نصائح نبوية (18)

> «الأيام» علي بن عبدالله الضنبري:

> قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ افشوا السلام بينكم».

في هذه النصيحة النبوية ثلاث حلقات متداخلة: الإيمان والمحبة والسلام. فالإيمان هو الأساس الذي يهب النفس الأمان الروحي والاطمئنان القلبي والرضى الوجداني، لأن الإيمان إذا وقر في القلب صدقه العمل، ولذلك فلابد أن يكون عمل المؤمن نابعاِ من إيمانه، بل يكون المؤمن مأجوراً عند الله على كل عمل يعمله حتى ولو وضع لقمة في فم امرأته أو أحد أطفاله.. الإيمان واحة تعطي راحة وهدوءاً وسكوناً وأماناً وسعادة، وهذا ما ينتج عنه حب الله، وحب المسلمين إذ «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبة لنفسه». وإذا ما أحب المؤمن ربه استشعر في روعه وكيانه أسماءه الحسنى وصفاته العلى العظمى، فيتذكر ربه الكريم المعطي الوهاب العفو الغفور الستار.. الخ فيتخلق بأسمائه فيكون كريماً في عطائه لكل من يحتاج إلى مساعدة أو مساندة، ويكون معطياً من ماله وجاهه لوالديه ولأرحامه، ويهب مما أعطاه الله من علم أو حكمة أو خبرة أو معرفة، ويعفو ويتجاوز ويتسامح مع من أساء إليه، ويغفر لمن أخطأ في حقه، ويستر ما رأى من هنات وعيوب وأخطاء وهذا معنى قول النبي الأعظم (لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا).

أما (لن تؤمنوا حتى تحابوا) فإن لهذا القول أثراً واضحاً في العلاقات اليومية البينية التي يجب أن تقوم على الحب الصادق، فحينما يسبغ الأبوان حبهما على أولادهما فإن الجميع يعيشون في سلام ووئام وحب وتماسك ووحدة.. وإذا ما تحاب الناس فيما بينهم لما تخاصموا وتباغضوا، بل لتعاونوا وتضامنوا وتكافلوا وتكاملوا مع بعضهم لأن الحب يغلف الحياة بغلالة رشيقة شفافة من المشاعر والأحساسيس الإنسانية النبيلة التي تنزع الأحقاد والأضغان والكراهية، وتدفع إلى البذل والعطاء والسخاء والرحمة بالفقير والمسكين والأرملة واليتيم، ومن أجل ذلك حثنا ديننا الحنيف على الصدقة والهبة والهدية والزكاة المالية والزكاة البدنية (زكاة الفطر). ويركز النبي المعلم على (إفشاء السلام) بصفته سبيلاً ومسلكاً يؤدي إلى (المحبة) فإلقاء السلام جسر تواصل بين أطرافه، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (ألق السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف) بل جعل لإفشاء السلام أجرا وثوابا وجزاء.. ونهى عن منعه وعدم رده بل جعل (خيرهما هو الذي يبدأ بالسلام)، على عكس بعض الجماعات التي تتبنى منهج {واهجرني مليا} مريم 45. وحينما يفرض الإسلام على أتباعه (إيتاء الزكاة ) فإنه يهدف إلى إشاعة روح المحبة والود بين المسلمين، وإلى تجسير حالة العطاء والبذل والرحمة للفقراء والمساكين وذوي الدخل المحدود والمحتاجين وأبناء السبيل وذوي الاحتياجات الخاصة. وإقامة العبادات والشعائر كالصلاة والصيام والزكاة والحج لا تخلو في مضامينها ومبادئها من معان تربوية ونفسية واجتماعية واقتصادية ذات مردود إنساني عظيم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

مدرس بكلية التربية - جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى