ليت السنة كلها رمضان

> «الأيام» أسامة بن محمد الكلدي:

> الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فها هو رمضان يودعنا وقد آذنت أيامه بصرم وانطوت ساعاته كبرق عابر مضيء، أضاء بنوره الأرض سهلاً وجبلاً، وقد تجلت فيه نعم المولى سبحانه على العباد، حين فتح لهم أبواب الجنان، وأغلق ءبواب النيران، وصفد مردة الجان، ووهب لهم ليلة القدر التي من فخامتها وعظيم قدرها تعدل العبادة فيها عبادة بضع وثمانين سنة، وضاعف لهم فيه الأجور والحسانات، وغفر لهم ما تقدم من الذنوب والزلات، وزاد في الفضل عطاء غير مجذوذ فأعتق الرقاب، وأجزل الثواب، وكلما انسلخت أيام الشهر زادهم من نعمة وهباته، وأتحفهم بمزيد من مننه ونفحاته، ورغّب وشوّق النفوس لأداء هذه العبادة فأضافها إلى نفسه فقال عز من قائل:«الصيام لي وأنا أجزي به..» وهذا لم يقع لعبادة من العبادات سوى الصيام، فيا سعد الصائمين. فصار الصيام بهذا تكليفاً ضم تشريفاً، وفريضة تزكو من ورائها النفوس، لتتحرر من قيود الشهوات، وظلمات السيئات، وجوامح النزوات. فلاعجب بعد ذلك حين نرى الصائمين يتقلبون بين أيام رمضان ولياليه وقد ظهرت عليهم آثار صيامهم الإيجابية حيث سماحة الأخلاق، واحتمال الأذى، وبذل الندى، وحسن المعاملة، واجتماع القلوب والأبدان، وتوحّد الصفوف، والنظر في أحوال الآخرين، فتكافل الجميع وتكاملوا، وانبعثت الرحمة والمحبة، وظهر الود، وكبرت النفوس، وتآصرت الروابط، فكان لها - والحالة هذه - نصيب أوفر من قوله تعالى:{والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} (التوبة 71)، وقوله:{إنما المؤمنون إخوة..} (الفتح10) وانطبق عليهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» رواه البخاري. فكان من وراء ذلك بركة في العمر، وسعة في الرزق، ورغد في العيش، واستقامة الدين، وصلاح الدنيا.

فيا شهر الصوم ترفق، دموع المحبين تدفق، قلوبهم من ألم الفراق تشقق، عسى وقفة للوراع تطفئ من نار الشوق.. ما أحرق.

اللهم ربنا أعد علينا رمضان أعواماً عديدة، وأزماناً مديدة ونحن على خير حال.. آمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى