تاريخي في المسار الديمقراطي. وهو ايضا ليس تحالفا ابديا لكنه تحالف يقوم على اساس تسوية ارض الملعب كما يقال. واليوم التحالف لخمسة احزاب يمكن ان يكون غدا لسبعة او ثمانية احزاب. وقد يكون المؤتمر جزءا من هذا التحالف وقد يخرج منه الاشتراكي او الناصريون او الاصلاح.


بن شملان
< يقال ان ترشيح الدكتور فيصل بن شملان باسم اللقاء تم لان اللقاء لم يتفق على مرشح من بين احزابه؟

-كان امام اللقاء المشترك البحث عن شخصية وطنية تقبل به الناس.

< لماذا ليس ياسين سعيد نعمان؟.

- لا. من اليوم الاول اعلنت عدم الترشيح وناقشت المسألة مع نفسي واقتنعت بعدم الترشح ولم نناقش هذه المسألة من بعد.

< يقال ان عدم ترشح ياسين نعمان وترشيح فيصل بن شملان لان احزاب اللقاء المشترك لم تكن جادة في معركة الانتخابات الرئاسية؟

- لا. كنا جادين منذ اليوم الاول لانه لا بد من ان ننتقل بالحياة السياسية الى الدرجة الاعلى وكنا نعتقد ان الشعب قد فقد ثقته بالاحزاب السياسية وبدأ ينسحب من الحياة السياسية ويستسلم لمقولة ان الحياة السياسية صفقات تتم بين احزاب المعارضة والسلطة. تأتي الانتخابات ثم تبدأ الصفقات. قلنا لا، لا بد من معركة انتخابية تنافسية حقيقية ايا كانت النتيجة بشرط أن يشعر الناس ان هناك فعلا حراكاً سياسياً جاداً حقيقياً وان نرفع من هذا الحراك السياسي الى قوة جذب حقيقية للانتقال بالديمقراطية وبدأنا نتحدث عن صلاحية الادارة الانتخابية وانتخابات حرة ونزيهة وعن ضمانات سياسية وتقنية لاجراء انتخابات حرة نزيهة وآمنة. ولذلك اعتقد اننا كنا نتمتع بقدر عال من الرغبة في ان ننتقل من حالة التيه والاحباط لان استمرار هذه الحالة يحملنا بالدرجة الاولى كمعارضة مسؤوليتها. والانتخابات مهما كانت الشوائب هي احدى اهم السبل للانتقال من هذه الحالة من خلال الحراك السياسي الذي توجده.

الى يوم الاقتراع راكم الشعب اليمني اضافات جديدة لتجربته لكن حاولت القوى المتمصلحة ان تجهض هذا الحراك. بالطريقة التي اعلنت فيها النتائج بالطريقة التي تعاملت فيها مع النتائج حاولت ان تجهض في وعي الناس مسارنا الديمقراطي وهذا يسيء للمؤتمر الشعبي العام قبل ان يسيء لاحزاب اللقاء المشترك.

< نجحوا في هذا التشويه؟

- الى الآن نعم ما دام ليس هناك موقف جاد وفاعل من المؤتمر الشعبي يكونون قد نجحوا فعلا.

< هل في الافق صفقات معه؟

- لم اقل انه بعد الانتخابات ستكون هناك صفقات، قلت صفقات قبل الانتخابات لكن الآن قد تكون انتقلت لما بعد الانتخابات. نحن الآن في مفترق طرق وعلى المعارضة، ان تواصل طريق الاصلاح الذي اختارته وان تلتزم بالخط السياسي الذي اختطته وسارت عليه، واعتقد انها قادرة علي ذلك.

< الحزب الاشتراكي الى أين؟ اين موقع الحزب الاشتراكي في هذا المسار؟

- حزبنا ما زال يتعرض لمضايقات كثيرة وما زالت اعين السلطة تتركز عليه وتعبث داخله ومستمرة في محاولات خلق انشقاقات داخله، وبكل الاساليب لابقاء هذا الحزب رهين المحبسين. لكن الحزب يشق طريقه في الحياة السياسية بشكل طيب ومقبول، ويحقق نجاحات سياسية في كثير من المناطق التي كانت محرمة عليه، خاصة في انتخابات المجالس المحلية الاخيرة بالرغم من ان امكانياتنا كانت قريبة من الصفر لان امكانياتنا، مقرات واموال ما زالت مصادرة من السلطة.

< عدم تصفية هذا الملف حتى الآن لان الحزب ما زال متمسكا بشعارات قد تسيء للوحدة مثل الابتزاز الدائم باسم المحافظات الجنوبية وعدم نقد الحزب لموقفه من ازمة 1994؟

- فيما يتعلق بالنقطة الاخيرة فإن ما راكمه المؤتمر الشعبي من اخطاء تجعله هو تحديدا محلا للنقد. فبالاضافة الى اخطائه قبل 1994 وخلال 1994 وما بعدها اذ راكم من الاخطاء الكثيرة التي لا تجعله يحكم علي الآخرين وان من راكم مثل هذه الاخطاء عليه ألا ينتقد الآخرين قبل ان ينقد نفسه. عليه ان يمارس النقد لما مارسه ضد الآخرين وبحق شركائه بالوحدة. ولا اعتقد ان هناك حزباً علي الساحة اليمنية مارس نقدا ذاتيا كالحزب الاشتراكي لكنهم يريدون النقد الذي يريدونه، اي انهم يريدون الحزب ان يدين نفسه ولا يريدون النقد.

والمؤتمر الشعبي العام منذ ما قبل 1994 يحاول التهام الوحدة سياسيا بعد ان تفرد بالحكم واقتصاديا بعد ان سيطر على كل شيء وتاريخيا من منطلق انه من صنع الوحدة فماذا تريدنا ان نقول بعد كل هذا؟ فهل من الخطأ ان نقول اننا شركاء بالوحدة؟

< لكن حزبكم قاد محاولة الانفصال فيما بعد 1994 واعلنتم قيام دولة الانفصال؟

- هذا الموضوع يحتاج لبحث ووقفة حقيقية بمشاركة الجميع لتقييم ما حدث واسبابه، ولن نستسلم بكل تأكيد لموقف الطرف الآخر الذي يتهمنا بالانفصالية.

نحن ما زلنا نطالب بالبحث في تداعيات 1994 لكل الشركاء والاطراف، ولا يجب ان يسود وينتصر موقف الطرف المنتصر بالحرب، ويهزم موقف الطرف المهزوم ويلغى. اليوم اذا اردنا ان نستفيد من هذا الموضوع في بحثنا من اجل المستقبل فليكن بحثنا على هذه القاعدة اما البحث عن الادانة فأنا ارفض الحديث فيه.

< بحث سياسي او تاريخي؟

- السياسي والتاريخي الذي يقود الى مواقف تاريخية والاستفادة منه للمستقبل. وهذا يتطلب بحثا منهجيا واذا كان الهدف منه استذكار تاريخ حوله نزاع وتداعياته حولها خلاف، فالحديث او البحث يصبح بلا معنى. واذا كان الحديث دعوة للتفكير بأهمية ما يمكن ان نستفيد منه للمستقبل فعلى العين والرأس.

< لكن في كثير من الاحيان وحتى اليوم تظهر نزعات انفصالية داخل الاشتراكي؟

- للحزب برنامج اقره في مؤتمره الخامس يتحدث عن اصلاح مسار الوحدة وعن تصفية آثار الحرب وهما نقطتان مترابطتان، واصلاح مسار الوحدة يرتكز على نقطتين الاولى تصفية آثار حرب 1994 بشكل كامل وفي نفس الوقت اصلاح النظام السياسي.هذا هو المفهوم الذي يرتكز عليه موضوع اصلاح مسار الوحدة حسب برنامج الحزب. عندما سئلنا عن مفهومنا للاصلاح وتصفية آثار الحرب قلنا لهم هذه النقاط التي يفهمها الحزب ولا تفهموا كلامنا بشكل يشوه فكرة الحزب.

< هناك احساس بأن الحزب او بعض اطرافه تقدم نفسها كممثلة للمحافظات الجنوبية؟

- الاشتراكي حكم الجنوب ومسؤول اخلاقيا عن هذه المحافظات التي حكمها 28 سنة بل جاء الى الوحدة باسمها لان الوحدة كانت بين نظامين، نظام يحكم الجنوب ونظام يحكم الشمال.

< بعد انتخابات 1993 لم يعد هناك احد ممثلا للشمال او للجنوب؟

- صحيح وانا معك في هذا. وقبل الوحدة والانتخابات كان للحزب استراتيجية ورؤية وطنية لليمن ولو لم يكن الحزب يحمل هذه الاستراتيجــــية لما كانت الوحدة محورا اساسيا في برنامجه ولما اتى للوحــــدة متخليا عن السلطة ومقدما تنازلات اساسية كان كل ذلك وفقا لرؤيته.

< لم يتخل عن السلطة كان شريكا بالنصف؟

- لم يقدم حزب تنـــــازلات مثلما قـــــدم الحزب الاشتراكي من اجل استقرار اليمن ومستقبله. والحزب في اللحظة الراهنة يجمع بين مسؤولياته التاريخية تجاه المحافظات الجنوبية وهي مسؤوليات تكون جــــزءا من تكوينه السياسي والثقافي والاخلاقي لكن لا يدعي انه يمثل الجنوب لكن في سياسته هناك حيز واسع واهتمام اوسع للمحافظات الجنوبية، على الاقل فيما كان يراه من قوانين وانظمة وما طبقه في هذا المجال.

< صحيح انك قدمت استقالتك من الامانة العامة للحزب؟

- لم اقدم استقالتي بل قدمت طلب اعفاء من مهامي كأمين عام لظروف كانت قاهرة حيث وجدت نفسي امام مئات الناس من المشردين والمرضى والمتعبين، وهم كانوا اعضاء حزب وضحايا صراعات قديمة لا احد يستطيع مساعدتهم، وحاولت مساعدتهم لكني وجدت صدا فالحكومة لا تريد مساعدتهم هؤلاء يأتون الي ويفترشون الارض.

< ألست نادما علي العودة؟

- ابدا انا سعيد ومتمسك بعودتي وانصح كل انسان الا يغادر وطنه، واقول لكل من لم يجرب الغربة السياسية، وان كان معظم اليمنيين جربوا الغربة السياسية، بأن الوطن يبقى الاكثر دفئا ولذلك عندما اشاعوا اثناء الحملة الانتخابية ان المعارضة تتأهب لمغادرة البلاد قلت لهم يبدو لي ان من لم يجرب عليه ان يجرب ومن جربوا يتمسكون بأرضهم بأيديهم واظفارهم مهما كانت الظروف قاهرة.

< هل انت متفائل؟

- والله لولا اني متفائل لما كان يمكن ان اعود للحياة السياسية من جديد. الشعب اليمني شعب حي عندما يجد من يتفهمه ويثق به لكن عندما يجد من يفسده لا يقبل الفساد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى