الحبيب علي زين العابدين بن عبدالرحمن الجفري لـ «الأيام»:لست داعية وأرجو أن أكون من أهل خدمة الدعوة إلى الله

> «الأيام» سند بايعشوت:

>
الزميل سند بايعشوت خلال لقائه بالحبيب علي زين العابدين
الزميل سند بايعشوت خلال لقائه بالحبيب علي زين العابدين
قد تتحدث مع الحبيب علي زين العابدين الجفري حين تجده مصادفة خارجاً من مسجد أو أنهى محاضرة أو لقاء مع طلاب أجانب.. قد تطول هذه الفترة وقد تقصر بحسب رغبتك في إنهاء الحديث مع الحبيب.. لكن أن تضرب موعداً عبر سكرتاريته فإن الأمر هنا يتطلب (وسع بال) سيقال لك: الحبيب مشغول.. والواقع أن العبارة الأخيرة فيها شيء من الصحة، فهذا اللقاء الذي أجري مع الجفري الداعية الإسلامي المعروف كان قد تم في الواحدة والنصف بعد منتصف ليلة دافئة.. وبعد أن غفا الناس وهجعوا إلى مضاجعهم.

لا غضاضة أن تجد الحبيب علي زين العابدين نشيطاً وقد فرغ من لقاء مع طلبة أمريكان أو دنمركيين في الثانية صباحا، ثم يقول لك ببشاشة أنا الآن مستعد للحوار معك.

ومنظومة الحوار لدى الحبيب الجفري هي الأصل.. لذلك كان حوار الدنمارك الذي شارك فيه أثناء وعقب المقاطعة على البضائع الدنماركية هو أن يقول رسالة مفادها أن المقاطعة هي الاستثناء وأن الحوار هو الأصل.

الحبيب الجفري الذي شغل الناس بأحاديثه لا تشعر معه بأي حرج في الحوار .. وهو ذو ذاكرة وقادة، يحفظ اسمك من المرة الأولى وتظل صورتك في ذاكرته بالرغم من آلاف البشر الذين يقابلهم في رحلاته (وأوبته) إلى تريم حيث شيخة ومعلمه الحبيب عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ الذي لزمه اثنتي عشرة حجة.

الحوار التالي يتحدث فيه شاب عمره ست وثلاثون سنة، إذ أنه مولود بجدة في العام 1391هـ لكنه سبق سنه بكثير، ولعل هذا سر نبوغه وشهرته كما نبغ والده في السياسة.


< كيف توزع أوقاتك ومتى بدأت الدعوة ومن أي المدارس أنت؟
- الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على أشرف البريات صفوة الله من خلقه الدال على الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد.. فالفقير إلى الله عز وجل مسلم سني، تعلمت الفقه على مذهب الإمام الشافعي، وأكرم الله عز وجل المتكلم بصلة بعدد من المشايخ منذ الصغر ممن قرأت في أخلاقهم شمائل الحبيب صلى الله عليه وسلم قبل أن أقراها من الكتب، وهم من رجال حضرموت من اليمن الذين كانوا قد نزحوا إبان الفترة العصيبة التي مر بها جنوب اليمن إلى الحجاز، فنشأت في مجالسهم وفي دروسهم.. المدرسة التي تعلمت فيها، هذه المدرسة التي خرجت الدعاة الذين على أيديهم أجرى الله نشر الإسلام في جنوب شرق آسيا وشرق إفريقيا وغيروا خريطة العالم من حيث السكان مما أدى إلى تحول دول ذات أغلبية مسلمة.. دول إسلامية بغير حاجة إلى صدام أو عراك، بل بالأخلاق والمنطق وحسن المعاملة والصدق والإخلاص مع الله سبحانه وتعالى.. وأكرم الله عز وجل الفقير إلى الله بالأخذ من المشايخ الذين يمثلون المدارس الراشدة في الأمة من المذاهب الأربعة المختلفة ومن المدارس العلمية الدعوية والسلوكية المختلفة في الأمة مثل الشيخ محمد زكي إبراهيم والشيخ محمد متولي الشعراوي وعدد من المشايخ الأكابر ومن رجالات الشام مثل الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله والشيخ عبدالرزاق الحلبي، شيخ الجامع الأموي، والشيخ أبو الحسن الكردي والشيخ عبدالفتاح أبوغدّة، ومن مشايخ الحجاز محدث الحرمين السيد محمد بن علوي المالكي، ومن مشايخ الإحساء العالم الحنفي الشيخ عبدالرحمن الإحسائي رحمه الله تلميذ الشيخ عمر بن حامد المحرصي، صاحب المسند المعروف (ثبت مطمح الوجدان)، وعدد من المشايخ العلماء من مختلف بلدان العالم الإسلامي، لكن العمدة في ذلك مشايخنا الذين كانوا من حضرموت وعلى رأسهم الحبيب عبدالقادر بن أحمد السقاف والحبيب أحمد مشهور الحداد والحبيب عطاس الحبشي والحبيب محمد بن عبداللاه الهدار والحبيب إبراهيم بن عمر بن عقيل بن يحيى، كما أكرمني الله بالأخذ عن الحبيب أبي بكر بن علي المشهور، الداعية المعروف، وأكرمني الله عز وجل بصحبة لأكثر من اثنتي عشرة سنة مع شيخي الحبيب عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ حفظه الله ونفعنا به، وعدد من المشايخ الأكابر ممن حضرت مجالسهم مثل الشيخ محمد بن عبدالرحمن باشيخ والشيخ كرامة سهيل وعدد من المشايخ الذين لقيناهم ورأينا فيهم ما أشعل القلب بأن الانتماء إلى مدرسة هو انتماء إلى اقتباس من المصدر الأصلي وهي شمس النبوة تجعل الإنسان يتشوق إلى الاستفادة من المدارس الأخرى والأخذ عنها والتلقي .. هذه هي الإجابة عن جزء من سؤالك.

أما سؤالك متى بدأت الدعوة.. أسأل الله أن أكون خادماً للدعوة لا أزعم الآن أني قد صرت داعية أو أني من أهل الدعوة، لكن أرجو أن أكون من أهل خدمة الدعوة إلى الله عز وجل، ومنذ اليوم الأول الذي لقينا فيه مشايخنا وجدناهم يحبون نفع الآخرين، ووجدنا أن أعظم ما يمكن أن ينفع به الخلق والناس دلالة الناس على الله عز وجل، أذكر في أول مرة كان فيها إلقاء محاضرة، أن الناس تقوّم أنها دعوة بالمحاضرات.. إن مفهوم الدعوة هو أقدم وأوسع من ذلك بكثير.. لكن أول محاضرة كانت في عام 1411هـ وتوالت بعدها المحاضرات، من قبل كان النشاط الدعوي بالاجتهاد على الشباب وترغيبهم في الحضور إلى مجالس المشايخ.

أما الإجابة عن توزيع الأوقات فلا شك أني أعاني إشكالاً كبيراً في مسألة توزيع الوقت وأداء المهام المتعلقة بالخدمة، لكن دائماً نسأل الله عز وجل أن يرزقنا بركة الوقت.

< ما نتائج زيارتكم إلى كوبنهاجن والحوار الإسلامي؟

- ذهابي إلى الدنمرك هو اتباع لأمر الله سبحانه وتعالى والدعوة إليه بالحكمة والموعظه الحسنة، ولا يوجد عاقل أو فقيه في دين الله عز وجل يجد تردداً في فهم مقصود الذهاب إلى هناك أو لماذا تذهب، لأن صراع وجهد الأنبياء مع من يخالفهم قام على أساس أن يتيحوا للأنبياء مجالاً أن يبلغوا الدعوة فقط لأن أصل الصراع بين الأنبياء وبين من يعاديهم أنهم أرادوا أن يحولوا بين الأنبياء وبين إيصال دعوة الله عز وجل، ولهذا كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول «خلّوا بيني وبين الناس» كانت هذه طلباته لعتاولة كفار قريش من يجيرني حتى أبلّغ كلمة الله.. فالله أمر النبي موسى، وأخاه هارون أن {اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً ليّناً}.. ما قال انتظروا لما يجيكم بل قال: إذهبا إليه لعلّه يذكر أو يخشى.. مع أن الله يعلم أن فرعون لن يذكر أو يخشى، ولكن جعلها منهجاً أن الأصل وأن الداعية متى ما وجدها فرصة تحرك فيها، والحمد لله الذي حصل في الدانمرك أكثر مما كنا نتوقعه من فتح يسره الله عز وجل أولاً لنا في فهم ما يدور في الواقع وفي معرفة التخاطب مع عقليات تختلف عنا في منطلقاتها وفي فهمها لطريقة الحياة وفي تقييمها للأمور وأيضاً حصلت فرصة لإيضاح الكثير من الغموض واللبس لدى الذين حضروا الحوار من برفسورات وأساتذة جامعيين ومسؤول الكنيسة الكبرى في الدانمرك والشباب الذين حضروا، الذين جاؤوا من خلال مجلس الشباب الدانمركي، وهو أكبر مؤسسة شبابية تضم كمظلة المؤسسات الأخرى ينضم إليها ثمانمائة ألف شاب وشابة دانمركيين، وكانت هناك جولة ثانية للحوار واستضفناهم في أبوظبي.. كان على رأس الحوار الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله.. وبما أن الفقير مسؤول عن ترتيب الحوار الثاني طلب من وسائل الإعلام أن تتنحى قليلاً حتى لا ننشغل بآلة التصوير عن محاورة الناس، لقد وجدنا في ذلك أثراً مضاعفاً حتى أن الذين جاؤوا من الشباب الدانمركي سافروا وهم يبكون، بعد ذلك دعا مجموعة من الشباب وفيهم من الدعاة داعيان إسلاميان هما وليد مسعد (إمريكي من أصل مصري درس بالأزهر الشريف والشام) والثاني الأستاذ معز مسعود، الداعية المعروف باللغة الإنجليزية في قناة اقرأ.. ذهب مع مجموعة من الشباب إلى هناك وكانت لهم جولة الشهر الماضي.. في نفس الوقت الذي ذهب فيه اثنا عشر شاباً من المسلمين العرب إلى هناك.. جاء إلينا نحو خمسة عشر دانمركياً من الذين أسلموا أو الذين ولدوا في الدانمرك لآباء مسلمين وصاروا هم الجيل الثاني.. هؤلاء قضوا هنا مدة، بعضهم سافر لالتزامات دراسية وعملية فجاءوا لمدة اسبوعين (مدة الدورة) وهناك استمرار فيما بيننا وبينهم في إيصال الحقائق لمن يريد أن يفهم وفي محاولة إيجاد صوت في داخل المجتمع المسلم هناك يعي الواقع الذي يحيط به.

أود أن أشير إلى أن الشيخ علي جمعة مفتي مصر حفظه الله تعالى كان قد قال إن مواجهة مثل هذه الإشكالية ينبغي أن تقوم على أدوار.. المقاطعة هذه كانت دورا من الأدوار الشعبية، كانت شيئاً حسناً كعلاج جزئي ينبه أن هذا الأمر مرفوض.. أنتم لكم مصالح معنا يا حكومة الدانمرك ويا شعبها وهناك صلة والذي تصرفتم به مضر بهذه المصالح.. لغة الاحترام لبعضنا البعض إذا لم تفلح، فلدينا لغة الاتصال، فكان هذا الحل بهذه المقاطعة شيئا حسنا، لكن أن تتحول المقاطعة إلى شيء مؤبد لا تستطيع الشعوب أن تثبت على ذلك فليس هو الأصل.. الأصل في صلة المسلم بغيره التواصل وليس القطيعة لأن عندنا شيئا نوصله إلى الآخرين، وعندما يغيب عن المسلمين الإحساس بأن لديهم شيئا يمكن أن يقدموه إلى الآخرين يلجأون دائماً إلى المقاطعة كمنهجية لا كتكتيك جزئي.. فحين يتحول إلى منهجية معنى ذلك أنني أفلست ولم يبق عندي شيء فأقاطع، لكن إذا تذكر المسلمون ووعوا مسؤولياتهم وأنهم أصحاب مهمة، من خلال هذه المهمة لديهم ما يقدمونه للعالم فالأمر هنا مختلف.. الحوار هو الأصل والمقاطعة هي الاستثناء وهي شيء اضطر إليه المسلمون بسبب ما م ربهم، لكن الحوار أصل وواجب شرعي.. الله عز وجل أمرنا أن نبلغ دينه، وتبليغ الدين لم يك بالمقاطعة ولن يكون بالمصارعة ولا بالحرب.. الأخيرة وسيلة للدفاع عن النفس، لرد الاعتداء، لإزالة من يحجب الهداية عن الناس.. من يمنع إيصال الدعوة إلى الناس، هذا قتال.. والمقاطعة للفت النظر إلى أن هناك شيئا من الأذى قد وصل إلينا فانتبهوا حتى لا تتأذوا.. لكن الأصل ما هو؟ الحوار ولهذا الحمد الله كانت هذه الثمار التي ذكرنا بعضها وإن شاء الله يأتي ما هو أفضل.

< ماذا عن زيارتكم إلى ألمانيا وصحبتكم لوالدكم؟

- سيدي الوالد عبدالرحمن بن علي الجفري أبي وزيارة على أنه أبي هو رجل انتفعت به، وغذاني بمبادئ وأخلاقيات عرفتها قبل أن أعرف المشايخ والجلوس اليهم، رأيت فيه رجلاً صاحب مبدأ، اختلفت معه في مجال العمل نعم.. اختلفت معه في كيف يمكن ان نخدم نعم .. هو ارتأى أن يخدم بالسياسة وشرح الله صدر المتكلم.

لكن ذهابي مع سيدي الوالد حفظه الله إلى المانيا أولاً ذهاب ابن مع أبيه هذا واجب وحق من حقوقه علي،وثانيا ذهاب محب مع حبيبه، أنا أحب أبي فذهبت محبة لأبي وشعوري بحاجتي أنا إلى أن أكون معه أكثر من حاجته هو إلى أن أكون معه.. والحمد لله معه الوالدة ومعه أخي عبدالعزيز فذهابي لأني أنا أيضاً محتاج إلى أن أكون مع أبي.

وأما الرسالة التي يمكن أن أوصلها إلى الشباب الذين بلغهم ذلك فإني والشباب بحاجة إلى أن نراجع أنفسنا تجاه صلتنا بالخلق الذين يحيطون بنا على أساس صلتنا بالله سبحانه وتعالى، محبة الوالد للولد والولدة للولد والولد للوالدين شيء غريزي أوجده الله عز وجل في الحيوانات، ليس في البشر فقط ليس في المسلمين فقط، ولكن الفرق بين المسلم وغيره من الخلائق في نظرته لهذه الغريزة بأنها جزء من عبادته لله عز وجل واستجابته لها.

هناك تقصير كبير في مجتمعنا اليوم في الصلة بين الآباء والأبناء من الجهتين، فكلامي الآن مع الأبناء: بروا آباءكم تبركم أبناؤكم.. والبر سلف.. والبر ليس تفضلاً تقدمه إلى الأب وإلى الأم بل هو تفضل من الأب والأم أن أتيح لنا من خلالهما فرصة البر لنعيش قيمة نحن بحاجة إلى أن نعيشها، ولما بدأت هذه القيم الأخلاقية تضعف في مجتمعنا ولم يعد الناس مع انشغالهم بالحياة والأزمات والمشاكل والهموم والصراعات يشعرون بقيمتها أوحاجتهم إليها سقطت الأمة، فلهذا نحن بحاجة إلى البر أكثر من حاجة الآباء والأمهات إليه.

< أين وجدت نفسك في أسرتكم العريقة؟

- الأسرة التي ينتمي إليها الفقير إلى الله عز وجل كما ذكرت هي أسرة علم ودعوة إلى الله عز وجل في حضرموت وفي غيرها، في أندونيسيا وشرق افريقيا ومدارسهم موجودة في سريلانكا وماليزيا، وهذا العصر اختار جيلاً من أجيال أسرتنا الذي هو جيل العم محمد بن علي الجفري رحمه الله تعالى ومن ثم إخوانه الوالد وأبناء عمومتهم، أن يخدموا دينهم من خلال سد ثغرة موجودة كانت أيام الاستعمار، وهي السعي نحو تحرير البلاد ومن أثر المستعمر فكان هذا الأمر الذي نحا بهذا الجيل إلى منحى السياسة، ثم استمر مع توالي الأحداث والاضطرابات التي حصلت في البلد.. الفقير إلى الله وجدت نفسي مخيراً بين المسلكين، وكان الوالد يميل إلى أن أسلك معه مسلك السياسة ضمن مبادئ وأخلاقيات، فحاول بإلحاح أن أسلك هذا المسلك فقلت له سيدي إن كان هذا أمر كأب تأمر به ابنك ولو لم يكن مقتنعاً، أخلع العمامة وأضعها على جنب فندخل معك في جانب السياسة، لكن هذه العمامة التي وضعها على رأسي مشايخي وضعوها على رأسي على أساس أن لهم منهجاً.. المنهج هذا لا يفصل السياسة عن الدين، ولكن يجعل خطاب الدين شاملا للكل. عندما تخاطب السياسي يشعر كل سياسي انك تخاطبه لنفعه لا لتنافسه، لكن اذا لبست عمامتي ودخلت مجالسي نافست السياسيين الثاني والثالث والرابع، فيصبح خطاب الدين أحد الخطابات المطروحة ضمن منافسين في الساحة لكني حين أخاطب الناس بخطاب الدين أنك انت محتاج الى هذا الدين اياً كان توجهك إلى السياسة.. أنت وأنا بحاجة إلى أن نفقه ديننا أياً كان توجهك أيها الاقتصادي، أيها الاجتماعي، فلاشك أن هذا أعم للنفع، فقبل سيدى الوالد جزاه الله خيراً ذلك مني، وتركني على ما أنا عليه، وكلما مرت الأيام زاد القلب طمأنينة إلى أن هذا ينبغي أن يكون.

أنا استفدت من سيدي الوالد ومنحاه السياسي في إعطاء الفرصة للنظر إلى ما يدور في الواقع وما عليه الناس اليوم، هذه لا شك أنها فائدة استفدتها من هذا الوسط أو هذه البيئة التي أحاطت بي في نشأتي.

< وماذا عن منهجية الدعوة؟

- الحمد لله، الأوامر الربانية الواردة في كتاب الله، والأوامر التي صدرت عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم هي ملزمة متى ما آمن أن الذي أمره هو ربه وآمن أن الذي أمره هو نبيه صلى الله عليه وسلم فهو ملزم بقيامه بها، وتخلفه عنها دليل على سقوطه أو تأخره، وبعد ذلك مهمة الدعاة تقوم على أساس أنهم هم أيضاً آمرون.. مهمة الدعاة أن يرغِّبوا المسلمين في الامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى وسيد الدعاة صلى الله عليه وسلم الذي جعل الله أمره ملزماً للأمة «ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا» ومع ذلك فحين خاطبه الله {لست عليهم بمسيطر} فجعل الأصل في فهم معنى الدعوة أنه ترغيب وترهيب، أنه تحبيب أنه تشويق أنه إقناع أنه تحريك همة وإيقاظ قلب من غفلة، هذا مفهوم الدعوة الراقية ربط الخلق بالخالق سبحانه وتعالى، فلا يتأتى لمن يريد أن يخدم الدعوة أن يتقمص ثوب الربوبية بالأمر والنهي أو يرى لنفسه عصمة النبوة بل مهمته أن يربط بين الأمر والنهي بين الخلق.

أما السؤال عن المنهجية فلا شك أن المنهج واحد، ولربما تتجدد وتتنوع الألسن وأسلوب المخاطبة لخدمة المقصد نفسه، فالمشايخ الذين ذكرناهم والذين ذكرت منهم شيخنا محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله تعالى هم أيضاً أخذوا عن مشايخ قبلهم.. أخذوا روح المنهج والأمر والنهي من المشايخ الذين قبلهم كيف يفهمونه ثم بلّغوه إلى الناس بالطريقة التي تتناسب مع عصرهم.. والد شيخنا البوطي عالم عارف يشهد له أهل عصره بالولاية، كما له أسلوب في التخاطب مع الناس يتناسب مع مجتمعه وبيئته وزمانه وظرفه، انتفع به الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي وارتقى من خلاله ثم خاطب الناس بما يتلاءم مع زمانه ومكانه في المجال الأكاديمي وفي مجال التأليف والتصنيف والرحلات الدعوية والمشاركة في المؤتمرات وبعض هذه المجالات لم يكن والده يشارك فيها.. فتطوير الوسيلة والانتفاع من توسيع دائرة الأسلوب هو منهج الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي ومنهج الجيل الذي قبله.. شيخنا عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ حفظه الله تلقى المنهج عن ابيه وعن اشياخه ربما عبر عن طريقة خدمة المنهج بما يتناسب مع تغير زمانه ومكانه، فمراعاة مناسبة الزمان والمكان والأسلوب والوسيلة هي جزء من المنهج الموروث أيضاً.

< أنت لك أسلوب خاص في الدعوة؟

- سبحان من أظهر الجميل وستر القبيح لا أرى في نفسي من أهلية أو ميزات أستطيع بها أن أفيدك بإجابة غير أن الذي أعرفه إن كان هناك شيء حسن فيما يطرح على لسان الفقير إلى الله فهو بركة مجالسة مشايخي وأخذي عنهم وأثر المجالس التي أشعر أن القلب كان يسقى فيها من صدقهم وإخلاصهم وارتباطهم بسلسلة سند متصلة بالحبيب الأعظم صلى الله عليه وصحبه وسلم.

< ثمار دار المصطفى بتريم وخاصة للطلاب الأجانب؟

- شيخنا عمر بن محمد بن حفيظ له رحلة سنوية إلى أندونيسيا، والنسبة الأكبر من الخريجين في السنوات الماضية كانت من أندونيسيا يتفقد من خلالها أحوال الطلاب الذين تخرجوا، فيهم من أسس مدارس، وفيهم من يشارك في التدريس في مدارس سابقة وفيهم من ورث مدارس كان يقوم عليها آباؤهم، وفيهم من اشتغل بالدعوة العامة وفيهم من اشتغل بالدعوة في وسائل الإعلام، هذا الاجتهاد الحاصل هناك نسبة من المتابعة عندما يحتاجون إلى مشاورة أو التأكد من فتوى فهم يرجعون إلى سيدي الحبيب عمر في ذلك، فنوع المتابعة على قدر ما يستعينون به في وضوح الرؤية في المجال الذي يسيرون فيه، وأما تقرير تفاصيل أو سير العمل فهو راجع إليهم، لسنا حزبا ولا منظمة ونرى أن هؤلاء هم أدرى على فهم واقعهم منا.. فمهمة الدار هنا هي التربية على السلوك والأخلاق والسير إلى الله والتعليم كما ينبغي لفهم الشريعة وحمل همّ الدعوة والنظر إلى الفكر الدعوي في كيفية الخدمة، أما تنزيل ذلك على الواقع فينبغي أن يكون ذلك مهمة أهل البلد وكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها، والله عز وجل في كتابه أنه إذا أراد أن يرسل رسولاً فإنه يرسله بلسان قومه مع أن الرسول يأتي مؤيداً بالوحي.

< كلمة أخيرة.

- نسأل الله عز وجل أن يبارك في إخواننا القائمين على الإعلام هنا في اليمن.. في الإذاعة.. وفي صحيفة «الأيام».. والحقيقة أن صحيفة «الأيام» تؤدي دوراً كبيراً هنا في اليمن.. نسأل الله عز وجل أن يعين القائمين عليها والارتقاء بهذا الدور ليسهموا بسهم في أمر أحوج ما نكون إليه وهو البناء وخاصة بناء الذوات. نسأل الله التوفيق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى