الوحدة اليمنية .. من الجمهورية الأولى إلى الثالثة

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
سميت المرحلة الزمنية الأولى للوحدة اليمنية، والممتدة من تاريخ 22 مايو 90م إلى يوم 7/7/94م بالجمهورية الأولى، وفيها تم اقتسام (دولة الوحدة) بالمناصفة تقريباً ما بين شريكي الوحدة (الحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام)، وإذا كان المؤتمر الشعبي قد خرج من تحت مظلته الوطنية في تلك الحقبة، وتحت رعايته وإشرافه، الكثير من الأحزاب التي كانت تمارس نشاطها في إطاره العام في شمال الوطن، فإن الحزب الاشتراكي لم يستطع خلال تلك الحقبة حتى استيعاب فصيله الآخر المنهزم عسكرياً في حرب يناير 86م، والمسمى شعبياً بـ(الزمرة)، ناهيك عن مجرد التفكير في إمكانية الحوار البناء مع بقية الأحزاب السياسية العريقة ذات المنشأ الجنوبي كحزب رابطة أبناء اليمن (رأي) على سبيل المثال.. ونهج سياسي (بليد) لا يمكن عزله عن ذلك النهج الذي كان يخطئ فيه الحزب الاشتراكي في اليوم الواحد سبع مرات، حسب تصنيف ومقولة فقيد الوطن المرحوم عمر الجاوي، في تحليلة لأداء الاشتراكي في أزمة وحرب صيف العام 94م.

في تلك الحقبة الزمنية، أو (الجمهورية الاولى)، ثبت بالملموس أن اليمن الموحد، لم يكن ليتجاوز في أحسن الأحوال بالنسبة لطرفي المعادلة السياسية الأقوى حينها، أو شريكي الوحدة، حدود الغنيمة الممكن إضافتها إلى (الجردة السياسية) الحاصلة، وعلى هذا الأساس سارت الأمور في تلك المرحلة الانتقالية أو كما سميت حينها بـ(المرحلة الانتقامية)، استناداً إلى حجم الضغينة والعداء والمكيدة المدبرة والكمائن المرتبة من قبل الطرفين، والتي بالغ فيها وجدّ الشريك الآخر للاشتراكي، معطياً الانطباع الأكيد، بأنه سائر وفقاً لمعطيات المثل الشعبي الذي يقول باستحالة وجود أسدين في قفص واحد، وقد كان له ما أراد بما لم يكن حتى في حسابات المنجمين والمشعوذين والسحرة.

أما الجمهورية الثانية، فقد تجسدت في تلك الحقبة الزمنية الممتدة من تاريخ 7/7/94م حتى يوم 20/10/2006م وهو يوم الانتخابات اليمنية الأخيرة لرئاسة الدولة وللمجالس المحلية، وفيها وجد الحزب الاشتراكي نفسه وقد تحول بفعل المرحلة الأولى وحرب 94م إلى مجرد (نمر من ورق) بعد أن تم تقليم جميع أظفاره ونزع كل أنيابه ومخالبه، فانكشف الغطاء عن قياداته السياسية التي وجدت نفسها في بيئة جديدة قادرة على فرز الصفات القيادية لرموز الحزب الكبيرة، فإذا بها تائهة وغير متماسكة، وإذا بها تواجه الحقيقة الكبيرة التي كشفت قدراتها (القيادية والسياسية)، التي فاجأت الجميع بمن فيهم أنفسهم!!.. وفي هذه الحقبة أيضاً، وجد الذين ضاقت نفوسهم وأحوالهم، بالمساحات الضيقة والجبال الشاهقة، وقد حملتهم طائرات النصر إلى فضاءات (الجنوب) الواسعة، فتاهت معاني (الوحدة الوطنية) حيث تاهت قيادات الاشتراكي وحيث أجرمت في حق من لاتزال تقول على استحياء دون فعل يذكر، بأن عليها (دين أخلاقي) إزاء وضعهم ومآسيهم الكبيرة التي أفرزتها مظالم هذه الحقبة، وإن كنا لا نعلم كيف يمكن أن تتألم الضمائر وتنوح لتلك القيادات وهي تتسابق نحو استثماراتها الضخمة خارج صناديق دولة الوحدة!!

في وسط هذا الانكسار الكبير الذي طال (شركاء) باتوا بقدرة قادر مجرد (إجراء)، جاء مولد ما يسمى حالياً بـ (الجمهورية الثالثة)، وهي المرحلة التي انطلقت عجلتها منذ لحظة اعتراف (المشترك) بفوز مرشح المؤتمر الشعبي العام في الانتخابات الرئاسية، والمتوقع امتدادها حتى نهاية الخمس سنوات القادمة، وهي حقبة في غاية الحساسية والدقة، على اعتبار أنها مرحلة لا تقبل، بأي حال من الأحوال، ذكاء وعبقرية (التكتيك السياسي) بقدر ما يهمها وينفعها ذكاء وعبقرية (الفكر الاستراتيجي)، والتي نتأمل بوطنية كبيرة، وقلوب تواقة لمعانقة الفرحة الوطنية، والخالية من العقد ومن ترسبات الماضي رغم كل مآسيه، أن يقودها فخامة الأخ رئيس الجمهورية بجدارة، إذ لا سبيل أمامنا (ككل) إلا أن نختار هذا الطريق الذي يمكن أن يسير من خلاله وعبره كل اليمنيين بلا استثناء، والذي فيه وفي تفرعاته سيجد كل أبناء اليمن ما يمكن أن يشعرهم بحقوقهم المرتبطة بالتربة التي فوق عبقها ولدوا، وعليها يعيشون حالياً، وهي تربة وطنية (متنوعة)، تماما كتنوع الثقافة في كل منها، وتماماً كخصوصية تراث وتاريخ وجغرافية كل منها.. فهل يمكن للفكر الاستراتيجي المأمول، أن يتفهم أن هذا التنوع في الوطن (نعمة) وليس (نقمة)؟!

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى