دفاتر «الأيام» فضل النقيب .. دفاتر تحولت إلى طاولة قلبها النقيب فوق رؤوس الجميع

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> أمامي عدد من المواد المطبوعة وهي من اليمين «دفاتر الأيام» للكاتب والصحفي الألمعي فضل النقيب ونص الحوار الذي أجراه محمد مساعد الصالح مع الكاتب الكبير محمود السعدني ونشرته مجلة «العربي» الكويتية في باب «وجها لوجه» الصادرة في مايو 1994م، وكتاب «أصوات غاضبة في الأدب والنقد» للكاتب الكبير رجاء النقاش وموضوع «لويس عوض في مرآة لويس عوض» للدكتور شكري محمد عياد المنشور في مجلة «الهلال» المصرية في ديسمبر 1990م، وقصيدة «تقرير سري جداً.. من بلاد (قمعستان)» للشاعر الكبير نزار قباني، المنشورة في ديوانه «قصائد مغضوب عليها».

مجمل قراءاتي للمواد السالفة الذكر كلها تصب في مجرى «قلب الطاولة» فهذا نزار قباني يقلب الطاولة على العرب في قصيدته «تقرير سري...» وبدأ بفتح النار عند مدخل القصيدة:

لم يبق فيهم لا أبوبكر.. ولا عثمان

جميعهم هياكل عظيمة في متحف الزمان

ويمضي نزار في صب ناره من بندقيته الشعرية ويوغل في قلب الطاولة فيقول:

جميعهم تخنثوا/ تكحلوا/ تعطروا/ تمايلوا أغصان خيزران/ حتى تظن خالدا.. سوزان/ ومريماً مروان/ الله يا زمان.

أما الكاتب الكبير محمود السعدني فقد استعرض مشواره المهني الطويل والضريبة الفادحة التي دفعها على أقساط في السجون والمنافي بين العراق والإمارات والكويت وليبيا ولندن، لأن سخريته العذبة سببت عذاباً له ولمن طالتهم تلك السخرية، وكان أبرزهم الزعيم الراحل أنور السادات الذي أصدر فرماناً بمنعه من الكتابة مدى الحياة.

هذا رجال النقاش يعرض نماذج من أصوات غاضبة قلب أصحابها الطاولة، فهذا الشاعر صالح جودت يقلب الطاولة على أدونيس وقال فيه كلاماً ما أنزل الله به من سلطان، وذاك د. لويس عوض يقلب الطاولة على مجلة «حوار»، وقدم النقاش نماذج أخرى من جلافة «قلب الطاولة».

أما أقرب الكواكب إلى كوكب «دفاتر الأيام» فهو الموضوع الذي كتبه الدكتور شكري عياد عن الدكتور لويس عوض، وقد خصه بمقدمة ورد في سياقها أن لويس عوض مزيج من المؤرخ والفنان وبذلك المزيج ألف كتبه وهي كثيرة ونوعية ومتنوعة، وقد كتب شعره ومذكراته وهو في لحظات استرخاء وكأنه يناجي نفسه وكرس موضوعه بعد ذلك حول كتابه الكبير «أوراق العمر» الذي قلب فيه الطاولة على كثيرين ومنهم من أفراد أسرته، وقد أبدى الروائي الكبير نجيب محفوظ عدم ارتياحه للكتاب الفضيحة واعترض د. عياد على ذلك بأن نجيب محفوظ هو أول من يعلم أن الفن فضيحة ودخل في حديث طويل.

النقيب يقلب الطاولة على الجميع إلا من رحم الله
توخيت الأمانة والصدق وأنا أدون انطباعاتي عن «دفاتر الأيام» وأقول: أطللت على الصفحة (5) من الدفاتر وهالني الدوي الهائل لقنبلة بلاستيكية أو قنبلة صوتية ألقاها الأستاذ فضل النقيب ورافقني ذلك الدوي الهائل حتى الصفحة (116) وعللت ذلك بأنه قدري الذي لا مفر منه، لأن الذي ألقى القنبلة هو على أقل تقدير صاحب برنامج «فنجان شاي» التلفزيوني البديع الأثير لدى قلوبنا في سبعينات القرن الماضي. الأستاذ فضل النقيب بتوصيف الأستاذ خالد عبدالله الرويشان، وزير الثقافة بحسب تصديره لـ«دفاتر الايام» في الواجهة الخلفية من الكتاب: «فضل النقيب .. رقة شاعر وموسوعية مثقف وشغف فنان وأريحية زعيم». تجلى ذلك التوصيف في ثلاثة أبيات شعرية وردت في الغلاف الداخلي من النسخة المهداة لي وهي من عنديات الأستاذ النقيب قال فيها:

نجيب يا أنجب الأبناء قاطبة/ أم المساكين تجلو فيك مرآها/ أيام كانت عروس البحر عن ثقة/ وصيتها يملأ الدنيا ونجواها/ يا «يابلي» أحاديثي مواصلة/ لذلك الدهر غطانا وغطاها.

فاتحة الدفاتر العام 1970 وخاتمتها خواتيم العام 1973
حملنا الأستاذ النقيب في جولة قلمية شملت (57) محطة بدأها بوصوله إلى عدن عام 1970 بعد تخرجه في جامعة القاهرة (قسم الصحافة بكلية الإعلام) وأنهاها بـ«العشاء الأخير» في الأيام الأخيرة من عام 1973م، عندما أسعفه الحظ بـ«فكة من مكة»، ذلك أن الراحل الكبير عمر الجاوي أشركه في وفد الأدباء والكتاب المغادر من الجنوب إلى الشمال برئاسة محمد سعيد جرادة وعضوية كل من محمود علي الحاج وفضل النقيب، وعند اطلاع الرئيس الراحل سالمين على القائمة قدم سؤالاً اعتراضياً: ما دخل هذا؟ في إشارة للنقيب وأحس النقيب بظهور الضوئين الأحمر والأخضر معاً أو المحنة والخلاص.

مررنا بمعية الأستاذ النقيب على عشرات الأعلام والمعالم والحكايات رواها على ذمته تصدرتها حكاية الأستاذ عبدالوهاب عبدالباري، عميد كلية عدن آنذاك ومشواره مع عمر الجاوي ومحمد سعيد جرادة وعبدالرحمن فخري وصالح الدحان وفريد بركات وطوسانه وعمر طرموم وسلطان عبده ناجي وسالم زين محمد (الذي ورد اسمه خطأ- سالم زيد محمد) وعبدالله فاضل فارع ومحمد مرشد ناجي وعبدالقادر العفيفي وشهادة صدق بحق الحكيم جورج حبش وغيرهم.

النقيب وقلب الطاولة
وردت حكايات وانطباعات للأستاذ النقيب عن عدد من الرموز منهم:

عبدالفتاح إسماعيل وسالم ربيع علي وعلي صالح عباد (مقبل) وعوض الحامد، وهي مسؤولية الكاتب وحده وقد يتفق معه البعض ويختلف معه البعض الآخر.

قدم الأستاذ فضل النقيب مادته بأسلوب غاية في الأناقة أو توخياً للدقة «السهل الممتنع» .

وقد بينت التجربة أنه كاتب موهوب ومثقف ينزع للشعر والآيات القرآنية كقيمة مضافة إلى قيمة أسلوبه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى